“فإن حزبَ الله هُم… المستمرون” : إنها العبثية بأبهى حللها!

الشعار في الأساس هو “فإن حزب الله هُم الغالبون”، ولكن بعد حربي “طوفان الأقصى” و”الإسناد والمشاغلة”، انقلبت المعادلة، بين “حزب الله” وإسرائيل أولاً، وبين “حزب الله” والداخل اللبناني تالياً.

إسرائيل تقول إنها هزمت “الحزب”، والداخل اللبناني يقول إن “الحزب” بعد الحربين الآنفتي الذِكر لم يعد كما كان. لكن المعضِلة أن “الحزب” في تناقض مع الطرحَيْن، فهو يعتبر أنه “انتصر” (من دون أن يقول كيف؟)، والدقيق في الموضوع أنه يتصرف على أساس الانتصار، ويبني كل حساباته وخطته على هذا الأساس، فالخطاب السياسي مبنيٌّ على هذا المعطى، وكل قادته يتضمن كلامهم أن “الحزب” أعاد ترميم نفسه، والمقصود بكلمة “ترميم” هنا، أنه أعاد “ترميم” بنيته العسكرية، وهو يسخّر كل الوسائل لتحقيق هذه الغاية، ومن الوسائل التي يستخدمها الإعلام التابع له، ومنها “إذاعة النور” الناطقة باسمه، وأسلوب الاستخدام، إعلان تبثه الإذاعة ويتحدث عن ” تجهيز مجاهد” أو ” تمويل مجاهد”، ويفصّل الإعلان وسيلة الدعم سواء أكانت مادية أو عينية.

هذه “الشفافية” التي يعتمدها “الحزب”، تؤكِّد أنه ماضٍ في ترميم بنيته العسكرية بأي ثمن، لا توقفه اتفاقات وافق عليها لبنان بالإجماع، من خلال مجلس وزراء حكومة الرئيس ميقاتي، ولا يوقفه خطاب القسم ولا سيما في الشق المتعلق بحصرية الدولة في احتكار السلاح، ولا يوقفه بيانٌ وزاري، علماً أنه أعطى الثقة للحكومة على أساس هذا البيان.

السؤال المحوري الذي يتبادر إلى الأذهان هو: هل سيعتبر “حزب الله” أن وقف إطلاق النار هو مجرد هدنة بين حربين؟ حين يتحدث عن إعادة ترميم نفسه، فهذا يعني أنه سيعود مسلحاً لمواجهة إسرائيل، في هذه الحال، ماذا يكون قد تغيَّر؟ وهل يكون لبنان على عتبة حرب جديدة؟

الولايات المتحدة الأميركية، ومعها إسرائيل، تتحدث عن لبنان خالٍ من سلاح “حزب الله”، من الناقورة إلى النهر الكبير، فماذا يعني أن يقول “حزب الله” أنه يرمم نفسه؟ هذا يعني أنه سيعود حزباً عسكرياً وأنه سيستعد من جديد لمواجهة إسرائيل. في هذه الحال، كيف يتوقَّع لبنان أن يحصل على أموال إعادة الإعمار، إذا كان “حزب الله” يستعد للحرب؟

إنها العبثية بأبهى حللها.

جان الفغالي- نداء الوطن

مقالات ذات صلة