ملف انتخاب الرئيس على نار حامية!
استعجال دولي لانتخاب رئيس.. استباقاً لسيناريو “إيراني”!
كتب الصحافي منير الربيع: يسمع مسؤولون لبنانيون على صلة بالولايات المتحدة الأميركية، أنه لا بد من الاستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية. فالمرحلة المقبلة تفرض على لبنان إنجاز تسوية لمواكبة كل تطورات المنطقة. أولاً، لإبعاده عن أي تصعيد محتمل من قبل إسرائيل تجاه إيران. وثانياً، لمواكبة مسألة التنقيب عن النفط والغاز. هذا الكلام الذي يسمعه اللبنانيون من واشنطن، نفسه يتكرر على ألسنة المسؤولين الفرنسيين. ولذلك، لا تزال باريس تسعى للوصول إلى تفاهم.
في المقابل، ثمة قراءة مختلفة لموقف حزب الله، حتى الآن. ففي ظل تكاثر الكلام عن استعداد الحزب للذهاب إلى تسوية وتوافق على رئيس، هناك من يعتبر أن الحزب يريد التسوية بشروطه، ولو وصل ذلك إلى “فرض” انتخاب سليمان فرنجية بأكثرية 65 صوتاً، مع السعي الأساسي لتأمين نصاب الثلثين. أصحاب وجهة النظر هذه، يعتبرون أن الحزب أيضاً يتحسّب لإحتمالات التصعيد ضد إيران، وبالتالي، يريد ضمان حسم المعركة الرئاسية في لبنان لصالحه.
المرشح “الثالث”
على وقع هذه المسارات المتعددة خارجياً، يستمر التحرك الداخلي، سواءً الذي تقوم به بكركي، أو الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وكانت في هذا الإطار زيارته الأخيرة إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي. الهدف من الزيارة هو السعي لمحاولة التفاهم على انتخاب رئيس، على قاعدة أن لا فرنجية قادر على الوصول في ظل المعارضة المسيحية والخارجية له، ولا ميشال معوض قادر على تحقيق خرق. وبالتالي، لا بد من الذهاب للبحث عن مرشح ثالث. وهذا ما طرحه جنبلاط على رئيس المجلس، مع الإشارة إلى أن جنبلاط لم يتحدث فقط عن قائد الجيش جوزيف عون، إنما عن الأسماء الأخرى المطروحة كصلاح حنين وجهاد أزعور.
لا يزال الثنائي الشيعي حتى الآن عند عتبة سليمان فرنجية. فحزب الله يتمسك بفرنجية، ولم يصدر منه أي موقف رسمي يشير إلى استعداده للتخلي عن رئيس تيار المردة، بمعزل عن اعتراض رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل. في المقابل، فإن برّي يشدد على ضرورة الخروج سريعاً من الفراغ الرئاسي، وأنه لا بد من العمل بشكل واسع على مروحة اتصالات تقود إلى انضاج ظروف لعقد جلسة انتخابية، يمكنها أن تصل إلى انتاج الرئيس. بمعنى أن تكون المعركة متكافئة سواء بين فرنجية وأي مرشح آخر، ويحصل التنافس، وربما يلجأ أحد المرشحين إلى الانسحاب لصالح الآخر.
مواصفات الرئيسين
مثل هذه النظرة، تلتقي مع من هو مقتنع بأن الخارج لن يكون مهتماً في الدخول بتفاصيل الملف اللبناني، واللجوء إلى جوجلة الأسماء، إنما سيضع سقفاً واضحاً حول ضرورة انتخاب الرئيس، فيما الانشغال الدولي سيكون متركزاً على ملفات أهم من لبنان. ما يعني جعل الإستحقاق إلى حدّ بعيد بمعايير لبنانية. ولن يكون هناك مجال أمام انتظار فرضه من قبل الخارج.
بالحدّ الأدنى، فإن هذه الحركة المشهودة داخلياً، لا بد أن تتفاعل أكثر بعد اجتماع باريس الدولي، والذي سيخصص لبحث الملف اللبناني، وربما سيحدد مسارات ومواصفات المرحلة المقبلة. إلا أن الأساس يبقى في مسألة رئاسة الحكومة وآلية تشكيلها بعد إنجاز انتخاب الرئيس، لأنه حسب شخصية الرئيس ستتحدد مواصفات رئيس الحكومة. فدولياً، هناك من يعتبر أنه لا بد من التطابق في مواصفات الرئيسين. أما داخلياً، فتبدو النظرة معاكسة، إذ أن من يتنازل عن رئاسة الجمهورية لصالح الوسطية أو لصالح مرشح محسوب على طرف دون الآخر، فلا بد له أن يستعيض عن ذلك بشخصية رئيس الحكومة وكيفية تشكيلها.