بعد زلزال سوريا: خيار إيراني محفوف بالمخاطر لتمويل “الحزب”!

أحبط جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي محاولة تهريب أكثر من مليوني دولار إلى لبنان، كانت متوجهة إلى “حزب الله”، بحسب ما أفادت وسائل الاعلام. وتأتي هذه العملية في ظل تزايد التشدد الأميركي في فرض قيود مالية على الحزب، والتي ينفذها لبنان وفق اتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب الأخيرة.
ولطالما شكلت سوريا الجسر الاستراتيجي الأهم لوصول الدعم الايراني إلى “حزب الله”، لكن سقوط النظام السوري أحدث زلزالاً جيوسياسياً قلب الموازين وأعاد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.
وتجد طهران نفسها اليوم مضطرة الى البحث عن بدائل آمنة لتمويل الحزب، وسط تضييق خانق على الحدود اللبنانية وتشديد الرقابة على مطار رفيق الحريري الدولي. ويبدو أن أنقرة خيار محتمل لطهران، سواء عبر مرافئها مباشرة، أو عبر الأراضي السورية التي مال النفوذ فيها بصورة كاملة لصالح تركيا.
ولكن يبقى التساؤل الأهم: هل لتركيا مصلحة في ذلك؟
لم يكن انهيار النظام السوري مجرد انتكاسة لحلفاء دمشق، بل كان ضربة قاصمة للمشروع الايراني في المنطقة، نظراً الى أن سوريا شكلت لعقود بوابة لوجيستية وعسكرية أساسية لتمرير الأسلحة والأموال إلى “حزب الله”.
وترى أوساط قريبة من المحور الايراني، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أنه “مع فقدان سوريا كمنصة للتمويل، تبرز تركيا كلاعب رئيسي في الحسابات الايرانية، لكنها ليست بالضرورة البديل المثالي، إذ إن أنقرة لطالما كانت على خلاف مع طهران في ملفات إقليمية، لكنها قد تجد في هذا الوضع فرصة ذهبية لابتزاز الطرفين، سواء عبر فرض شروط على طهران أو من خلال استغلال الادارة السورية الجديدة في دمشق لتمرير التمويل عبر صفقات سرية”.
وتقول الأوساط إن هناك سيناريوهات عدة للدور التركي: “قد تسمح أنقرة بتمرير الأموال الايرانية عبر شبكات مالية داخل أراضيها، لكنها قد تفرض ضوابط صارمة وتراقب التدفقات المالية مقابل تنازلات إيرانية في ملفات إقليمية مثل شمال سوريا والعراق. ومن المحتمل أن تضغط تركيا على الادارة السورية الجديدة لقبول تمرير الأموال الايرانية إلى حزب الله مقابل اعتراف إيراني بالدور التركي في مستقبل سوريا، وبهذا تُبقي تركيا سوريا ساحة مفتوحة للعب الدولي”.
وترجح الأوساط أن تكون هناك تفاهمات غير معلنة بين تركيا وإيران، مع التحولات الاقليمية والعالمية وإعادة ترتيب القوى ورسم الخرائط، بحيث تتغاضى أنقرة عن بعض الأنشطة المالية الايرانية مقابل مكاسب سياسية واقتصادية.
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتجه المنطقة نحو مرحلة جديدة من إعادة رسم التحالفات. وإن كان ترامب قد أطلق يد إسرائيل لتغيير وجه الشرق الأوسط، كما يقول رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فإن ذلك قد يدفع تركيا إلى التنسيق مع إيران للوقوف في وجه النفوذ الاسرائيلي.
ولكن، تظل تركيا خياراً محفوفاً بالمخاطر، قد يتحول إلى ساحة مساومات معقدة بين طهران وأنقرة وواشنطن.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير