3 لاءات بوجه إمبراطورية الرعب… بن سلمان: حائط السّدّ الأخير بوجه “نتنياهو”!

انتهى المشروع الإيراني في دولنا العربية. تقهقر وسقط مشروع الميليشيات المذهبية كاقتراح لهزيمة إسرائيل. تقدّم على أنقاضه المشروع التركيّ في سوريا. وينافسه المشروع الإسرائيلي الذي قرّر التوسّع لمواجهة إيران وتركيا من سوريا إلى لبنان… ولا إمكانية لحماية الأمن القومي العربي إلّا بصياغة مشروع يواجه إسرائيل، ويضع حدوداً لأطماعها، بالتوازي مع مواجهة المشروع الإيراني، وجنباً إلى جنب مع مواجهة المشروع التركي. لأنّ لعاب بنيامين نتنياهو بدأ يسيل، طمعاً بقضم أجزاء من دول عربية، كتحلية انتصاره على إيران.
يصمت أبناء الميليشيات المذهبية هذه الأيّام. تُعربد المسيّرات الإسرائيلية فوق رؤوسهم. وتحتفل بانتصارها عليهم. فيما لا يجرؤون على المواجهة. وقد رموا أسلحتهم.
في المقابل، تتوسّع الشهيّة الإسرائيلية، بعد النصر في لبنان وفلسطين وسوريا:
*لبنان: القوات الإسرائيلية تستبيح جنوب لبنان. قرّرت احتلال 5 نقاط داخل الأراضي اللبنانية، في مخالفة لاتّفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 26 تشرين الثاني 2024. ثمّ بدأت تسيير رحلات دوريّة إلى مقام يهوديّ داخل الأراضي اللبنانية في بلدة حولا.
*سوريا: الشهيّة المفتوحة أعجبتها “القضمة” التي لم يحاسبها أحدٌ عليها في الأراضي السورية. حين اقتطعت جزءاً من جنوب سوريا وأقامت مراكزها على قمم جبل الشيخ، وصولاً إلى درعا والسويداء، وليس انتهاءً بالقنيطرة.
*العراق: هدّد رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، بوعاز بيسموت في 9 آذار بأنّ “سوريا هي جسرنا للوصول إلى الفرات، وسوف نصل إلى العراق وكردستان في المستقبل”. بعدما قال إنّ “سوريا يجب أن تكون تابعة تماماً” لإسرائيل “كما الأردن من دون قدرات عسكرية”.
*السّعوديّة: رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو قال في 7 شباط 2024 إنّ “السعودية لديها أراضٍ كافية لإقامة دولة فلسطينية”، ردّاً على تمسّك المملكة العربية بمطلب إقامة دولة فلسطينية شرطاً للتطبيع مع إسرائيل.
*مصر: قبلهما، في كانون الثاني 2025، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصر والأردن إلى استقبال أهالي غزّة. تمهيداً لتهجيرهم وإقامة “ريفييرا الشرق الأوسط” في القطاع المُدمّر والمُحاصَر.
*الأردن: وحين زار ملك الأردن عبدالله الثاني واشنطن واجتمع بترامب، حاول الأخير فرض مشروع التهجير. لكنّ العاهل الأردني كان حاسماً.
*إيران: تهدّد إسرائيل بقصف مشروعها النووي وتسوية نظام طهران بأرض التاريخ.
المشروع الإسرائيليّ… ودعم ترامب
هكذا في شهرين، كشف المشروع الإسرائيلي عن نيّته اللعب بأمن الدول العربية، حتّى تلك المتخاصمة مع عدوّه إيران. وتلك التي دفعت الكثير بمواجهة ميليشيات الملالي. فبات يخطّط علناً ليدخل مصر والأردن والعراق بعد سوريا وفلسطين ولبنان. ويهدّد السعودية، ومن يدري أيّ دول أخرى.
يحظى نتنياهو بدعم غير محدود من ترامب. ويبدو أنّ أطماعه تحظى بالدعم نفسه. في ظلّ صمت سياسيّ وعسكريّ مديد في معسكر “المحور” الذي ادّعى البطولات بمواجهة إسرائيل. إذ لا قدرة لمشروع الميليشيات الشيعية المذهبية أن يواجه. بعد هزيمة منقطعة النظير. لم يسبق أن شهد العالم مثلها منذ انتحار أدولف هتلر في مخبئه نهاية الحرب العالمية الثانية. ترافق هذا مع انهيار تاريخيّ في المحور الذي وعد بهزيمة أميركا ومحو إسرائيل من الوجود خلال 7 دقائق. انهيار سياسي وعسكري وماليّ واقتصادي شامل.
