هل من صدمة تغيير؟
كان من المتوقع أن تشكّل “صدمة التغيير” فرصة جدية لجمع قوى المعارضة، وانضمام أطياف واسعة من المستقلّين والسياديين والمعترضين، الى خطوة النائبين نجاة صليبا وملحم خلف، الّا أن المفاجأة كانت في تسخيف وتسويف تلك الخطوة، ووضع شروط “تعجيزية” من أجل الانضمام الى الحراك البرلماني.
وبحسب مراقبين فإن عدم مجاراة المعارضة والانضمام الواسع الى هذا المسار التغييري وكسر الرتابة في ملف انتخاب رئيس للجمهورية، هو بسبب حسابات تلك الكتل وتماهيها عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في تعطيل الإصلاحات القضائية والمالية من خلال تواجدها في اللجان النيابية.
واللافت في الأمر أن المعارضين لم يتوقفوا فقط عند رفض دعم الحراك، انما أطلقوا حملة مضادة تستهدف تشويه أهدافه ووضعها في سياق حملة تآمرية تصب في مصلحة الثنائي الشيعي، اذ منهم من اتهم النائب ملحم خلف بالتنسيق المسبق مع الرئيس نبيه بري على خلفية صداقة شخصية، متجاهلين أهمية الخطوة الكبيرة في اختراق “مملكة” بري، في حين حاول آخرون اتهام النائبة بولا يعقوبيان بالاستعراض والقيام ببروباغندا شعبوية، غافلين انها أول من اخترقت منظومة السلطة بانتخابات 2018، الامر الذي شجع المواطنين على هذا الخيار. ومن اللافت أنّ لقاءها مع آموس هوكشتاين كان بناء لطلبه في محاولة لإقناعها بالتراجع عن رأيها في قضية ترسيم الحدود لتماهيها مع موقف الثنائي الشيعي بالتسوية، الا انها رفضت الأمر وبقيت على قناعاتها.
وبات من الواضح أن النواب التغييرين بشكل عام لديهم استقلالية تصب في مصلحة تحرير البرلمان من القيود الإقليمية والمحلية، وهذا ما أثبته حراكهم ومواقفهم، اذ باتوا فعلاً علامة فارقة ومستجدة في السياسة اللبنانية.
وكشف الحراك الأخير أن النواب التغييرين وإن استطاعت تفريقهم بعض الايادي الحزبية، بدوا متحدين في مقاربتهم الجديدة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وما هي عودة النائب وضاح الصادق الا خير دليل على هذا الامر.
وأيضًا ما يؤكد صوابية التصويت لعصام خليفة كدليل على المواصفات المطلوبة.
ويرى بعض المراقبون أن رؤية التغييرين كانت محقة لناحية عدم الاصطفاف خلف ترشيح النائب ميشال معوض، اذ من ناحية لن يكون لهم أي إمكانية لحشد الأصوات المطلوبة، ومن ناحية أخرى كانوا رهينة للمقايضات.
وفي الدليل أن سلة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط التي طرحها للرئاسة تحمل ثلاثة أسماء وهم: صلاح حنين، قائد الجيش جوزف عون وجهاد أزعور، مع العلم أن حنين هو اسم مطروح من قبل التغييريين من الاساس، وما يقومون به يفتح المجال لمرشح توافقي يحمل المواصفات التي يطرحونها والتي هي اساسًا غير بعيدة عن المواصفات التي طرحها السياديون.