خاص: هدنة الـ60 يوماً انتهت.. ماذا يقول اللبنانيون (تقرير)؟!

بين منفصمين عن الواقع ومرعوبين من الآتي
هدنة الـ60 يوماً انتهت.. ماذا يقول اللبنانيون؟!
انتصار يقابله خوف وارتباك وتوتّر وقلق.. والكثيرالكثير من المفردات التي تحمل نفس المعنى.. اللبنانيون منقسمون ما بين من يعيش زهوة الانتصار ولو فوق الدمار، وبين مَنْ يعيشون رهبة الساعات التي تلي انتهاء هدنة الـ60 يوماً مع العدو الإسرائيلي، بعد عدوان صيف 2024، الذي أسفر عن آلاف الشهداء والجرحى ودمار كاسح للجنوب، وصولاً إلى البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت..
قبيل ساعات من دخول الهدنة حيّز التنفيذ، Checklebanon تجوّل في بيروت وضاحيتها الجنوبية، مستقرئاً المآل وسائلاً عن الأحوال.. وعاد بالآتي:
اللي اتدمّر بيرجع يتعمّر
كان عام 2024 كارثة الكوارث بالنسبة إلى علي (مع التحفظ عن ذكر اسم العائلة)، رغم أنّها ليس المصيبة والأزمة الأولى التي تضرب حياته، فبعدما بنى اسماً لامعاً وفتح مطعماً بدأ يستقطب الناس في الضاحية، حلّت الحرب.
تهجّر علي وتشرّد عن أسرته (زوجة و 3 أبناء)، قُصف المبنى حيث يسكن، والمبنى حيث يقع مطعمه، لكن إرداة الحياة مستمرّة – على حد قوله – ونهض من جديد واستعاد مطعمه في وقت قياسي، واستأنف النشاط بشكل أوسع، ومستعد للمواجهة من جديد في حال عاد العدو، لأن اللي اتدمر بيرجع يتعمّر.
إذا رجعوا منرجع
سناء (عزباء 24 عاماً) من الضاحية أيضاً، أكدت أنّها لم تنهض بعد من صدمة دمار محلّها الخاص لتنسيق الورود، لكن الأمل بالله كبير، و”الضربة اللي ما بتقتل بتعلّم.. ومش خايفة لو رجعوا منرجع.. لأنّنا ولاد السيد وهيك تعلّمنا من شهادته”..
ولفتت إلى أنّها من سكّان منطقة الليلكي، والحي الذي تقطن فيه أصبح أثراً بعد عين، لكن “طالما إرادة الانتصار موجودة، وطالما أن ما نقوم به هو جهاد وعقيدة، فنحن مستمرون، ولن نحيد عن درب المقاومة مهما حصل”.
الله يسترنا من الأعظم
بالتوجّه إلى مشارف بيروت، كان الوضع أكثر تخوّفاً، حيث جذبنا حديث نسوّة في محل كبير متخصّص بالخضراوات والفاكهة يقع على طريق المطار القديمة، حيث سألت إحداهن الشاب على الصندوق: “مش خايفين شو ممكن يصير بعد ما تخلص الهدنة؟”.. فأجابها الشاب بالصلابة والصمود والانتصار، لكنها نظرت إلى صديقتها وقالت: “الله يسترنا من الأعظم، والله لو رجعت الحرب، ما حيبقى مين يخبّر، هالمرّة عالموت”..
استأذنتُ وسألتها عن مدى خوفها، فردّت على سؤالي بأنّها تشتري القليل من الفاكهة قبل التوجّه إلى المطار، لأنّ القصف وصل إلى السوديكو على مشارف الأشرفية، لذلك لم تعد قادرة على الانتظار والخوف، لذلك قرّرت السفر نقاهة إلى باريس لدى ابنتها علّها تجد بعضاً من الراحة..
الله يرحمنا
دفعني الفضول إلى التوجّه للأشرفية بحد ذاتها لأستطلع ولو شخصاً واحداً عن رأيه، وبالفعل كان لسان حال عدد كبير ممن سألتهم في ساحة ساسين، الخوف من الإجابة أولاً، ثم الاستفسار عن سبب سؤالي، وثالثاً بعد طمأنتهم، الإجابة بأنّهم ينتظرون ما بعد يوم الأحد على أحرّ من الجمر.
فريدريك (66 عاماً) “أرمني يعمل معلّم تطريز” في أحد أزقة الأشرفية، ردَّ على سؤالي بسؤال عن طائفتي.. وحين أبلغته لم يطمئن حتى إعطائه تفاصيل عن سيرتي الذاتية، فأجاب: “والله يا بابا نحن هون ما عايشين إلا حرب إسرائيل، حرب غلا، حرب دوا، حرب بنك، حرب بكل شي.. الله يرحمنا”..
المشهد الكوني تغيّر
توّجهتُ إلى عين المريسة، عليَّ أصطاد بعض الإجابات على سؤالي، وكان لي ما أردت بغض النظر عن الطائفة أو حتى الهدف من السؤال..
رجل ستيني راقي الطلّة، رفض الإفصاح عن الإسم قال: “الحرب بكل أحوالها دمار وخراب، والخوف كل الخوف من تصرّف حزب الله كعادته، وفق القرارات التي تصله من الخارج، فيُدخلنا في حرب جديدة، وذريعته استمرار الاعتداءات الإسرائيلية”.
واعتبر أنّ على “الثنائي الشيعي النظر إلى الامور بمنظار جديد، فالمنطقة لم تعد كما كانت تحت وطأة محورهما، بل حصلت فيها الكثير من المتغيّرات، لاسيما مع السقوط السوري المدوّي، والعهد الجديد في لبنان، كما المشهد الكوني كله تغيّر، خاصة بعد عودة ترامب إلى الحكم”.
رامبو الصغير
وختامها مسك مع بضعة صبية يلهون على الكورنيش، سألتهم إنْ كانوا يهابون عودة الحرب “اليوم الأحد”، فقال رامبو الصغير من بينهم: “أنا بدّي جيب البارودة وقوّص الأم كا”، وردَّت فتاة: “طبعاً يا عمو كتير خايفين من صوت التفجيرات، نحن كنّا نشوف الدخان ونسمع التفجير من البلكون”.
بينما قال ثالث: “أنا صرت بعرف جدار الصوت أو الانفجار أو حتى إذا فرقيع.. لأنّو أنا لما إكبر بدي صير بطل، وروح على إسرائيل موّتهم كلهم”..
ومع أحلام الأطفال وآمال الكبار، كل الامل أن لا تحمل لنا الساعات والأيام المقبلة إلا كل الخير..
إعداد مصطفى شريف- مدير التحرير