“لحظة تاريخية”: “الزعيم” في قصر الشعب!

“لحظة تاريخية”، بهذه العبارة تلخص مصادر “اللقاء الديموقراطي”، واقع زيارة الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الى دمشق، على رأس وفد كبير، روحي، سياسي وإعلامي، ضم أعضاء “اللقاء الوطني”، وقيادات من الحزب، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، والكثير من مشايخ الطائفة وأعضاء المجلس المذهبي، للقاء قائد الادارة السورية الجديدة أحمد حسين الشرع.

هذه الزيارة “التاريخية” لـ”البيك”، تأتي بعد أكثر من 14 عاماً على آخر زيارة لسوريا، أي منذ آذار 2010، حين التقى الرئيس المخلوع والهارب بشار الأسد.

دخل جنبلاط قصر الشعب، وسار على السجادة الحمراء، يرافقه الوفد الكبير، واستقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير، وهذا ما كان مبشراً بالنسبة الى “الاشتراكي”، اذ وصفت مصادر سياسية وروحية الاستقبال بأنه “استقبال لزعيم لبناني وطني، وليس سياسياً عادياً، أو زعيم طائفة معينة فقط”.

وهذه الزيارة هي الأولى لزعيم أو مسؤول لبناني بهذا الحجم والشعبية، وكانت محط اهتمام كبير في مختلف الأوساط السياسية المحلية والعربية، بالتوازي مع كل الأزمات التي تعيشها المنطقة عموماً، والواقع اللبناني الداخلي، وعلاقته بسوريا خصوصاً.

اللقاء “التاريخي” استهله جنبلاط بتهنئة الشعب السوري والقيادة الجديدة بالتحرر من نظام الأسد، واستبداده وقهره، ووجه التحية لهم، ولكل من كان له دور في صنع هذا الانتصار، والتطلع الى سوريا الموحدة والحرة.

هذا الانتصار أشارت اليه مصادر “الاشتراكي” في حديث لموقع “لبنان الكبير” بأنه “زلزال”، كانوا بانتظاره منذ زمن، و”كابوس” كان يثقل كاهل اللبنانيين والسوريين، وقالت: “هذه لحظة تاريخية بالنسبة الينا، الحزب الاشتراكي بأكمله كان في القصر”.

وبالعودة الى حديث جنبلاط أمام الشرع، والقيادة السورية الجديدة، تمنى أن تكون العلاقات بين لبنان وسوريا عن طريق السفارات، وهذا ما كنا قد أشرنا اليه في مقال سابق، وأنها بند ضمن الورقة التي سيقدمها “البيك” الى الشرع.

وتمنى أيضاً أن تتم محاسبة كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين والسوريين، وأن يتمتعوا بمحاكمة عادلة، وأن يبقى بعض المعتقلات كمتاحف للتاريخ.

في المقابل، “القائد” الشرع، أو “الشيخ” أحمد، كما كان يسميه من كانوا في قصر الشعب، استقبل الوفد باحترام وأخوة واضحة وظاهرة، واستهل حديثه بشكره، وأكد اطلاعه على الواقع اللبناني، والعلاقة الاستبدادية التي فرضها الأسد، إن كان من خلال تأكيده أن النظام المخلوع هو من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والزعيم كمال جنبلاط، والرئيس بشير الجميّل، وأن هذا النظام كان ينشر المشكلات ويخلق النعرات الطائفية بين اللبنانيين.

وشدد على أن سوريا الجديدة، لن تكون مصدر قلق وإزعاج للبنان، ولن تتدخل في شؤونه بطريقة سلبية، بل على العكس، ستكون على مسافة واحدة من الجميع وستحترم سيادة لبنان واستقراره الأمني، ويجب أن تكون العلاقة قائمة على التعاون المشترك والاستقرار المتبادل، فلبنان بحسب الشرع بحاجة إلى اقتصاد قوي واستقرار سياسي، وسوريا ستكون سنداً له، فهو خاصرتها.

وتمنى أن تُمحى الذاكرة السورية السابقة من أذهان اللبنانيين وأن تكون العلاقات بين البلدين استراتيجية وجديدة.

مما لا شك فيه أن جنبلاط رسم ملامح العلاقات الثنائية بين البلدين، ورد الشرع على ذلك كان مريحاً، والتجاوب بضرورة التعاون لترسيم الحدود، وضبطها، ووقف التهريب، من الجهتين، كان واضحاً، وعلى مستوى الحكومات.

وأكدت مصادر “الاشتراكي” أن “الأجواء كانت إيجابية جداً لدى الطرفين وكلام الشرع كان كافياً ووافياً، وكلامه في السياسة مطمئن، أما بالنسبة الى المستقبل فهناك بوادر خير وأمل، لكن كما قال وليد بيك، المشوار طويل عندنا وعندهم، وكل الأمور سترتب لاحقاً الى حين ترتيب أمورهم الداخلية وانتخاب رئيس للجمهورية لدينا وتشكيل حكومة”.

في الخلاصة، “الزعيم” وليد “بيك”، ومن قصر الشعب، الذي كان يسكنه قاتل والده، وقاتل أحلام اللبنانيين، حين اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من القصر الذي فرّ منه بشار منذ أسبوعين، رسم خريطة العلاقات اللبنانية السورية الجديدة، بعيداً من الاستبداد والتسلط، الذي مارسه آل الأسد خلال الأعوام الخمسين الماضية، بمباركة وتجاوب من “القائد” الشرع، بالتوازي مع التشديد على حقوق طائفة الموحدين الدروز في سوريا وقدسيتها، ودورها في الثورة منذ بدايتها.

زياد حسين منصور- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة