“أميركيّة” محقق مرفأ بيروت و”لبنانيّة” النائب العام على ميزان الافراج عن العوف!
شنّ “حزب الله” والمرتبطون به، سياسيًّا واعلاميًّا ودعائيًّا، حملة عنيفة على المحقق العدلي طارق البيطار، متّهمين إيّاه بتنفيذ الأوامر الاميركية، على خلفية إفراج “محتمل ” عن رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت محمّد زياد العوف، عند انفجاره في الرابع من آب (اغسطس) 2020، لكنّ البيطار أحبط آمالهم، برد طلبات اخلاء السبيل التي قدّمها العوف وآخرون.
وقد لوحظ أنّ جميع الذين تولوا مهمة تهشيم البيطار رفعوا من وتيرة مناصرة المدعي العام التمييزي غسان عويدات، عندما انقلب على البيطار وأفرج عن العوف مرجئًا اصدار قرار منع سفره، حتى يتمكن من مغادرة لبنان، اذ توجه من السجن الى المطار.
ولم تكن اتاحة الفرصة امام العوف لمغادرة لبنان ناجمة عن غفلة، اذ إنّ عويدات، عندما اصدر قرار ادّعائه على المحقق العدلي البيطار لم ينسَ أن يرفقه بمنعه من السفر والتشديد على وجوب التنفيذ الفوري.
وهذه ليست المرة الاولى التي يعتمد فيها “حزب الله” و”صحبه” هذا الاسلوب، بل أضحى نهج عمل، فهم يشنّون هجومًا على من لا يلتزم بأوامرهم، متّهمين إيّاهم بتنفيذ الاوامر الاميركية، وما ان يتضح زيف هذه الدعاية، حتى يبادر المرتبطون بالحزب الى انجاز الفعل الذي يرضى عنه الاميركيون.
وهذا تحديدًا ما سبق أن حصل في ملفات كثيرة بينها، على سبيل المثال لا الحصر، الافراج عن المحكوم عليه عامر فاخوري، والذهاب الى التوقيع على اتفاق الترسيم البحري الحدودي مع إسرائيل.
وهذا نهج خطر للغاية، إذ إنّ “حزب الله” و”صحبه” في لبنان، ينجحون في إظهار خصومهم أمام المجتمع الدولي عمومًا والولايات المتحدة الاميركية خصوصًا، عاجزين عن تقديم أيّ خدمات لهم في لبنان، ويسارعون هم عند ثبوت هذا العجز، الى تقديم الخدمات المطلوبة، ويطالبون في المقابل غض النظر عمّا يرتكبونه في الملف نفسه او في الملفات الاخرى، من موبقات.
وبهذا المعنى، فإنّ الفريق الحريص على حسن سير العدالة في ملف مرفأ بيروت بقيادة المحقق البيطار رفض اخلاء سبيل العوف، وفق الرغبة الاميركية، لأنّ موقعه في ملف انفجار المرفأ دقيق للغاية، نظرًا لطبيعة الوظيفة التي كانت منوطة به، ولكن الفريق الذي يرفض المسار الذي اعتمده البيطار في التحقيقات، أفرج عن العوف وأتاح له ترك لبنان، ليحصل بذلك على تغاضٍ أميركي عن نسف مسار التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت.
ماذا يعني ذلك؟
بغض النظر عن ملف انفجار مرفأ بيروت ومتطلبات سلامة التحقيقات، فإنّ خصوم “حزب الله” في لبنان باتوا أمام الخيار الصعب الذي لا بدّ من حسمه، فهم يظهرون أمام المجتمع الدولي عاجزين، مفُسحين بذلك المجال أمام “حزب الله” و”صحبه” ليثبتوا أنّهم هم الخيار الصائب.
وقد تشكلت قناعة خارجية بأنّ مصالحهم في لبنان لا يمكن أن تتأمّن على أيادي الفرقاء الذين هم اقرب اليهم، بل على أيادي الفريق الذي يعادونه، ولذلك فهذا الخارج، وحرصًا على مصالح، يغض النظر عن سيطرة الحزب وحلفائه على السلطة في لبنان وعلى المسار الذي يرسمونه لأي ملف من الملفات التي تعنى بالشأن اللبناني.
وأمام هذه المعطيات، ألم يحن الوقت ليتحرّر خصوم “حزب الله”من عقدة اثبات وطنيتهم، والتوجه الى اثبات قدراتهم، لأنّ الدول، مثل الأفراد، فهي لا تعير من يبيعها كلامًا اهتمامًا بل بمن يُسدي إليها الخدمات؟
فارس خشان- النهار العربي