وصل يوم “إنّا على العهد” المنتظر: رسائل الى الداخل والخارج!

وصل يوم “إنّا على العهد” المنتظر من قبل الداخل والخارج بعد أشهر مضت على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي، وخلفه السيّد هاشم صفي الدين في 3 تشرين الأول الفائت. فالأنظار تتجه اليوم الأحد الى مدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية التي تشهد عند الساعة الواحدة من بعد الظهر، تشييع السيّدين.
وثمّة سؤالان مهمّان يُطرحان لا سيما مع الحشد الضخم المتوقّع الذي سيشارك في مراسم التشييع من لبنان ومن نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، كما قيل، هما: هل ستكون المناسبة لتجديد البيعة لحزب الله وللردّ على الذين يقولون إنّ “الحزب انتهى”، أم لتوجيه رسائل محدّدة الى الداخل والخارج بعد كلّ ما جرى؟
في الوقت الذي يرى فيه بعض المراقبين أنّ الشعار الذي اعتمده حزب الله “إنّا على العهد”، يعكس من تلقاء نفسه التزام الحزب المستمر في مبادئه ونهجه المقاوم، وبأنّ مناصري الحزب باقون على العهد، ومتمسّكون به حتى الرمق الأخير، ما يعني أنّ الحزب لن يغيّر أي شيء في أدائه ومواقفه، تقول مصادر سياسية متابعة انّ عدد المشاركين من شأنه أن يدلّ على مدى التأييد الشعبي والرسمي المستمر لحزب الله رغم الخسائر الفادحة التي مُني بها خلال الحرب الأخيرة مع “إسرائيل”.
كذلك فإنّ كلمة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، على ما تضيف، ستضع النقاط على الحروف بالنسبة لما سيكون عليه حزب الله في المرحلة المقبلة. ويتوقّع البعض أنّ يتحدّث عن “رؤية جديدة” للحزب، تفرضها الظروف والتطوّرات الحاصلة في لبنان والمنطقة. علماً بأنّ بقاء “الإسرائيلي” محتلّاً لمواقع عديدة في القرى الحدودية، يؤخّر كثيراً مناقشة الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ومصير سلاح المقاومة وسلاح المخيّمات الفلسطينية من قبل الحكومة الحالية. كما أنّ أحداً لا ينزع سلاحه في ظلّ استمرار العدو في خروقاته واعتداءاته على السيادة اللبنانية، وعدم الالتزام بالاتفاقات وبالقرارات الدولية التي تنصّ على انسحابه من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة.
وإذ تُشكّل مراسم التشييع اليوم، حدثاً لديه دلالات متعدّدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تلفت المصادر السياسية الى أنّه يُشكّل مناسبة استراتيجية للحزب لإرسال رسائل عدّة الى الداخل والخارج، أبرزها:
1″- تأكيد مكانته وقوّته على الصعيد المحلي: يهدف الحزب الى التأكيد على استمراريته ووجوده كقوّة هائلة على الساحة اللبنانية. ويعتبر أنّ الحشد الضخم الذي سيشارك في مراسم التشييع سيكون كبيعة للحزب، واستفتاء شعبي على قدرة الحزب على الصمود والبقاء والتجدّد رغم كلّ ما أصابه أخيراً. ويأتي ذلك كردّ على كلّ محاولات التقليل من شأنه من خلال التفاف الشارع الشيعي والمؤيّدين له حوله.
2″- إظهار القدرة التنظيمية: يهدف حجم وتنظيم التشييع إلى إظهار قدرات حزب الله اللوجستية وقدرته على حشد أعداد كبيرة من الناس، ما يؤكد على قوته العملياتية وتماسكه التنظيمي.
3″- الإلتزام بالمقاومة: يُعدّ هذا الحدث بمثابة إعادة تأكيد على التزام حزب الله بمبادئه الأساسية، ولا سيما مقاومته ضد الإحتلال “الإسرائيلي”. ويؤكد شعار “إنّا على العهد” هذا الالتزام الذي لا يتزعزع. فالحزب يسعى من خلال إظهار توحيد الصفوف بين جميع مكوّناته أنّ خطّه لا يزال صامداً وهو في طور التعافي.
4″- إستمرارية دوره في لبنان والمنطقة: يهدف من خلال الدعوات التي وجّهها الى آلاف المؤيّدين في دول الخارج وتلبيتها من قبلهم الى التأكيد على تعزيز دوره وقاعدته وإظهار الدعم الشعبي واسع النطاق. وهي رسالة واضحة الى المجتمع الدولي عن التضامن والقوة، ما يعكس أهمية وشرعية وجوده وسلاحه.
5″- تأكيد النفوذ السياسي: يُعتبر التشييع فرصة لحزب الله لتأكيد نفوذه السياسي والعسكري في المنطقة، ما يشير إلى مرونته واستمرار أهميته على الرغم من النكسات الأخيرة. كما أنّ حضور شخصيات دولية بارزة، مثل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يسلط الضوء على تحالفات حزب الله الإقليمية وقدرته على حشد الدعم.
6″- تحدّي القوى الخارجية: يعتبر الحزب أن من شأن التشييع الردّ على ادعاءات القوى الخارجية، من وجهة نظره، لا سيما من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية اللتين تقولان بأنّ دوره قد انتهى على الساحة اللبنانية، من خلال ما ستُظهره الحشود من تأييد له والإلتزام الثابت بمواقفه.
وإزاء هذا الوضع، هل يمكن أن يطرح الشيخ قاسم أي “رؤية جديدة” للحزب، على ما يُتوقّع منه، تجيب المصادر نفسها أنّ الحزب نفسه سينتظر ما سيكون عليه وقع الحشود على الساحة الداخلية والإقليمية والدولية أولاً قبل أن يضع أي “رؤية مستقبلية”، لا سيما في ظلّ استمرار الاحتلال “الإسرائيلي” لبعض المواقع الحدودية. لهذا فمن المتوقّع أن يُركّز الشيخ قاسم في كلمته على تكريم القادة الشهداء أولاً، ومن ثمّ التأكيد على الثوابت والمبادئ التي قام عليها حزب الله، والإلتزام بخط المقاومة رغم كلّ التحديات، وعلى إدانة التدخّلات الأجنبية، ويدعو الى الوحدة والصمود. وهذا يعني أنّه لن يتحدّث عن أي تغييرات جوهرية في استراتيجية الحزب في المرحلة الراهنة.
أمّا بعد 23 شباط، فسيكون هناك كلام آخر في السياسة، على ما ذكرت، وخصوصاً أنّ الحزب هو اليوم مشارك في الحياة السياسية، كما أنّ الدعم الإقليمي له لا يزال قائماً رغم كلّ شيء. وينوي تسهيل عمل حكومة الرئيس نوّاف سلام الثقة، وخصوصاً أنّه لم يبدِ أي اعتراض على ما نصّ عليه البيان الوزاري لجهة “اتخاذ لبنان الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال “الإسرائيلي”، و “حقّ لبنان في الدفاع عن النفس بكلّ الوسائل المتاحة”.
دوللي بشعلاني- الديار