لا رئيس ولا تشريع: ميقاتي يُحضّر للجلسة الرابعة… وتكويعة ضدّ باسيل!

لم يكن صحيحاً الكلام الذي سُرّب عن الرئيس نبيه برّي في اجتماع هيئة مكتب المجلس في شأن التمديد للمدير العامّ للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم. وخلاصته، كما ذكرت قناة “أم تي في”، “يمدّدوا في مجلس الوزراء، أنا غير معني، ولن أطلبها”!

لكنّ المؤكّد أنّ ما يُقال داخل الغرف والاجتماعات الضيّقة يتجاوز ما لم يقُله أصلاً برّي في اجتماع “الهيئة” لجهة الرأي المتردّد لرئيس مجلس النواب ببقاء إبراهيم في موقعه. حزب الله يعرف جيّداً ذلك، وهو العالِم بدهاليز “الدبلوماسية السلبية” بين الطرفين.

فعليّاً، اصطدم الحزب بعائقين شكّلا، للصدف السياسية، نقطة تلاقٍ في المصالح بين الرئيس برّي والنائب جبران باسيل. الأول “فخّخ” الطريق إلى ساحة النجمة بكلّ ما يلزم من الألغام لمنع انعقاد الجلسة، وعلى رأسها رفضه القاطع تمرير اقتراح قانون التمديد لكلّ المديرين العامّين في الإدارات والمؤسّسات العامّة والتنسيق مع كتلة الاعتدال الوطني ونواب سُنّة لجعل التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممرّاً إلزامياً للتمديد للّواء إبراهيم. وصل الأمر إلى حدّ تأكيد برّي لهذا الفريق رفضه انعقاد الجلسة إذا قاطعها جزء من النواب السُّنّة بتبنّي شعار “الميثاقية السنّيّة”. كما تصدّى قبل نهاية ولاية ميشال عون الرئاسية لإقرار قانون رفع سنّ التقاعد للمدراء العامّين الذي كان يمكن أن يستفيد ابراهيم منه.

أمّا باسيل فقدّم عرضاً مذهلاً في “التخبيص” السياسي في مقاربته لمبدأ انعقاد الجلسة التشريعية العامّة لمجلس النواب: وافَقَ بداية على التشريع مع سلّة مطالب معظمها غير طارئ، ثمّ انقلب على الجلسة التشريعية لأنّه، كما قال، “ليس فيها بنود ضرورية وملحّة”، ثمّ تسلّق سلّم الميثاقية وفق معادلة “لا جلسة من دون المسيحيين”، لينتهي الأمر بربط إقرار الكابيتال كونترول بسلّة قوانين إصلاحية أخرى غير جاهزة وثمّة انقسام سياسي ومالي كبير عليها.

النتيجة قطعُ الطريق أمام التمديد لإبراهيم بقانون في مجلس النواب كان يمكن أن يمرّ بسلاسة، مع توافر نصاب الجلسة، حتى مع مقاطعة الـ 46 نائباً من المعارضة ونواب آخرين. والأهمّ تخلّي باسيل عن أمّ المعارك من خلال عدم نزوله إلى البرلمان لكشف كثير من الحقائق التي واكبت إقرار الكابيتال كونترول من الحكومة إلى اللجان النيابية.

تفاوض باسيل على التمديد

يقول مطّلعون إنّ “باسيل خاض نقاشاً مستفيضاً في شأن آليّة التمديد لإبراهيم من خلال تأكيد رفضه قبول أيّ اقتراح آتٍ من الحكومة على شكل مشروع قانون، لأنّه يعتبر كلّ جلساتها غير دستورية، وتفضيله إقرار اقتراح قانون رفع سنّ التقاعد في مجلس النواب. لكنّ سقوط مطلبه بالتمديد لموظّفي الفئات الأولى والثانية والثالثة دفعه إلى التملّص من وَعدِه”.

بالطبع، كان من شأن إقرار التمديد لهذه المجموعة الكبيرة من الموظفين منح باسيل ورقة إبقائهم تحت سلطته ونفوذه.

