جوزيف عون أم سليمان فرنجية: هل المطلوب وقف الانهيار أو زيادة جرعاته؟
تنشط الماكينة الإعلامية الدائرة في فلك «حزب الله» والناطقون باسمه في تشويه صورة قائد الجيش جوزاف عون وسمعته. وتعمل على إلصاق تهم الفساد به وبإدارته للمؤسسة العسكرية.
والهدف ليس متعلقاً بشخص القائد، او بثأر قديم، أو بموقف سياسي، أو عقائدي، أو بالتركيز على أنّه مرشح الولايات المتحدة… أو… أو… ليتم تصنيفه، ببساطة، على أنه ليس أكثر من «عميل» كما باقي العملاء على وفرتهم في الكيان اللبناني المفخخ ضدّهم وضدّ وجودهم وضدّ سلاحهم.
الهدف يرتبط بخيار «الحزب» الرامي إلى تعيين رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، دون غيره، رئيساً للجمهورية اللبنانية العظيمة والفاخرة. ولأنّه يبدو أنّ جوزاف عون وفرنجية وصلا إلى النهائي، كما تسرّب من اللقاء الخماسي الباريسي، تغيّرت قواعد اللعبة. وبعدما كانت سمة الحياد حيال القائد هي السائدة، أعطيت الأوامر بالانقضاض عليه، وبالمباشر.
وكان قد سبق هذا الانقضاض ولحقه ترويج لاحتمال انتخاب فرنجية رئيساً بحضور ثلثي أعضاء المجلس وبأصوات 65 نائباً، ومن لا يعجبه فليبلّط البحر. ولكن أكثر من لا يُعجبه الأمر هو الصهر المدلل والحليف السابق للحزب جبران باسيل. صحيح أنّ باسيل كان السبَّاق إلى قصف جوزاف عون واتهامه بالفساد، وهو حاضر لقصف أي شخصية مارونية، يُطرح اسمها بجدية للرئاسة، لأنّه لا يستوعب وصول غيره إلى كرسي بعبدا.
وصحيح أنّ «الحزب» عندما يقرر يجد غالباً الوسائل لفرض قراره بالإقناع المتدرج، مهما كانت تكاليف هذا الفرض على اللبنانيين، ما يعني أنّ صولات الصهر وجولاته وخطاباته النارية التي يصوِّب من خلالها أحياناً على قدميه، لن تُغيِّر في القرار المحوري.
لكن، وبمعزل عن كل ما يتعلق بحيثيات المرشحَيْن غير الرسميَّيْن إلى نهائيات الرئاسة، المفاضلة بين هذين الخيارين تشير إلى أنّ فرض فرنجية له محاذيره المتعلقة بالبيئة المسيحية تحديداً، التي يريد الصهر احتكارها، ويرضى نظراً للظروف القاهرة بشراكة «القوات اللبنانية» معه فيها. وهو يجيد اللعب على أوتار غرائزها، سواء لجهة البكاء على الحقوق المهدورة بفعل تسلط الآخرين (أي المسلمين تحديداً)، أو لجهة الترنّم بنغمة «الفيدرالية» الملطّفة باللامركزية الإدارية.
وهو يحسب أنّ الطرف المسيحي الآخر لا بدّ سيلاقيه في منتصف الطريق، إذا ما وصلت الأمور إلى نقطة انتخاب فرنجية بالإرغام وعدم مراعاة «حق المسيحيين في اختيار ممثلهم».
باختصار، خيار فرنجية ربما يفتح الباب على انفجار قنابل موقوتة وجاهزة في النسيج الاجتماعي اللبناني، وتحديداً إذا ما ترافق مع تشويه صورة قائد الجيش وتصويره مرشح الأميركيين. وأيضاً ببساطة، مثل هذا الطرح قد يضرب المؤسسة العسكرية، الوحيدة المتماسكة حتى تاريخه، وقد يساهم في تشظّيها وتشرذمها كما حصل لباقي المؤسسات الرسمية في جمهوريتنا العظيمة والفاخرة.
لذا، وإذا سلمنا جدلاً أنّ «حزب الله» يريد وقف الانهيار في لبنان، ووضعه على سكّة التعافي، وإن بقيادته وتحت سيطرة محوره، من الأسلم له تعيين جوزاف عون رئيساً للجمهورية، لأنّه بذلك يقطع الطريق على نغمة باسيل الفئوية بشأن حقوق المسيحيين، لأنّ لقائد الجيش في الوجدان المسيحي أكثر بكثير مما لفرنجية، بالتالي هو يسلب الحليف السابق ورقة توتير الساحة المسيحية.
والأهم أنّه يحفظ المؤسسة العسكرية التي لم تتصادم مع سلاحه غير الشرعي تحت قيادة جوزاف عون، فالقائد لم يخطئ في هذا الأمر، ولم يخرج عن معادلات «الحزب» الأمنية وسع الحدود اللبنانية البرية والبحرية والجوية… بالتالي لا خسارة معه ما دام سيستوي له التفرد بالقرار اللبناني. اللهم إلا إذا لم يكن المطلوب وقف الانهيار، وانما زيادة جرعاته.
حينها الله يستر!!
سناء الجاك- نداء الوطن