محطة مفصلية: السعودية تعيد لبنان إلى دائرة التأثير العربي

قرأ مرجع سياسي لبناني في نتائج زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى المملكة العربية السعودية، والقمة التي عقدها مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي.
وقال المرجع لـ «الأنباء»: «شكلت زيارة الرئيس عون إلى المملكة محطة مفصلية في المشهد السياسي اللبناني، إذ جاءت في ظروف صعبة تمر بها البلاد وسط أزمات داخلية وتوترات إقليمية. وحمل البيان المشترك الصادر عن الزيارة دلالات واضحة حول مستقبل العلاقات اللبنانية – السعودية، ورؤية المملكة لدعم لبنان في المرحلة المقبلة، ما يضع بيروت أمام اختبار حقيقي في التزامها بإعادة التوازن إلى علاقاتها العربية، وتطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها».
وأوضح المرجع ان «الزيارة عكست توجها سعوديا واضحا لإعادة ترميم العلاقة مع لبنان. والتأكيد على أن لبنان عضو أصيل في المنظومة العربية لم يكن مجرد عبارة بروتوكولية، بل رسالة سياسية تحمل في طياتها الرفض لأي انحراف عن الهوية العربية للبلاد. كما أن التشديد على أهمية تنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، يؤشر إلى نية السعودية إعادة لبنان إلى دائرة التأثير العربي».
وأضاف المرجع: «في البعد الأمني، حمل البيان موقفا واضحا حول السيادة اللبنانية، اذ شدد على ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وحصر السلاح بيدها. هذا الموقف ليس جديدا، لكنه اكتسب أهمية إضافية كونه جاء في سياق دعم الجيش اللبناني، الذي تم التأكيد على دوره الوطني وأهمية تعزيز قدراته. ولم تغفل الرياض الإشارة إلى ضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية، وهذا موقف يعكس استمرار التزامها بدعم السيادة اللبنانية في المحافل الدولية، لكنه في الوقت عينه قد يكون رسالة مزدوجة تعني أن مواجهة الاحتلال يجب أن تكون تحت راية الدولة اللبنانية، وليس عبر أجندات خارجية».
وتابع المرجع: «اما اقتصاديا فتحمل الزيارة انعكاسات مباشرة على الوضع المعيشي في لبنان، اذ تم الاتفاق على البدء بدراسة المعوقات التي تحول دون استئناف التصدير إلى السعودية. وهذا تطور بالغ الأهمية، نظرا إلى أن السوق السعودي يشكل منفذا رئيسيا للمنتجات اللبنانية. كذلك، تم الاتفاق على إعادة النظر في القيود المفروضة على سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان. وهذا مؤشر إلى إمكانية إعادة تنشيط السياحة الخليجية، التي تشكل رافدا اقتصاديا ضروريا للبنان. غير أن هذه الخطوات الاقتصادية مرهونة بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دوليا، وهذا ما أكده البيان بوضوح عبر الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالشفافية وتطبيق القوانين الملزمة».
وأكد المرجع انه «في الشق السياسي الداخلي، حمل البيان دلالات إضافية، اذ تم التأكيد على خطاب القسم الرئاسي للرئيس جوزف عون والبيان الوزاري للحكومة، ما يعكس دعما مباشرا لرؤيته في إدارة البلاد. وهذا الاعتراف السعودي بخطاب القسم الرئاسي قد يشكل ورقة قوة لرئيس الجمهورية في الداخل، خصوصا أنه يعطيه مشروعية عربية يحتاجها في ظل التجاذبات الداخلية».
داود رمال – الانباء الكويتية