ما بعد 26 كانون الثاني.. ما الذي يجري؟
يبدو أن العدو الإسرائيلي كان يعد عدته لما بعد 26 كانون الثاني أكثر مما كان “حزب الله” يرسم له. ومقابل عنتريات “الحزب”، يصر هذا العدو على تطبيق القرار 1701 وملحقاته على امتداد الأراضي اللبنانية، وتنفيذ ضربات نوعية وفق بنك أهداف محدد لا تهاون فيه، معطياً لعملياته العسكرية “شرعية” جراء عدم التزام “الحزب” ببنود وقف إطلاق النار.
فبعد قصف النبطية ومناطق متعددة في الشريط الحدودي، تمددت الغارات إلى المعابر غير الشرعية في البقاع والشمال. هذا عدا التهديد بضرب المطار في إطار الشكوى التي قدمتها إسرائيل إلى لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان، بأن “دبلوماسيين إيرانيين وآخرين ينقلون عشرات الملايين من الدولارات نقداً إلى “حزب الله”، وفق ما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
بالمواجهة، لم يعد لدى الحزب الاستعراضي أي قدرة ميدانية على ردع إسرائيل، التي تترصد كل محاولاته لإعادة تكوين ترسانته العسكرية و”قرضه الحسن” المنكوب بأزمة مالية خانقة. لم يعد لديه إلا التكليف الشرعي وتأمين وسائل النقل لحثِّ العُزّل على عودة “عفوية” تشكِّل متاريس بشرية هشة تتساقط ثمناً للاستعراض الذي لم يغيّر ولن يغيّر في بنك أهداف العدو لما بعد مهلة الستين يوماً قيد أنملة.
والأمر مفهوم في سلوكيات “الحزب” الذي لا يزال يصر على مصادرة الطائفة الشيعية بأكملها، بعدما خسر السيطرة على لبنان، رافضاً التصديق أن الشيعة المارقين عن الذين يلتزمون تكليفه الشرعي، باتوا حاضرين مع “صفر خوف” لإيصال أصواتهم. وهم كثرٌ وقادرون على تغيير المعادلة بالمنطق وليس بالسلاح، وهم لا يوافقون على سيناريواته للانقلاب على الدولة مع انطلاق العهد الجديد، ولن ينفعه تنفيذ 7 أيار جديد، وبمشهدية مبتذلة مع دراجاته النارية وقمصانه السود، ليفرض شروطه.
وقطعاً، لن يؤتي ثماره سقوط المزيد من الضحايا لإثبات معادلة “خليهم يفرجونا” التي أتحفنا بها رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد… وما يستتبعها من اتهام بالعجز، للدولة التي لا تزال، حتى هذه المرحلة، صنيعتهم وجريمتهم.
وكأن “الحزب” لا يعي أو لا يريد الاعتراف، وكعادته، برضوخه للقرار الدولي بعد هزيمته، فهو يسعى للبقاء مهيمناً على الدولة التي يعمل على إلغائها، ومعرقلاً تأليف حكومة “وطنية” بامتياز، فاتحاً الباب أمام مساوماتٍ للقوى السياسية، تعقِّد لرئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام قيادة لبنان نحو استقرار يؤسس لمسيرة الإنقاذ.
والمؤسف أن “الحزب” والعدو الإسرائيلي يتنافسان في ما بينهما لتبرير ما يرتكبانه بحق لبنان من خلال التشكيك بالحكومة والجيش اللبناني لعدم تنفيذ المتفق عليه خلال ستين يوماً، لتكتمل المهزلة الدموية من خلال إصرار “حزب الله” على التذاكي و”الحرتقة” في زواريب السياسة الداخلية، بمواجهة إصرار إسرائيل على تطبيق شروط وقف إطلاق النار… بالنار.
سناء الجاك- نداء الوطن