تلال جنوبية استراتيجية تحت الإحتلال بعد 18 شباط…برضى أميركي؟

مصير الموعد الممدد له لترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 18 شباط غير واضح. فهل تنسحب قوات جيش العدو من الأراضي اللبنانية، أو تراوغ مجدداً متسلحة بدعم من الإدارة الأميركية الجديدة.

الآمال معلّقة على دور فاعل للدبلوماسية اللبنانية والدول الداعمة للبنان في تنفيذ الاتفاق والقرار 1701، إذ أن المؤشرات غير إيجابية حتى اللحظة، ومتعلّقة بمصير المرتفعات التي تتمسك إسرائيل بها، وما إذا كانت قوات العدو ستنسحب أو “تعيد انتشارها”، بحسب ما جاء في المؤتمر الصحافي لنائب المبعوث الرئاسي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في القصر الجمهوري بعد لقاء الرئيس جوزاف عون.

وفي هذا الصدد، الفارق كبير وخطير يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب. ويشير الى أن أورتاغوس في تصريحها “لم تشر ابداً الى 1701 أو الى انسحاب إسرائيل، وعندما سئُلت حول ما سيحصل في 18 شباط، أجابت بأنه سيكون هناك إعادة انتشار وليس انسحاب، لن تقل انسحاب، وهذا ملفت جداً”.

وتجدر الإشارة الى أن أورتاغوس سبق وأدلت بالقول: “لقد التزمنا بتاريخ 18 شباط، وسيكون يوم الثامن عشر من شباط هو موعد إعادة الانتشار عندما تنتهي قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من إعادة انتشارها. بالطبع، ستليهم قوات الجيش اللبناني”.

ووفق ملاعب “يبدو أن الولايات المتحدة موافقة على إعادة الانتشار وأن يبقى وجود للعدو الإسرائيلي في أماكن معينة”، معتبراً إياه “خطير جداً”، ويعتقد أن زيارة أورتاغوس القادمة تثبيت هذا الأمر. ويقول ملاعب: “نسمع في وسائل الإعلام إنها قد تحضر قبل 18 شباط الجاري وأعتقد أن سبب حضورها يدل على نوع من الموافقة الأميركية لإسرائيل، بأن تبقى في هذه المرتفعات”.

من هنا، يعتقد ملاعب أنه لو وجد ضغط أميركي للانسحاب الإسرائيلي، فلا لزوم لحضورها، ويبدو أن لديها إملاءات معينة، على حد تعبيره.

وإذ لا يملك ملاعب معطيات مؤكدة وحاسمة ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قد وعدت الجانب الإسرائيلي بالبقاء في المرتفعات المحددة والتي يتمسك بها، إلا أن ذلك لا يهدد مصير الاتفاق فقط ويعد خرقاً للقرار 1701 فحسب، لا بل قد يعيد الى الواجهة من جديد إمكانية اندلاع عمليات عسكرية.

ويوضح ملاعب أن “هناك اقتراحات في هذا الصدد منها أن تحل قوات أميركية في هذه المرتفعات كبديل عن قوات العدو الإسرائيلي”، كما أن هناك أيضاً محاولة فرنسية خصوصاً أن فرنسا مصرّة على انسحاب كامل لإسرائيل من لبنان، بحيث يتمحور التوجه الفرنسي حول “تواجد قوات طوارئ دولية مع ووحدات من الجيش اللبناني على المرتفعات التي يتمسك بها العدو، وهذا الحل الأقرب إذا ما أخذ به”، وفق ملاعب.

وبالمقابل، يقول ملاعب أننا “تعودنا أن ما يؤخذ به هو القرار الأميركي وليس القرار الفرنسي”، معولاً على إمكانية معينة بنجاح الدبلوماسية اللبنانية مع الضغط الفرنسي في خيار إنشار قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني.

