ثلاثة سيناريوهات لمصير السلاح… أي مرونة يبديها حزب الله؟

اكتسب إعلان رئيس الحكومة نواف سلام من الصرح البطريركي في بكركي عن اقتراب إدراج موضوع سلاح «حزب الله» على جدول أعمال مجلس الوزراء أهمية كبرى، وأوحى أن الحكومة تتعاطى بجدية مع ملف السلاح الذي ما زالت التفسيرات تتباين حوله بين قائل من فريق الممانعة إنه ينحصر بالسلاح جنوب نهر الليطاني وقائل من الفريق السيادي إنه يشمل كل لبنان بدءاً من جنوب الليطاني.
وأكثر ما لفت في هذا الإطار، هو الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون عن أن «حزب الله» يبدي «ليونة ومرونة في مسألة التعاون وفق خطة زمنية معينة»، معرباً عن تفاؤله «بأن الإيجابية لدى الحزب يجب مقابلتها بإيجابية أيضاً وبتفهم للواقع الجديد الذي يعيشه البلد».
إلا أن الليونة أو المرونة التي يتحدث عنها رئيس الجمهورية من جانب «الحزب» تتعلق باستعداده لبحث موضوع سلاحه ضمن استراتيجية دفاعية وليس بجدول زمني لتسليم السلاح، وهذا ما عبّر عنه أكثر من قيادي في «حزب الله» أبرزهم النائب حسن فضل الله وعضو المجلس السياسي غالب أبو زينب الذي قال صراحة «سلاح حزب الله ليس معروضاً للتسليم».
ويوضح مقرّبون من «الحزب» أنه لم يعلن على لسان أي من مسؤوليه أنه يريد بحث ما يسميه البعض «نزع أو تسليم السلاح»، فهذه العبارة هي كلمة خاطئة، وحسب ما صرّح مسؤولون في «حزب الله» أنهم مستعدون للحوار حول استراتيجية دفاعية وكيفية مواجهة العدو الإسرائيلي وتعزيز نقاط القوة للبنان والمقاومة جزء من نقاط هذه القوة وهي واجهت العدو الإسرائيلي على مدى 40 عاماً، أما الحديث عن تسليم السلاح أو نزع السلاح فلم يؤت على ذكره.
ولكن بغض النظر عن الموقف الحقيقي لـ «حزب الله» وإذا كان يشكل ورقة قوة أو تبريراً تستخدمه إسرائيل للبقاء في النقاط الخمس المحتلة في جنوب لبنان ولمواصلة اعتداءاتها على القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية، فإن تصوراً عملياً بات شبه منجز لدى رئيس الجمهورية حول كيفية التعاطي مع مصير سلاح «الحزب» انطلاقاً من المعطيات الخارجية ومن رسائل الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس التي حملتها في زيارتها الثانية إلى العاصمة اللبنانية، والتي أرفقتها بتصريحات في ختام الزيارة عبّرت بشكل لا يحتمل التأويل عن ضرورة نزع السلاح في أقرب وقت ممكن، ما يؤشر إلى أن المهلة غير مفتوحة ومن غير المفيد للحزب تضييع الوقت أو المناورة.
وينقل خصوم «حزب الله» وجود ثلاثة سيناريوهات لمصير سلاحه: الأول عبر الحوار الذي طرحه رئيس الجمهورية للاتفاق مع «الحزب» على جدول زمني لتسليم سلاحه. الثاني حتمية تسليم السلاح بأسرع وقت إذ لا إعادة إعمار ولا مساعدات دولية قبل حصرية السلاح في شمال الليطاني وجنوبه، أما السيناريو الثالث وهو آخر الدواء أن يعطي الأمريكي ضوءاً أخضر لإسرائيل للقيام بهجوم كبير انطلاقاً من البقاع لتدمير سلاح «الحزب» بالقوة.
كما يرد خصوم «الحزب» على جملة من تصريحات لنواب من كتلة «الوفاء للمقاومة»، فيستغربون رمي مسؤولية أفعال «حزب الله» على الدولة مذكّرين الحزب بأنه هو من فتح «جبهة الإسناد» ومتهمينه بجرّ لبنان إلى الحرب والتسبب بكل هذا الدمار والتهجير، والتنصّل من الالتزامات الواردة في اتفاق وقف النار وأبرزها تفكيك البنية العسكرية جنوب وشمال نهر الليطاني. كما يرفض هؤلاء تكرار مسؤولي «الحزب» سردية أن «المقاومة» منعت إسرائيل خلال 60 يوماً من تحقيق أهدافها في الاحتلال وتدمير القرى وأن «المقاومة» هي الوحيدة القادرة حالياً على ردع الخروقات الإسرائيلية خلافاً للدبلوماسية، ويسألون إذا كان هذا هو الحال فلماذا لم يستمر «حزب الله» في القتال وفي معادلاته الردعية ووعوده بتوازن الرعب؟!.
وبشأن الانفتاح على حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، يستحضر خصوم «الحزب» التجارب الحوارية السابقة وكيف انقلب «حزب الله» على طاولات الحوار سواء التي انعقدت في مجلس النواب أو في عين التينة أو في قصر بعبدا وصولاً إلى «سان كلو»، وهذا غيض من فيض الحوارات التي باتت فولكلورية وهدفها المراوغة وإطالة أمد الأزمة وإدخال البلد في متاهات، ومحاولة لإدارة الظهر على ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة التي يتمثل فيها «الحزب» بوزيرين حول احتكار الدولة للسلاح. ما يعني أن لا نقاش في بقاء هذا السلاح خارج الدولة بل المطلوب وضع جدول زمني لجمعه خلال مهلة محددة يتفق عليها الجيش اللبناني مع «الحزب». فهناك وعد قدّمه المسؤولون اللبنانيون للموفدة الأمريكية بإيجاد المخرج المناسب وبالمعالجة الجدية، وهذا الأمر لم يقتصر على رئيس الجمهورية بل تعداه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري. ومن هنا جاء تصريح أورتاغوس إنها متفائلة بدور الرئيس بري في المرحلة المقبلة.
فهل يبادر لبنان الرسمي في اتجاه إيجاد المخرج لسلاح «حزب الله» كما وعد رئيس الحكومة في أقرب وقت، أم أن المسؤولين يراهنون على نتائج المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لبلورة معطيات طهران من سلاح «الحزب» من دون تعريض البلد لأي اهتزازات أو تهديد الاستقرار؟
سعد الياس- القدس العربي