مؤامرة على لبنان: رحل الأسد… وبقي النازحون
توقّع اللبنانيون تأثيرات أكبر لسقوط نظام بشار الأسد على ملف النازحين السوريين في لبنان، مع انتهاء السبب الذي كان يشكّل العائق الأكبر أمام العودة الآمنة إلى سوريا.
جاءت زيارة المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي الأخيرة إلى لبنان، لتترك انطباعات بأن الأمور لا تسير بوتيرة سريعة، متحدثاً عن عودة تدريجية بسبب المشاكل التي تعاني منها سوريا حالياً.
وعليه، فإن مفوضية اللاجئين باقية في بيروت، وإن كانت استطلاعاتها تظهر زيادة عدد الراغبين بالعودة من حوالى 1 في المئة الى 30 في المئة في غضون أسابيع.
وفي آخر أرقام المفوضية، منذ سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول الماضي، عاد نحو 200 ألف سوري الى سوريا من مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم لبنان الذي غادره 450 ألف نازح خلال العدوان الإسرائيلي بين شهري أيلول وتشرين الاول 2024.
وبينما كان متوقعاً أن ينحصر عمل المفوضية في لبنان بعد رحيل الأسد، أفادت معلومات لموقع mtv بأن المفوضية تستمر بأعمالها بشكل طبيعي وجدّدت عقود موظفيها للعام 2025. لكنها أشارت إلى أن المفوضية سبق واتخذت قراراً بإقفال أكثر من مكتب لها في صور وجبل لبنان قبل التطورات الأخيرة في سوريا، لافتة إلى أن إجراءات جديدة ستُتخذ بطبيعة الحال بعد سقوط الأسد.
ولكن الجديد هو قرار وزارة الخارجية الأميركية بوقف جميع المساعدات الخارجية، بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي تتأثر به مختلف الدول ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية التي تتلقى التمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. فالولايات المتحدة هي أكبر ممول عالمي للمساعدات العالمية للشؤون الإنسانية، وبلغت الميزانية التي رصدت في العام 2024 نحو 13 مليار دولار.
وكشفت معلومات موقع mtv أن مفوضية شؤون اللاجئين ستتأثر حكماً بهذا القرار، وقد أبلغت موظفيها بتوقّف التمويل الأميركي، وأنها ستدرس تداعياته.
بالتوازي، تبقى حقيقة واحدة هي أن مسألة بهذا الحجم تشكل عبئاً وخطراً كبيراً على لبنان على أكثر من صعيد، ما تزال من دون حلّ وتنبئ بالأسواً كلّما تأخرت المعالجة. لا بل أكثر، حيث يشير رئيس حركة التغيير إيلي محفوض، في حديث مع موقع mtv، إلى أن “هذا السلوك يخفي تواطؤاً كبيراً ومعالم مؤامرة كبيرة جداً لم تتكشف خيوطها وأهدافها الحقيقية بعد”، معتبراً أن هذا الملف يمكن تصنيفه بالخطر القومي على لبنان والوجود اللبناني.
ورأى محفوض أن “الحل الوحيد الفوري هو اتخاذ الدولة اللبنانية قراراً بإجراء “ترانسفير” للاجئين السوريين وإفراغ المخيمات ونقل جميع النازحين الى سوريا، وإلا نحن أمام أزمة قد تطول لسنوات”، مشدداً على أن “لا أحد بإمكانه أن يتذرّع بأن النظام السوري قد يرتكب مجازر بحقهم، بعدما كانت المنظمات الدولية تخشى من تصفية النازحين على يد النظام الذي أُسقط. فالإدارة القائمة اليوم في سوريا تختلف كلياً عن السابقة، ومن المفترض أن يكون النازحون في لبنان موالين للإدارة الحالية ولم يعد هناك أي حجة. وإذا لم تقم الدولة بهذا المشروع فهي مقصّرة، لأنه لم يعد هناك أية ذريعة”.
وأكد محفوض أن “لا لوم على السوريين ولا المنظمات الدولية ولا الدول والسفارات، إنما الدولة اللبنانية تتحمّل كامل المسؤولية حول هذا الملف”.
ورداً على سؤال، وجّه محفوض دعوة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قائلاً: “فليقم ميقاتي بهذه الخطوة حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال. ففي أيامه دخل النازحون، وليكتب التاريخ أن في أيامه غادروا. فمن يتخذ هذه القرارات في الساعات الماضية حول الأملاك البحرية والمشاعات والتعيينات والمناقلات، بإمكانه اتخاذ هكذا قرار نحن بأمسّ الحاجة إليه”.
دخل كلٌّ من لبنان وسوريا مرحلة جديدة ويعيش البلدان فرصة تاريخية قد لا تتكرّر. فهل تُقفَل ملفات القلق بين بيروت ودمشق، وفي طليعتها ملف النزوح؟
نادر حجاز- ام تي في