جعجع: أولوية “الحزب” رئيس يدين له بالولاء
أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “أولويات “حزب الله” ليست كأولويات المواطن اللبناني ولهذا السبب وصل الأخير إلى ما وصل إليه اليوم، فعلى صعيد الانتخابات الرئاسية من مصلحة المواطن اللبناني أن يجري هذا الإستحقاق البارحة قبل اليوم وأن يأتي رئيس اصلاحي، سيادي غير فاسد يبغي فعلاً بناء الدولة، في حين ان أولويّة “حزب الله” هو الإتيان برئيس يدين له بالولاء الكامل بغية مساعدته في بناء المحور ككل، بدءاً من الضاحية الجنوبيّة في بيروت وصولاً إلى طهران ومن ثم إلى صنعاء، من هذا المنطلق يقوم “حزب الله” بتعطيل الإنتخابات الرئاسيّة”.
وأوضح في حديث الى “القاهرة الإخباريّة”، أنه “في حال أراد “حزب الله” الإنتقال من ترشيح رئيس تيار المرده إلى مرشّح آخر فالامر سيان، باعتبار أن هذا “الآخر” يريده مشابهاً لفرنجيّة، لأن أولويته هي مصالح المحور التي تتطلب رئيساً للجمهورية يخدم هذه المصالح”. وأشار إلى أنه “لا مانع لدى “حزب الله” من وصول رئيس يقوم بالإصلاحات في لبنان شرط أن يكون “رئيساً للمحور” بالدرجة الأولى قبل القيام بأي محاولة إصلاحيّة، في حين أن هذين الأمرين متناقضين تماما فمن المستحيل أن يأتي رئيس يخدم مصالح المحور من جهة، ويقوم بالإصلاحات اللازمة من جهة أخرى”.
ورأى رئيس القوات اننا “أمام معادلة مغلقة ولا سيما أن هناك نحو 20 نائباً من المعارضة لا يريدون حتى اللحظة، اتخاذ أي موقف “كلٌّ لأسبابه”، والحل الوحيد يكمن في الإستمرار بالتواصل مع بقيّة أفرقاء المعارضة بهدف التوصل إلى تفاهم على مرشّح واحد”.
وشدد على أن “الشعب اللبناني يعيش في هذه الأيام مأساة حقيقية، ونحن بأمس الحاجة لمركز قرار كي تبدأ خطة الإصلاح المطلوبة ومن ثم تتحقق العملية الإنقاذية، خصوصا بعد أن وصلنا إلى الشهر الثالث من الفراغ الرئاسي،عقب شهرين من المهلة الدستوريّة، في الوقت الذي كان من الأجدى أن ينتخب مجلس النواب رئيساً قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وفي هذا الإطار وعلى أثر كل ما نشهده أود أن أذكّر الجميع في أنه ما بين العامين 1975 و1976 انتخب الياس سركيس رئيساً للبنان قبل 6 أشهر من انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجيّة الجد لأن مجلس النواب اعتبر آنذاك أن البلاد تمر في ظروف استثنائيّة وبالتالي من الواجب القيام بخطوات استثنائيّة، إلا أننا اليوم،وللاسف، لم نكتف فقط بعدم القيام بأي خطوة إستثنائيّة وإنما تأخرنا حتى اللحظة 5 أشهر عن القيام بالخطوة العاديّة”.
جعجع الذي عرض للوقائع من دون أي غرضيات سياسيّة، قال “لا تحاولن الدفاع عن أنفسكم لأن أهم محام عنكم هو الوقائع ولا تحاولن الهجوم على خصمكم لأن أهم مهاجم له هو أيضا الوقائع.وفي الإطار قد عقد مجلس النواب 11 جلسة لإنتخاب رئيس في حضور الإعلام والجميع رأى من هم النواب الذين كانوا ينسحبون من الجلسة بعد الدورة الأولى من الإنتخاب بغية إفقاد النصاب وهؤلاء هم نواب “حزب الله” و”محور الممانعة” وهذا ليس من باب إبداء الرأي بل واقعة ملموسة.”
وتابع “يدّعون القيام بهذه الخطوة ويبرّرون انسحابهم من الجلسات بعدم توافر التوافق على انتخاب رئيس في حين أن الدستور ينص على انتخاب رئيس للجمهوريّة وليس التوافق على رئيس للجمهوريّة، وبالتالي من الواجب علينا جميعاً الذهاب لإنتخاب رئيس بما تيسّر، وفي هذا السياق حبذا لو نحذو حذو مجلس النواب الأميركي حيث كان هناك انتخابات رئيس المجلس، بعد الإنتخابات النصفيّة لم يتمكنوا من إنجازها في الجلسة الأولى فعقدوا دورات متقاربة لأيام متتاليّة حتى تمكنوا في اليوم الرابع وفي دورة عُقدت عند الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل من انتخاب رئيس للمجلس، صحيح أنهم تأخروا ولكن لأربعة أيام فقط. من هنا، ألم يكن بالحري أن يدعو الرئيس بري، في ظل الوضع المأساوي، الذي تعيشه البلاد إلى جلسة مفتوحة بدورات متتاليّة خلال اليوم نفسه ويوماً بعد يوم حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟”.
