حسابات مليونية في التشييع: بين ضرب الرقم بثلاثة أو بأربعة… والحسومات الهائلة!

في معسكر “الحزب” ضربت الآلات الحاسبة الرقم بثلاثة أو بأربعة وبلغ الخيال أوجه، قبيل تشييع “الأمينين” عندما ذكر النائب السابق ناصر قنديل بثقة العارف، أن عدد الوافدين المتوقع مجيئهم من المغرب للمشاركة في الوداع الكبير يتراوح بين 20 و30 ألفاً، أي أنه يحتاج نقل هذه الأعداد أقله إلى 50 طائرة شارتر أما الوافدون الـ 106 آلاف من إيران والـ 140 ألفاً من العراق فاحتاج نقلهم إلى جسر جوي وأساطيل و10 مطارات!
في المعسكر “المضاد” جرت حسومات هائلة في احتساب أعداد المشاركين من بيئة المقاومة والبيئات الحليفة، قسم العدد الأدنى على 5 أو 6 بهدف التخفيف من وهج الحزن ومرارة التفجّع وحجم الغياب وسعة الخزّان الشعبي الشيعي المجاهد.
شريحة تهوّل ضمناً بالرقم المليوني لتأكيد صوابية خيارات المقاومة الإسلامية في لبنان وأفضالها على اللبنانيين. وشريحة تستخف علناً بماكنات العدّ. وفي الوسط ما بين المعسكرين هناك من يستذكر واحداً من أجمل ما كتبه الأخوان رحباني في مسرحية “بترا”:
“إنتو الحرب العدد القوة نهر العسكر نبع الخيل نحنا الحق ودمع الناس وأمل الناس والحرية وغناني الأجيال وضحكات الأطفال”.
في الحالين، لا ضخامة الحشد أضافت إلى هالة “الأمينين” شيئاً ولا تراجع العدد إلى ما دون التوقعات، قلّل من “تاريخية” المناسبة الحزينة. ما كان يجب قياسه فعلاً في الثالث والعشرين من شهر البرد، حجم الهوة التي تفصل مثلاً بين قناعات الزينبيات وتطلعات بنات الأخويات، بالإضافة إلى مساحة الاختلاف الحقيقي بين المنتمين إلى ولاية صاحب الزمان والأمة وبين المنتمين إلى الجمهورية الحاضنة مواطنيها الصيصان والديوك في قن واحد.
الجمهور المناهض لـ”الحزب”، القاعد على السوشال ميديا والراصد للنقل المباشر في يوم الأحد الطويل، لم يكتفِ بإجراء المقاربات الإحصائية، بل رصد عدد الأعلام اللبنانية المرفوعة في مدينة كميل شمعون الرياضية.
وما كان يجب احتسابه بالفعل طول الطريق المؤدي إلى الدولة، وقصر الطريق المؤدي إلى الهلاك.
وما كان يجب احتسابه أيضاً في اليوم العظيم، عدد أرواح الأبرياء الخمسة آلاف، وعدد المعوّقين والمصابين الخمسة عشر ألفاً تقريباً، المنتقلين بأكثريتهم إلى جنان الخلد من دون سابق تصوّر وتصميم.
وما كان يجب احتسابه أيضاً عدد المشيعين ممن كانوا هنا بالروح لا بالجسد، من أقرباء المقاوم نيكولاس مادورو ومن مناصري الرفيق كيم جونغ أون ومن أهلنا في أفغانستان ممن لا يحملون ثمن بطاقة سفر إلى كابول، ولا ثمن رغيف خبز.
والأسهل من شغل الوقت بالحسابات اللجوء إلى قوة الريموت كونترول الزجرية وإراحة الشاشة 4 ساعات على الأقل على مشارف أقوى حفلات الارتجال في ساحة النجمة.
عماد موسى- نداء الوطن