باسيل يفاوض على مكاسبه … وهذه هي شروطه!
أما وقد أصبحت نتائج إجتماع باريس شبه واضحة، على أن تتبلور أكثر في اللقاءات التي سيعقدها سفراء الدول التي شاركت بالإجتماع مع الأفرقاء اللبنانيين، فيمكن استشعار بعض التغيّر في إيقاع الحركة السياسية الداخلية. صحيح أن المجتمعين في باريس ناقشوا بإمكانية “فرض عقوبات” أو “اتخاذ إجراءات” بحق معرقلي انجاز الإستحقاق الرئاسي، إلا أن هذا يبقى في إطار التهويل أو التصعيد الذي لجأت فرنسا الى استخدامه سابقاً بعد إطلاق مبادرتها في لبنان ولم تستخدمه، وحتى أن السياسيين اللبنانيين لم يراعوه أو يحسبوا له اهمية. لذلك فإن هذا التهديد المستجد يندرج فقط في خانة ممارسة الضغط السياسي، لا سيما أن المعرقلين سيظهرون بوضوح بعد وضع الأفرقاء في صورة الإجتماع ونتائجه والإنتقال إلى المرحلة الثانية وهي البدء في رسم ملامح لوحة الإتفاق.
هامش الداخل
صحيح أن الدول التي اجتمع ممثلوها لم تتدخل في لعبة الأسماء وتفاصيلها، ولم يكن هناك أي نية لتبنّي أي اسم، إلا أن ما سبق من نقاشات ومباحثات قد تخلله التداول بأسماء المرشحين، فكانت المواقف على حالها، أي عدم ممانعة فرنسية لأي شخصية يتم الإتفاق عليها لرئاسة الجمهورية سواء كان سليمان فرنجية أو قائد الجيش، كما عدم ممانعة فرنسا أو حماستها في عودة نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، في مقابل معارضة السعودية الواضحة لفرنجية وميقاتي، بينما الولايات المتحدة الأميركية لم تضع أي فيتو على الأسماء المتداولة. إلا أن عدم تبني أي اسم من شأنه أن يترك هامشاً للعبة الداخلية في ظل الديناميكية القادرة على التعطيل، خصوصاً في حال اجتمع طرفان مسيحيان على رفض مرشح معين كما هو الحال بالنسبة إلى موقف القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ بشأن ترشيح فرنجية.
الجلسة التشريعية
في موازاة هذه الحركة ومواقفها التي أصبحت واضحة، فإن الأيام المقبلة ستقود إلى الإنشغال في ملف الجلسة التشريعية، والتي قد تشكل مسرحاً تجريبياً لأي تسوية سياسية أو رئاسية ستحصل لاحقاً. على قاعدة التفاوض حول تحصيل شروط ومكاسب في تلك الجلسة، كما هو الحال بالنسبة إلى المفاوضات التي يخوضها التيار الوطني الحرّ مع الآخرين بشأن جدول أعمال الجلسة التشريعية، خصوصاً أن أبرز البنود المطروحة فيها سيكون التمديد لعدد من قادة الأجهزة الأمنية، على رأسهم اللواء عباس ابراهيم.
وسيطرح في الجلسة عدد من إقتراحات القوانين، من بينها اقتراح قانون يشير إلى استفادة غالبية قادة الأجهزة الأمنية من التمديد، ورفع سن تقاعدهم إلى 68 سنة، أو اقتراح آخر ينص على التمديد لهم لمدة سنتين بعد انتهاء ولايتهم. كما سيحصل مع اللواء ابراهيم.
شروط باسيل
في المقابل، لدى جبران باسيل شروط أخرى للموافقة على التمديد لعدد من قادة الأجهزة الأمنية، فهو لا يمانع التمديد لابراهيم ولا للواء طوني صليبا، ولكنه يمانع أن يسري ذلك على قائد الجيش جوزف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان. أحد أهم اسباب باسيل في عدم التمديد لقائد الجيش هو عدم استمراره مرشحاً أولاً لرئاسة الجمهورية، وثانياً لأنه يفترض أن تنتهي ولايته مع انتخاب رئيس جديد ويبدأ الرئيس الجديد عهده بتعيين قائد للجيش.
لم يعتد اللبنانيون في أساليب التفاوض مع باسيل أن تقتصر مطالبه على رفض بعض الأمور أو وضع فيتوهات، ففي مقابلها يسعى الرجل للحصول على مكاسب، سواء كانت في مجال التعيينات أو مكاسب سياسية.
في المكاسب
من بين المكاسب التي قد يبحث عنها باسيل، وعلى وقع اجتماع باريس، العودة إلى لعب دور المؤثر الأكبر في المجال الرئاسي، سواء من خلال استمرار السعي للتقارب مع القوات في سبيل قطع الطريق على سليمان فرنجية، أو محاولة التقارب مع القوى الأخرى على غرار تجربة الجلسة التشريعية، في محاولة منه لاستبعاد ترشيح كل من فرنجية وقائد الجيش كذلك، والذهاب باتجاه مرشح ثالث. وهذا أيضاً على قاعدة الإستفادة من الجو الذي سينتج عن حركة الداخل والخارج.
منير الربيع- المدن