سر الوميض الزلزالي!
لعلك لاحظت وأنت ترقب شاشة التلفزيون وقلبك يتفطر على ما حل بجنوب تركيا وشمال سورية من زلازل شديدة وهزات ارتدادية، ذلك الوميض الغامض لأضواء ساطعة تشبه البرق في سماء المناطق المتضررة، والمصاحب للزلازل الشديدة منها، هذه الظاهرة أربكت المشاهدين ومعاصري الزلازل في مناطقهم وكثرت حولها التساؤلات وتعددت التفسيرات بين كونها عاصفة رعدية أو انفجارا في خطوط الكهرباء، وزعم البعض أن الزلزال ناتج عن برنامج الناتو المعروف باسم “برنامج أبحاث الشفق القطبي النشط عالي التردد” “هارب”، وأن الأضواء الساطعة دليل على ذلك، فما حقيقة هذه الأضواء؟
عند مراجعة التسجيلات بعناية، تبين للمراقبين أن الأضواء الساطعة التي ظهرت أثناء الزلزال جاءت من الأرض لا من السماء، ومن ثم فإن الافتراض بأن الضوء هو مجرد صاعقة مصاحبة للعاصفة الثلجية هو افتراض غير صحيح، لأن مصدر الضوء هو الأرض ثم ينعكس من السحب في السماء، ويظهر بوضوح أن اتجاه الضوء الساطع من الأسفل إلى الأعلى، وليس العكس.
كما يستبعد أن يكون الضوء ناتجا عن انفجار خطوط الكهرباء، حيث شوهدت الأضواء أيضا خارج المناطق السكنية، وبعيدا عن خطوط الإمداد ومحطات الطاقة، ولم تتبعها أي حرائق، واستمرت في الظهور حتى بعد انقطاع الكهرباء عن المنطقة، كما أن الاعتقاد بأن هذه الأضواء ناتجة عن برنامج “هارب” لا يوجد لها دليل علمي وتتنافى مع طبيعة البرنامج.
وفي الحقيقة أن هذه الأضواء تم رصدها من قبل شهود عيان في أكثر من مكان حول العالم ولعدة قرون، ودرس فريدمان فرويند أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة ولاية سان خوسيه، الباحث الرئيس في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” وزملاؤه، 65 رواية عن هذه الأضواء التي يعود تاريخها إلى 1600، ونشروا نتائجهم في رسائل أبحاث الزلازل في 2014، حيث خلصوا إلى أن الأضواء قد تكون ناتجة عن الشحنات الكهربائية التي يتم تنشيطها في أنواع معينة من الصخور أثناء النشاط الزلزالي مثل صخور البازلت والجابرو التي لها عيوب صغيرة في بلوراتها، يمكن أن تطلق الشحنات الكهربائية في الهواء وتظهر بشكل شائع قبل الزلازل أو خلال حدوثها، وليس بعد ذلك. وقد تفيد هذه الأضواء في التنبيه إلى حدوث الزلازل قبل وقوعها كما حدث في لاكويلا الإيطالية 2009، عندما رأى رجل ومضات بيضاء تنعكس على أثاث مطبخه في الساعات الأولى من الصباح، وأخذ عائلته إلى الخارج، وبعد ساعتين حدث الزلزال المدمر.
الاقتصادية
