الحريري يعود متفرجا متأسفا.. فهل ارتاح؟

عاد امس الرئيس سعد الحريري الى بيروت، في محطة موقتة، للمشاركة في احياء الذكرى الثامنة عشرة لاغتيال والده الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005. لن يتكلم الرئيس الحريري في كل شأن سياسي. سيعطي المناسبة معناها الانساني فقط، وان كان لحضوره بعد سياسي، اذ يثبت وجوده الفراغ الكبير الذي تركه على الصعيدين السني واللبناني، وعدم تمكن اخرين من ملء هذا الفراغ، رغم محاولات كثيرة من شخصيات وجهات.

 

وسيؤكد حضوره حجم الخسارة التي تسبب بها لخصومه في السياسة ايضا، الذين منيوا بهزائم كبيرة متتالية انعكست على وضع البلد كله.
غاب الحريري عن الساحة السياسية، وفُقدت معه التوازنات الداخلية، ما ادى الى صراع بين اهل البيت الممانع، وتشتت قواهم. وهذا ما يظهر جليا في التطورات والاحداث المتلاحقة. حاولوا افشال سعد الحريري، فعاشوا الارتدادات بعدما قرر الانكفاء. اتهموا السعودية باقصائه مبعدين عنهم تهمة احراجه فاخراجه.لقد تحدث الرئيس سعد الحريري مراراً منبهاً من ان استمرار العرقلة والنكايات السياسية، والتي كان يقودها ثنائي “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، ستودي بالبلد الى ما لا تحمد عقباه، لان الدول العربية الشقيقة التي حضنت لبنان طويلا، ستتخلى عنه بسبب الاساءات المتكررة لها واخذ لبنان رهينة المحور الايراني. ولان تلك السياسات التي كانت تمنع اعتماد سياسات اقتصادية مالية اكثر انفتاحا على العالم، ستقود الى انهيار كلي لن يكون منه مهرب.

 

وهذا ما حصل.اخذ الرئيس الحريري قراره بالانكفاء بعد قراءة متأنية لمسار الامور، واستقال اولا تحت ضغط الشارع الذي اطلق انتفاضته، وربما اراد ان ينفس احتقان الشارع، او الاستجابة له كما تفعل الحكومات في كل دول العالم المتقدم، ثم قرر ثانيا الابتعاد عن المشهد، بعدما توقع مسار الانهيار الكبير من دون امكان فرملته مع طبقة سياسية ميليشيوية لا تزال تتحكم بمسار الامور منذ مطلع الحرب اللبنانية.

 

ارتاح الرئيس الحريري من المعارك الانتخابية، ومن التعطيل الرئاسي، والشغور، وتصريف الاعمال، والخلاف على التشريع، وتعقيدات التعيينات، وسوء العلاقة مع دول عدة، ومن الانهيار المالي، ومن تعثر المصارف، وحجز الودائع. وارتاح من مجموعة كبيرة من السياسيين والحزبيين الذين يعملون في غياب اي معايير وطنية واخلاقية وانسانية – مجتمعية، يعود الرئيس الحريري، متفرجا، متأسفا، حزينا على وضع البلد، لا يملك الامكانات لاعادة تصويب الامور بعدما باتت معقدة الى حد كبير وبلغ الانهيار اقصاه وبلغ لبنان جهنم الموعود. وهو عندما يبلغ بيروت، الحزينة بعد التفجير الذي اصابها وخربها، ويلتقي ناسه ويراقب احوالهم المعيشية والنفسية ايضا، ويجد ان كل ما بناه الرئيس الشهيد، وما سعى الى المحافظة عليه، صار سرابا، لن يكون مرتاحا بالتأكيد.

 

نايلة تويني – “النهار”

مقالات ذات صلة