بكركي شمّرت عن سواعدها… فهل تنجح في مسعاها؟
قرر الصرح البطريركي التحرك رئاسيًا. الاربعاء، شهد دينامية لافتة بدأت باجتماع للمطارنة الموارنة وانتهت بقمة للبطاركة الكاثوليك والارثوذكس برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. الاستحقاق الرئاسي كان في صلب اللقاءين. الاول، جدد “الالحاح على المجلس النيابي أن يسرع في المبادرة إلى عقد الجلسة الانتخابية التي نص على آليتها وشروطها الدستور لاختيار رئيس جديد للدولة، ولاسيما أن الأوضاع العامة باتت على شفير الانهيار الكارثي الكامل، الذي قد لا تستطيع أي قوة مواجهته. هذا الإنهيار المتفاقم يتحمل مسؤوليته نواب الأمة بإحجامهم عن انتخاب الرئيس تقيدا بالدستور”.
أمّا الثاني، فوضع ما يبدو أنّها خطوات “عملية” لمحاولة وضع حد للدوران القاتل في الحلقة المفرغة رئاسيا والمستمر منذ أكثر منذ أشهر. ففي وقت طالب البيان الختامي المجلسَ النيابي “بالاسراع في القيام بواجبه الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية”، أعلن البطاركة فيه “اننا نأتمن غبطة البطريرك الراعي على الإجتماع مع من يراه مناسبًا تحقيقًا للمضمون أعلاه بما في ذلك دعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في بكركي، وحثّهم على المبادرة سويًّا، مع النواب المسلمين، وفي أسرع وقت ممكن، لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية”.
بكركي اذا، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، في صدد الانتقال من إطلاق المواقف المستعجلة الانتخاب، والتي يكررها البطريرك الراعي في كل مناسبة من دون كلل او ملل، ومن مرحلة استقبال الزوار وبحث المعضلة الرئاسية معهم، إلى مرحلة التشمير عن سواعدها ورعاية حركة اتصالات مباشرة بين المعنيين بالاستحقاق، لمحاولة كسر المراوحة.
اول المرحبين بهذه الدعوة، كان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يريد منذ اشهر، مِن الراعي ان يدعو الى حوار مسيحي – مسيحي. وقد غرد عبر تويتر” كاتبا “ما صدر عن رؤساء الطوائف المسيحية في بكركي يخط مسارا واعدا ويفتح باب الحل للأزمة الرئاسية على قاعدة الشراكة والتوازن الوطني. هذا النداء الكياني كنا منذ الصيف الماضي وما زلنا أول الملبين له، وهو ما أكدته لغبطة البطريرك في زيارتي الاخيرة له، على امل ان يستجيب الجميع لهذه الدعوة”.
واذ تشير الى ان الراعي يدرس اليوم شكل وصورة المبادرة التي سيقوم بها، وما اذا كانت ستتم دعوة النواب المسيحيين الى الصرح دفعة واحدة، ام على دفعات، وما اذا كان سيدعو الـ64 ام رؤساء الكتل فقط (…) فإن مواقف الكتل المسيحية من هذه الدعوة لم تتظهر بعد، علما ان القوات اللبنانية مثلا لا تحبّذ حوارا من الصنف الطائفي لان المشكلة الرئاسية ليست “طائفية” في رأيها. لكن فيما من المرجّح الا “يكسف” اي طرف البطريرك، وان يلبي كل المسيحيين اي دعوة قد يوجهها اليهم، من باب اللياقة، فإن الخشية الكبيرة هي من ان يبقى الحوار المفترض بلا نتائج.. فالمناقشات متى حصلت، ستؤكد للجميع ان ما يحول دون انتخاب الرئيس ليس غياب التفاهم بين المسيحيين، بل ارادة بعضهم “شخصنة” المعركة وعدم تحديد بعضهم الآخر مرشحه من جهة، وربط حزب الله الاستحقاق بمصالح ايران الاقليمية واشتراط الضاحية انتخاب الرئيس الذي تريده هي والذي يحميه وسلاحه، وإلا استمر في تعطيل النصاب، من جهة ثانية.
فلماذا لا يحصر الصرح دعواته بهؤلاء؟ وهل يمكنه ان يقنعهم بتسمية مرشحهم وبالبقاء في القاعة العامة وبعدم الخروج منها بعد الدورة الاولى ولو كان الفوز لن يؤول اليه؟ إن لم ينجح في ذلك، فإن بكركي ستكون فشلت في مسعاها، الا اذا كانت ستخرج ببيان ختامي تعلن فيه المعرقلين المسيحيين وغير المسيحيين بالاسماء وتحمّلهم مسؤولية الشغور… فهل تفعلها ام تغرق نفسها في الوحول الرئاسية؟