لا حلحلة في انتخاب الرئيس: لفت نظر أو تهديد بالعقوبات من سفراء “الخماسي”

إلى لبنان وصلت رسمياً أجواء اجتماع باريس «الخماسيّ» ومقرّراته. جال سفراء الدول المشاركة على المسؤولين تباعاً لإبلاغهم بأجواء النقاشات وتوضيح الإلتباس لعدم صدور بيان رسمي عن ممثلي الدول المشاركة. في الأساس لا توصية رسمية يتبلّغها لبنان ولا مقرّرات، مجرد «لفت نظر» للمخاطر التي ستنتج عن استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة والتنبيه إلى أنّ الدول ستساعد لبنان بقدر ما يساعد نفسه على الخروج من أزمته.

على مدى أسبوع إستمرّت التسريبات حول مداولات المجتمعين، منها ما هو سلبيّ ومنها ما هو إيجابيّ. بطبيعة الحال فإنّ الدول الخمس المعنيّة بلبنان اجتمعت لمناقشة وضعه لوجود تباين في مقاربة الوضع ونظرة كل دولة للحلول المفترضة.

رمى وفد السفراء الكرة في الملعب اللبناني. أعدّت الدول المجتمعة مسودة بيان ختامي لم تجد حاجة لإعلانه في ظلّ الخلاف في وجهات النظر حول مقاربة الوضع اللبناني فكان الإتفاق على تنبيه المسؤولين إلى خطورة الوضع الراهن وتداعياته. لم يكن كلام السفراء بالمباشر عن عقوبات وآثروا عدم استخدام المصطلح مباشرة واستعاضوا عنه بعبارة ضغوطات لعلّها تفي بالغرض. ذلك لأنّ البحث في فرض عقوبات اعتبره المشاركون غير ذي جدوى ودونه صعوبات، فأيّ عقوبات قد لا تجدي نفعاً، ومن سيفرض عقوبات على من؟ ومن يراقب وضمن أي جدول زمني؟

من عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري انتقل وفد سفراء الدول الخمس التي شاركت في اجتماع باريس الى السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ضمّ الوفد سفيرة الولايات المتحدة في لبنان دوروثي شيا، والسفيرة الفرنسية آن غريو، وسفير جمهورية مصر العربية الدكتور ياسر علوي، وسفير دولة قطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي والمستشار في سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان فارس العمودي نظراً لوجود السفير وليد البخاري خارج لبنان.

وفي المقرين إلتزم السفراء الصمت إلا ما رشح عن جولتهم فنقلت أجواء السراي عن السفراء تأكيدهم أن «عدم صدور بيان عن اجتماع باريس مردّه إلى أن الاجتماعات مفتوحة ومستمرة من أجل دعم لبنان والتشجيع على انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، و»أنّ الدعم الحقيقي للبنان سيبدأ بعد انتخاب الرئيس العتيد، ومن ثم متابعة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة». وشدّد السفراء «على أنّ عدم انتخاب رئيس جديد سيرتّب إعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان، لأنه اذا لم يقم النواب بواجباتهم فالدول الخارجية لن تكون أكثر حرصاً من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم».

من اطّلع على مسودة محضر الإجتماع استخلص وجود مبارزة سعودية فرنسية. حاول الأميركي دعم الموقف السعودي، إلتزم المصري الصمت فيما لم يغادر الجانب القطري سقف الموقف السعودي والتماهي معه. ما يحمل المطلعين على القول إنّ الجانب السعودي تمكّن من فرض شروطه. وفي موضوع رئاسة الجمهورية تم التداول باسمين هما رئيس «المرده» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون.

غير أنّ مصادر مطلعة على سير النقاشات قلّلت من شأن الحديث عن تباين في وجهات النظر، وقالت إنّ مجرد جولة سفراء الدول المشاركة تعني توافقهم مجتمعين على وجود مشكلة تستدعي التدخل ولو لم تصدر قرارات ملزمة. واعتبرت أنّ المجتمعين وضعوا خارطة طريق لانتخاب رئيس جمهورية توافقي وتسمية رئيس حكومة توافقي، أي أنّ البحث لم يقتصر على الرئاسة الأولى فقط، وعلى عكس ما يشاع فقد استخلص المجتمعون أنّ السعودية لا تتمسك بمرشح رئاسي تابع لها مئة بالمئة وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس الحكومة، لتجزم التوافق على التوافق كمبدأ أساسي بين المجتمعين.

وتابعت البحث بخصوص الرئاسة الأولى والذي تركز على الاسمين المتداولين وهما قائد الجيش الذي يحتاج ترشيحه إلى تعديل دستوري يبدو صعب المنال في ظل الإنقسام الحاصل في مجلس النواب، وفرنجية وهو مرشح اعتبره بعض المشاركين أنه مرشح «حزب الله» للرئاسة. وتداولت مصادر أخرى أنّ البحث لم يقتصر على الرئاسة الأولى بل كان هناك توافق على تلازم الرئاستين وقد تم التطرق الى أسماء محتملة لرئاسة الحكومة من أمثال تمام سلام ونواف سلام ونجيب ميقاتي.

وتشدّد المصادر على أن النقاش وإن كان شهد تبايناً في وجهات النظر بين الدول المشاركة وهذا طبيعي إلا أنّ الخلاصة جاءت بالإتفاق على ألا تكون هناك توصيات صدامية، وقالت إنّ عدم صدور بيان عن المجتمعين مرتبط بطبيعة الاجتماع وكونه عقد على مستوى مستشارين بما لا يستدعي صدور بيان أو توصية يمكنها أن تكون ملزمة بالدولة المعنية حسب ما قررت وزيرة الخارجية الفرنسية. وتابعت المصادر قائلة إنّ الدول المشاركة لم تتقصد التصادم بدليل استخدامها مصطلح الإستراتيجية الدفاعية بدل سلاح «حزب الله» واحترام القرارات الدولية لتصرّ على أنّ الأجواء التي سادت لم تكن سلبية بالمطلق.

ومن المقرر أن يستكمل وفد السفراء جولاته على القيادات اللبنانية وستشمل البطريرك بشارة الراعي و»حزب الله»، على ألا تكون للسفراء مجتمعين وإنما تستقبل كل جهة سفراء الدول التي تربطها بها علاقة جيدة. فتزور السفيرة الفرنسية وسفير قطر «حزب الله» لوضعه في جو النقاشات التي حصلت لكونه طرفاً أساسياً في النقاش الدائر وإن لم تكن إيران من الدول المشاركة. وخلصت المصادر إلى القول إنّ الإجتماع وإن لم يخرج بما هو ملزم إلا أنه يمكن البناء عليه لتوقع حلحلة في انتخاب الرئيس في المدى المنظور.

مجرد الإجتماع للتشاور قد لا يفي بالغرض في معالجة أزمة فراغ رئاسي وتداعياته، خاصة أن لا حديث عن متابعة البحث أو رفع توصيات الى مسؤولين على مستوى وزراء خارجية مثلاً، ما لا يدفع للإغداق بالتفاؤل لكنها تبقى محاولة، المجدي فيها عودة لبنان إلى محور الإهتمام الدولي وهذه بحد ذاتها قد تكون المؤشر.

غادة حلاوي- نداء الوطن

مقالات ذات صلة