الثقة بالجيش.. والفقرة 13

أكد رئيس لجنة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، عقب اجتماع اللجنة، إحراز “تقدم كبير خلال الأشهر القليلة الماضية”، معرباً عن الثقة بأن “الجيش اللبناني سيسيطر على جميع المراكز السكانية في منطقة الليطاني الجنوبية قبل يوم الثلثاء المقبل”.

وأضاف جيفيرز: “ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن ترتيبات وقف الأعمال العدائية تحتوي على العديد من المكونات في الفقرات الـ 13، وسنواصل المساعدة في تنفيذ كل هذه المبادئ، حتى بعد 18 شباط، ستظل الآلية مركزة، وتواصل عملها مع جميع الأطراف حتى يتم تحقيق التنفيذ بالكامل”.

تجدر الإشارة الى أن الفقرة 13 تنص على التالي:

“تطلب كل من إسرائيل ولبنان من الولايات المتحدة، بالتعاون مع الأمم المتحدة، تسهيل المفاوضات غير المباشرة بينهما بهدف حل النقاط المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 1701”.

5 نقاط إستراتيجية

وانطلاقاً مما صدر عن جيفيرز، بالثقة بالجيش اللبناني بالسيطرة على جميع المراكز السكانية في منطقة الليطاني الجنوبية قبل يوم الثلاثاء المقبل، فماذا عن النقاط الخمس في جنوب لبنان الذي يحاول جيش العدو البقاء فيها، وذلك لأهميتها الإستراتيجية والأمنية والعسكرية، إذ أنها “تشرف على معظم المستوطنات في الشمال الفلسطيني المحتل وكذلك تشرف على كل من الخيام ومرجعيون والناقورة في الشرق والغرب والوسط”، كما يشرح ملاعب.

ويلفت ملاعب الى “أن جيش الاحتلال أقام تحصينات في بعض منها، حيث عمد الى بناء جدران إسمنتية، ووضع أعمدة عليها كاميرات وأجهزة رصد منذ حوالي الشهر”، موضحاً ان التأخير الحاصل للانسحاب حتى يتمركز فيها”.

ويعدد ملاعب هذه المرتفعات وفق أهميتها وهي تلة الحمامص، وجبل بلاط، وتلة اللبونة، وتلة العزية، وتلة العويضة. ويشرح ملاعب الميزات الجغرافية والإستراتيجية لكل منها:

“تلة اللبونة: تشرف على علما الشعب والضهيرة ويارين، وبالمقابل تشرف على مستوطنات عدة منها زرعيت وشوميرا.

جبل بلاط: يشرف على رميش وعين إبل ومن الناحية المقابلة على مستوطنات كبيرة ومن بينها مستوطنة شتولا.

تلة العويضة: من أهم التلال وهي التي شيّد فيها العدو أعمدة وزرع عليها كاميرات للمراقبة، وتطل على مستعمرتي المنارة ومسكاف عام، كما تشرف من الجهة اللبنانية على الخيام ومرجعيون. وترتفع التلة 820 متراً عن سطح البحر، فيما المستوطنة الأعلى في الجهة المقابلة، لا ترتفع أكثر من 600 متراً.

تلة الحمامص: ترتفع حوالي 900 متراً وهي قريبة من تلة العويضة وتشرف على نفس الأماكن.

تلة العويضة: وهي التلة الأهم إذ تبعد 50 متراً فقط عن الحدود وتشرف على مستوطنات الشمال الفلسطيني المحتل وأهمها المطلة وكريات شمونة.”

وبين مؤشرات ودلالات زيارة ما مرتقبة لأورتاغوس، وبين الجهود الدبلوماسية المرجوة دولياً ومحلياً، وبين قرارات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والاستمرار بنسف ما تبقى من هيكل منازل في القرى المحتلة في الجنوب والتفجيرات المتلاحقة، الحكومة اللبنانية أمام امتحان لا يمكن إلا أن تنجح فيه، لتحرير أخر شبر من الأراضي اللبنانية.

الانباء الالكترونية

مقالات ذات صلة