كلام عون هادئ وهادر يُفرِغ كلام قاسم من مضمونه

أمس، لم يكن هناك خطاب واحد، بل خطابان، الأول ألقاه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، والثاني القاه الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم.
استحوذ قاسم على “الشاشات” لأن خطابه جاء في سياق تشييع الأمينين العامين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، لكن المضمون الأهم لم يكن في المدينة الرياضية بل في القصر الجمهوري في بعبدا،فقبل أن يلقي الشيخ نعيم خطابه الذي وصِف بالـ “خشبي” ولا سيما بتذكيره بـ “الاستراتيجية الدفاعية” وبـ “المقاومة”، كان هناك كلامٌ هادئ وهادر، في آن واحد، من قصر بعبدا، لم يعتد اللبنانيون على سماعه من رئيس الجمهورية، على الأقل على مر أربعة عهود رئاسية منذ العام 1990، باستثناء عهد الرئيس ميشال سليمان.
لم يعتد اللبنانيون على أن يسمعوا من قصر بعبدا صوتاً يقول: “لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه”.
كما لم يسمعوا أيضاً صوتاً يقول: “إن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية”.
كما ليس تفصيلاً أن يذكِّر رئيس جمهورية أمام وفدِ دولة تؤيد حركة “حماس” أن “قمة الرياض الأخيرة والتي شاركت فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أكدت على حل الدولتين بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، وعلى أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين.
حين يقول رئيس الجمهورية إن لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه، فإنه يكون بذلك قد سحب ورقة لبنان من التداول في كونه “جبهة إسناد ومشاغلة”، وأخرجه من دائرة “وحدة الساحات”، وكأنه يردد الشعار الذي أطلقه أحد الزعماء العرب: “إرفعوا أياديكم عن لبنان”.
بين خطاب الشيخ نعيم قاسم من طهران، الموجّه عبر شاشة عملاقة من مدينة كميل شمعون الرياضية، وكلام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من قصر بعبدا، هناك مرحلتان:
من المدينة الرياضية، نهاية مرحلة، ومن قصر بعبدا بداية مرحلة. نهاية مرحلة في المدينة الرياضية، هي مرحلة “التشييع الأخير”، وبداية مرحلة في قصر بعبدا، هي مرحلة ما بعد “الاستراتيجية الدفاعية” لأن “لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه”.
إن ما بعد الثالث والعشرين من شباط 2025 لن يكون على الإطلاق كما قبله.
جان الفغالي- نداء الوطن