ديبلوماسيّون حذروا جنبلاط من مُستجدات خطرة… “ما يُحضّر للبنان خطير”!
لطالما بدا رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط حائراً، وسط كل القضايا العالقة، لذا يبحث دائماً عن حلول لها، ويقدّم نفسه كوسيط لحلحلة الامور، فيسعى مع الحلفاء والخصوم معاً، حتى ولو كانت القطيعة سائدة معهم، لذا برز قبل فترة وجيزة كسياسي باحث عن فك العقد، مخافة ان يجيب على سؤاله التقليدي الذي يكرّره دائماً: “إلى أين”؟ والجواب: “لبنان الى المجهول”، لانه كان دائماً خائفاً وحاملاً الهواجس التي رافقت لبنان على مدى عقود من الزمن.
لذا حاول قبل اسابيع قليلة إستدراك الوضع السائد، فوقف على مسافة من حزب الله، لانه يريد حفظ خط الرجعة دائماً مع حارة حريك، فبدا وسطياً باحثاً عن فسحة امل رئاسية تنقذ لبنان واللبنانيين، لان الازمة كبيرة وسبل حلّها تصعب يوماً بعد يوم، فكانت زيارات ولقاءات مع بعض الافرقاء السياسيين، من ضمنهم “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، تحت عنوان إيجاد مَخرج للرئاسة، لكن إنطلاقاً من مبدأ انّ رئيس “الاشتراكي” لا يريد العداء مع احد، لانه سبق ان اعلن انه ليس مع محور ضد آخر، وبالتالي ليس في نيته فتح جبهة ضد اي طرف، مفضّلاً تغليب لغة الحوار.
وبحسب نتيجة تلك اللقاءات، لم يعد الحوار فاعلاً، لانّ الافرقاء الذين تولى لهم شرح مبادرته لم يساعدوه على تخطيها، بل عاد من حيث اتى. وفي هذا الاطار ينقل عنه المقرّبون إحباطه وندمه، لانه حاول ولم يساعده احد، فخفّت الحماسة لديه بعد ان بدا السياسي الوحيد المهتم بإيجاد حل للاستحقاق الرئاسي، حتى اكثر من المسيحيين المعنيين المتخاصمين دائماً، لذا لم يصل الى مبتغاه، لانّ احداً من الذين زارهم او زاروه لم يكن متحمّساً، فكانت إجتماعات امام الكاميرات، والنتيجة انّ مبادرته الرئاسية وُضعت على الرف، بإنتظار ان تعود للبحث من جديد لكن بصيغة مغايرة.
الى ذلك، ووفق مصادر “الاشتراكي” يردّد جنبلاط بأنّ الجميع سيعود في النهاية الى مبادرته، لكنه اليوم خائف من ان تعّم الفوضى ويُضرب الاستقرار، وتتفلّت الاوضاع في الشارع، وهو سمع ذلك من من بعض الديبلوماسيين والمسؤولين الذين يتخوفون من حدوث أمر ما، يؤدي الى ما لا يحمد عقباه، لذا حاول وفشل على الرغم من الكلام المعسول الذي سمعه من اكثرية مَن إلتقاهم، وهو إنطلق من فكرة عدم إلغاء احد حتى ولو كانوا من الخصوم، فيما يسجّل له منذ مدة عدم وجود خصوم له، لانهم غابوا وإستبدلوا بأصدقاء سياسيين وليس حلفاء، على غرار حزب الله، فهو ليس حليف ولا خصم لجنبلاط، بل صديق سياسي، وفي السياسة لا يدوم كل شيء نحو الايجابية ، ولا نحو السلبية، وجنبلاط لطالما كرّر بأنه لا يمكن إنتخاب رئيس للجمهورية من دون موافقة حزب الله عليه، اذ من الافضل ان يكون الرئيس مقبولاً من اكثرية الاطراف السياسية، خصوصاً مَن يملك جمهوراً واسعاً، وبالتالي لا يشكل إستفزازاً لأي فريق.
في السياق، ينقل المقرّبون من جنبلاط ايضاً، بأنه يتخوف من حصول حرب، اذا لم يتفق الافرقاء السياسيون في لبنان، لذا يشدّد خلال لقاءاته مع كوادر حزبه، على ضرورة الوعي والإدراك، لانّ ما يحضّر للبنان خطير، والمطلوب ان يكون الجميع على قدر المسؤولية، خصوصاً انه قارئ جيد في السياسة، ولا يخطئ ابداً في هذا المجال، لانّ الاصدقاء السياسيين في الخارج كثر وينقلون له حقيقة ما سيحصل، ومن هذا المنطلق صيغت مبادرته ببعض السطور الخارجية، خصوصاً من المملكة العربية السعودية، لطرح إسم قائد الجيش العماد جوزف عون، فأتى التأييد من قبل من إلتقى بهم لكن بشكل مبطّن، في إنتظار المستجدات والتطورات في المنطقة كما قالوا له وفق المقربين.
بإختصار، جنبلاط عاد خائباً من جولته الداخلية ، لذا أطفأ محركاته الرئاسية ووساطات موفديه، ولاذ بالصمت والابتعاد عن المواقف واللقاءات الاعلامية، لان لا شيء يقال، بالتزامن مع غياب دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى إنعقاد جلسات لإنتخاب الرئيس.
في غضون ذلك، ثمة مراقبون سياسيون مطلعون على السياسة المحنّكة التي يستعين بها جنبلاط عند الحاجة، يؤكدون بأنه حالياً يعيش فترة هدوء بحثاً عن مبادرة جديدة سيناقشها مع الحليف والصديق الدائم أي الرئيس بري، الى ان تصبح الظروف قادرة على إستيعابها لاحقاً ، لانّ كل طرف يتمسّك برهانه في الوقت الحاضر.
صونيا رزق- الديار