تكويعة… ضدّ باسيل

يتزامن هذا الواقع مع رصد باسيل لحركة “التفافيّة” يقوم بها عدد محدود من الموظفين الكبار. تروي أوساط مطّلعة في هذا السياق أنّ “أحد الأشخاص الذي كان يشكّل اليد اليمنى لرئيس الجمهورية والقريب من باسيل لجأ إلى رئيس تيار المردة ونجله طوني فرنجية لحلّ أزمة يمرّ بها. وهو معطى بالسياسة يعني الكثير”.

الحكومة “شغّالة”

في محصّلة تطوّرات الأيام الماضية، وبغضّ النظر عن التخريجة القانونية التي لا يزال يُعمل عليها للتمديد للّواء إبراهيم بإصرار كبير من حزب الله، يمكن استخلاص الآتي:

– لا انتخاب لرئيس الجمهورية في المدى المنظور مع بروز معطى جديد تمثّل في كشف نائب التيار الوطني الحر جيمي جبور أنّ باسيل رفض النقاش مع حزب الله بأيّ اسم لرئاسة الجمهورية مشترطاً على الأخير التراجع أوّلاً وبشكل حاسم عن ترشيح سليمان فرنجية. وهو الأمر الذي تؤكّد كواليس الحزب أنّه أمر غير ممكن في المرحلة الراهنة، وهو ما استدعى تصعيد لهجة الهجوم الباسيليّ على الحزب وأمينه العامّ.

– لا جلسات تشريعية لمجلس النواب في المدى المنظور. يقول مصدر مطّلع لـ “أساس”: “التئام البرلمان للتشريع لم يَعد مُمكناً في حال أصرّ رئيس التيار الوطني الحرّ على المقاطعة، إذ سيفرض هذا الواقع على الرئيس برّي، حتى مع توافر النصاب، تجنّب عقد جلسة تفتقر إلى الميثاقية في غياب الأحزاب المسيحية الكبرى”.

– مِن ضمن السلطات الدستورية الثلاث يُسجّل نشاط سياسي على مستوى حكومة تصريف الأعمال التي تتحضّر، وفق المعطيات، لعقد الجلسة الرابعة في ظلّ الشغور الرئاسي تحت عنوان إعطاء بدل إنتاجي إضافي لموظفي القطاع العام وبدل نقل تمّ التوافق في شأنهما أمس خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية. ووفق معلومات “أساس” يتمّ التشاور حول بنود أخرى طارئة سيتمّ إقرارها في الجلسة المقبلة بحضور مؤكّد لسبعة عشر وزيراً.

إخبارات عن فساد “دوائر الجنوب”

في سياق آخر، اتّخذت حرب باسيل ضدّ الثنائي الشيعي وجهاً آخر من خلال تقديم عدد من المحامين المنتسبين إلى التيار الوطني الحر يوم الإثنين أمام النيابات العامّة في محافظات الجنوب والنبطية (المحامي خالد مكي) والبقاع (المحامية نيكول روحانا) وبيروت والشمال (المحامي ربيع معلولي) إخبارات تتعلّق بملفّ الفساد في الدوائر العقارية دفعة واحدة.

يقول مصدر في التيار: “النيابة العامّة في جبل لبنان حرّكت ملفّ الدوائر العقارية في بعبدا وعاليه والمتن وكسروان، لكنّها لا تستطيع تخطّي صلاحيّتها المكانية، وهو ما يعرّض موظفين في هذه الأقضية للملاحقة والمحاسبة دون غيرهم من الموظفين في باقي المحافظات، ولذلك تقدّمنا بهذه الإخبارات تأميناً لشمولية الملاحقة”. لكن المصدر ينفي وجود خلفية سياسية ضد الثنائي الشيعي “فالإخبارات شملت كافة المناطق من دون استثناء”.

تفيد معطيات “أساس” أنّ جميع هذه الإخبارات تمّ تحويلها إلى “شعبة المعلومات” للمتابعة والتحقيق. في السياق نفسه، بدا لافتاً تقدُّم نائب كتلة “القوات” زياد حواط أمس أمام النيابة العامّة التمييزية بإخبار يتّصل بجرائم رشوة وصرف نفوذ وابتزاز في كلّ الدوائر العقارية والدوائر الرسمية، متسائلاً: “ما الهدف من إفراغ الدوائر العقارية، وخصوصاً في جبل لبنان؟ وهل التحقيق ممنوع في باقي المحافظات؟”.

اساس

مقالات ذات صلة