خاص: عن “بيت بيروت” و”خط التماس”.. الحرب اللبنانية أكثر من ذكرى… فإعقل يا لبناني!!

إعداد: مصطفى شريف- مدير التحرير

صباح الخير يا بيروت.. صباح الخير يا لبنان.. في صباح الذكرى الـ50 ليوم “13 نيسان 1975”.. صباح الشؤم والموت والحرب العبثية التي استمرّت 15 عاماً متواصلة.. استجرّت حروباً ما بعدها.. نقول ونردّد ونعيد ونتأمّل أن يكون “كل صباح لبناني مليئاً بالخير والسعادة وراحة البال”.

5 أجيال مع 5 عقود تعاقبت.. وكثيرون سمعوا عن الحرب ولم يعرفوها.. أما نحن مواليد الثمانينات فعشنا عذاباتها وتداعياتها وهلعها.. وما زالت حتى اليوم محفورة في الوجدان.. حتى لأصبح العبور في منطقة تعرّضت للقصف الإسرائيلي مؤخراً.. مبعثاُ لاستذكار دمار الصراع الّذي اصطلحوا تسميته “الحرب الأهلية اللبنانية”.. لكن على أرض الواقع كانت ولا تزال “حرب الآخرين على الأرض اللبنانية وبأيدي للبنانيين للأسف”..

خط تماس أو خط أخضر!!
يومياً أعبر من منزلي في الطريق الجديدة باتجاه مدرسة بناتي في الأشرفية.. فتحملني عجلات الحياة على خط أطلقوا عليه اليوم اسم “الخط الأخضر Green Line”.. بعدما كان يوماً ما معروف باسم “خط التماس” الذي قسم بيروت إلى شطرين طائفيين.. ما بين “بيروت الغربية” (المسلمة) وبيروت الشرقية (المسيحية).. يبدأ من واقعة الصراع الأبدي “بوسطة عين الرمانة” ولا يكاد ينتهي عند وسط بيروت..

على طول الطريق من المتحف مروراً بـ”طريق الشام” – السوديكو – وصولاً إلى حي بيضون على مشارف الأشرفية.. لا تزال الشواهد محفورة في الحجر والعين والقلب أيضاً..

لكن الأبرز هي “بناية بركات” أو “بيت بيروت” اليوم.. أو متحف تاريخ الحرب البيروتية.. الذي سيفتح أبوابه اليوم بنشاط خاص بالذكرى تحت اسم “احكيلي”.. ليؤرّخ بالصوت والصورة والأجهزة التفاعلية.. للأجيال التي عاشت الحرب اللبنانية أو الأجيال التي سمعت عنها.. لاستعادة الصورة على قاعدة “تنذكر وما تنعاد” علّها تكون درساً وعبرة.. لكل من يحاولون استجرار الحرب علينا من جديد..


البناية رح تحكي!!
“بناية بركات” أو “بيت بيروت”.. التي تقع على تقاطع السوديكو – وسط البلد – الأشرفية.. تحوّلت من مبنى سكني إلى مؤرّخ لذكرى الحرب العبثية على مر السنوات.. حتى أنّها لاتزال محافظة على شكلها “الدماري” مع بعض الترميم الضروري.. من أجل “الذكرى والعبرة”.. حيث تستمر الذكرى حيّة نابضة داخل المبنى “الحي بذكرياته” والشاهد على الحرب.. كما تقول المهندسة المعمارية والناشطة في “الحفاظ على التراث البيروتي” منى حلاق..

تؤكد حلاق أنّ المبنى شاهد على التغيّر الذي عاشته المدينة على مر السنين.. لذلك وُلِد معرض “احكيلي” داخل بيت بيروت.. ليكون شاهداً على الأحداث التي فرّقت المدينة إلى قسمين.. لأن “بدنا البناية تحكي للي عاشوا أو ما عاشوا الحرب”..
ولفتت حلاق إلى أنّ “هذا المبنى سكنه اللبنانيون أيام بيروت الذهبية السعيدة قبل أن يهجروه خلال الحرب.. أرشيف لا يُقدّر بثمن للحياة في بيروت قبل الحرب.. فقد تضرّر المبنى كثيراً لوجوده على خط التماس.. لكنه حافظ على وجوده الآسر كحجره الأصفر.. الذي يعكس شمسنا المتوسطية”..


للصوت مطرح!!
أما المؤرخة سميرة عزّو فأكدت أنه في هذا المبنى “صوتكم إلو مطرح.. وذاكرتكم هي البداية”.. وسيروي المبنى سيرة بيروت في عزّها وعهدها الذهبي.. “وتعوا شوفوا بيت بيروت قبل الحرب الأهلية”.. “مش لنحيي ذكرى لنفتح حديث”..

يُذكر أنّ التركيز لا يقتصر على “بيت بيروت” بل سرديات حكايا الحرب.. وقصص التهجير والموت من خلال “شجرة المجاعة” الموجودة على خط التماس.. والتي تؤرّخ لزمن الجوع اللبناني بين 1915 – 1918 (الحزب العالمية الأولى).. عبوراً بكل تفصيل صغير وكبير من رحلة “الخط الأخضر” وشرارة الحرب مع “بوسطة عين الرمانة”.. إلى فظاعات الحرب ودمارها وآثارها والقناصة الذي كانوا يصطادون الضحايا.. و”حتى تبقى الذكرى ذكرى” إعقل يا لبناني وافتح عينيك على ما يريدون إعادتك اليه…إلى زمن الكانتونات والتقسيمات والمحاور!!

مقالات ذات صلة