3 لاءات جديدة… لحماية العروبة
رجلٌ واحدٌ خرج وسط هذا الصمت المديد وقال “لا” بوجه الإمبراطور الجديد لهذا العالم. هو وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. الذي قال أمام الزعماء العرب في القاهرة إنّه لا تراجع عن مطلب الدولة الفلسطينية. وقال الكلام نفسه أمام وزير خارجية أميركا وترامب ماركو روبيو.
وأعلن 3 لاءات بوجه إمبراطورية الرعب التي تسيطر على دول المشرق وشعوبها وأنظمتها:
“لا” لتهجير أهل غزّة.
“لا” للتطبيع المجّانيّ.
و”لا” لإنهاء قضيّة فلسطين.
و”نعم” لدولة فلسطينية حقيقية. مع تثبيت الفلسطينيين في أرضهم. على ما ذهبت قمّة القاهرة التي جمعت دول العرب. قمّة تخفّفت من “خفّة” الرؤساء اللبنانيين السابقين. وأجمعت على كلمة “عربيّة” غير مسبوقة ألقاها رئيس جمهورية لبنان جوزف عون. وتخفّفت من “خفّة” حضور بشّار الأسد ومطوّلاته الفارغة. وحلّ مكانه الرئيس أحمد الشّرع، ممثّلاً الأكثرية السورية التي عانت القتل والذبح والاضطهاد أكثر من نصف قرن.
لمشروع عربيّ جديد
عانت المنطقة العربية طوال عقدين من طعنات المشروع الإيراني. تقدّم هذا المشروع ونكّل بجسد الخريطة العربية. وأعلن سيطرته على 4 عواصم، هي بغداد وصنعاء والشام وبيروت. واعتدى على عواصم أخرى، من الخليج إلى إفريقيا.
اليوم يتقهقر هذا المشروع. يتراجع. دمشق حرّة أخيراً. بيروت على الطريق. صنعاء تعاني. وبغداد تفتّش عن باب الخروج، وستجدهُ.
لكن للأسف يتقدّم على حسابه مشروع آخر، معادٍ للعروبة ولإيران في الوقت نفسه. ومعادٍ للمشروع التركي أيضاً. هو المشروع الإسرائيلي.
طعنات إيران في مجتمعاتنا العربية، خصوصاً في لبنان، لا تعمينا عن سواطير إسرائيل التي تتحضّر لتقطيع أوصال دول العرب. ولا تحمينا إلّا العروبة الوطنية، التي تتجاوز المذاهب والمناطق.
وحده المشروع العربي، بقيادة السعودية، قادر على “قطع” شهيّة إسرائيل. خصوصاً بعد سقوط الميليشيات المذهبية. التي كانت تنادي بتحرير فلسطين، فيما كانت تخطّط وتعمل للاستيلاء على السلطة في دول العرب. وصبّت جهودها طوال 40 عاماً في إسقاط الدول الوطنية المحيطة بإسرائيل، وتقديمها على طبق من ذهب للمشروع الصهيوني.
المشروع العربي الجديد قاعدته الأساسية وركيزته الوحيدة، هي بناء دول وطنية مركزية قويّة، اقتصادها آمن ومتطوّر. على طريقة دول الخليج.
يستند الأمير محمد بن سلمان في مشروع المواجهة إلى:
*اقتصاد السعودية القويّ، أحد أسرع الاقتصادات نمواً بين مجموعة العشرين G20.
*تحوّله قوّة جذب عالمية، لحلّ الصراعات. وكانت أخيراً الوساطة بين ترامب وفلاديمير بوتين.
*حضور المملكة الإقليمي في عدد من ملفّات المنطقة، ليس آخرها لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن.
*ويستند إلى الدول العربية التي تنضوي تحت جناح المملكة، من قمّة الرياض الأخيرة، إلى قمّة القاهرة التي تلتها.
*ويستند إلى قوّة الحقّ، من فلسطين إلى مكّة.
المشروع العربي ضرورة لمواجهة شهيّة نتنياهو. والأمير محمّد هو الوحيد المهيّأ لهذه المواجهة. وقد تبيّن بعد كلّ شيء، أنّ الذين تظاهروا بمواجهة إسرائيل، إنّما كانوا خادمين مخلصين لمشروعها، وداوموا على اتّهامه بعروبته، فيما هو حائط الدفاع الأوّل وربما الأخير عن العروبة والمنطقة، أمام الزحف الإسرائيلي الأعمى.
محمد بركات- اساس