ورداً على سؤال حول المصلحة في تعطيل انتخابات الرئاسة أجاب جعجع “من يطرحون هذا السؤال يقاربون المسألة تبعاً لقناعاتهم وليس وفق قناعات وطريقة تفكير من يعطلون الإنتخابات، وفي هذا الاتجاه، إذا أردنا أن نفهم الخصم علينا الجلوس مكانه قليلاً: هم لا ينهمكون اليوم بالتفكير بجوع الشعب اللبناني أو عدم إمكانية دخوله إلى المستشفى،فأولوية قادة”حزب الله” ليست كيفيّة مساعدة الشعب وتأمين حاجياته وإنما القضيّة “بمفهومهم الخاص” وليس بمفهوم الناس الذين يمثلون، هي الجمهوريّة الإسلاميّة بنسختها وطبعتها الإيرانيّة، هذه نقطة الثقل في العالم وهذا هو مصدر الحياة السياسيّة لا بل أكثر من ذلك الحياة الكونيّة بالنسبة لهم”.
وجدّد جعجع التأكيد أن “حزب الله يريد رئيساً يدين له بالولاء من أجل مساعدته في بناء هذا المحور وليس الدولة، من هنا يعطل الاستحقاق الرئاسي لأنه لم يتمكن من جمع الأصوات اللازمة لإيصال مرشّحه فرنجيّة ،لذا يستمر بالضغط على الشعب اللبناني الى ان يقبل بمرشّحه”.
أما في موضوع انفجار مرفأ بيروت، لفت رئيس القوات إلى “أنه حتى إشعار آخر يفضل استعمال تعبير إنفجار مرفأ بيروت وليس تفجير مرفأ بيروت، ولو انهم، وللأسف، لم يسمحوا أن يكمل التحقيق مجراه ويصدر القرار الظني الذي كان من المفترض صدوره هذا الشهر وهو كناية عن 500 صفحة وفق ما جاء في جميع وسائل الإعلام في لبنان ، والذي سيضيء جوانب عديدة، إن لم نقل جميعها، من قضيّة هذا الإنفجار”.
وسرد جعجع قصّة ما حدث “هناك كميّة من نيترات الأمونيوم تم تخزينها في مرفأ بيروت، وهذا الأمر بحد ذاته مخالف للقانون وحتى لقوانين المرفأ إلا أنها بقيت مخزّنة هناك على مدى 6 سنوات، وهي كميّة كبيرة بدأت بـ2700 طن إلا أن هناك من يقول أن الكميّة التي انفجرت هي عبارة عن 500 أو 700 أو 1000 أو 1200 طن ولهذه الناحية المعطيات غير جلية بعد”.
واذ أوضح أنه لا يعرف صراحة ما ستؤول إليه نتائج التحقيقات في هذه القضيّة، لفت جعجع إلى أنه “منذ وقوع هذا الإنفجار ،الى البدء في عرقلة التحقيق، لم أشعر في أي لحظة بأن “حزب الله” مسؤول عن هذا الإنفجار أو له علاقة به، لأنني كنت أعتبر أن المسألة هي مسألة نيترات دامونيوم و”حزب الله” لديه مواد أشد خطورة ومدمّرة أكثر بكثير منها، لذا استبعدت بكل صراحة أي علاقة للحزب في هذا الشأن بالرغم من كل النظريات التي اجتاحت السوق اللبناني في حينه، إلى أن بدأ يظهر تباعاً وللملأ أن “حزب الله” يتدخّل في التحقيقات وهمه الأساسي إيقافها، عندها بدأت بالشك، الذي انقلب يقيناً في ما بعد، بأنه هناك مسؤوليّة ما، تقع على عاتق حزب الله، إذا لم نقل كل المسؤوليّة، في انفجار المرفأ وإلا ما الذي أجبره على التدخل بهذا الشكل الواضح والفاضح في تحقيقات مرفأ بيروت؟ فهل مَن يقدم على تعطيل أو عرقلة تحقيق يجري في قضيّة بحجم انفجار مرفأ بيروت من دون أي مردود؟ ولو لم يكن للحزب مسؤوليّة معيّنة في الإنفجار لما كان أرسل الى قصر العدل مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في”الحزب وفيق صفا ليوجّه تهديداً مباشراً لقاضي التحقيق طارق البيطار، بالإضافة إلى محاولاته المتكرّرة والمستمرة الهادفة إلى عزل الأخير بعد أن نجح في تهديد وإخافة القاضي الذي سبق بيطار؟ لذا وبناءً على كل ما تقدّم ينطبق على “حزب الله” في قضيّة انفجار المرفأ المثل العربي القائل “كاد المريب أن يقول خذوني”.
وتابع جعجع “بالنسبة لي انتهى تحقيق المرفأ بناءً على كل هذه المعطيات والأسباب التي ذكرناها، وهم مستمرون حتى يومنا هذا بتعطيل التحقيقات من خلال ممارسة الضغط على بعض المراجع القضائيّة المعيّنة إلى جانب مراجع أخرى، إلا ان هذا ليس بيت القصيد باعتبار أن انفجار المرفأ هو أحد مظاهر المرض وعوارضه، شأنه شأن الأزمة الإقتصاديّة المعيشيّة التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها ،سوى في أيام المجاعة الكبرى منذ مئة وعشرة أعوام، ناهيك عما نراه اليوم في انتخابات رئاسة الجمهوريّة”.