الشرع يطوي صفحة سوداء مع لبنان… وجنبلاط يضع حجر الأساس: “صبرنا مع سعد الحريري كثيراً ”!

بعد 14 عاماً من الانقطاع الكليّ عن أي زيارة أو تواصل مع النظام السوري المُستبد الذي ولّى الى غير رجعة، دخل رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط الى قصر الشعب المحرر من الطاغية، الى جانب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، وعلى رأس وفد كبير من النواب والمشايخ وحشد إعلامي ضخم.

ومن الباب العريض، دخل البيك ليكون أول مسؤول لبناني يزور رئيس الادارة السورية الجديدة أحمد الشرع، ويطوي الصفحة السوداء مع لبنان واضعاً حجر الأساس للمرحلة المقبلة مع سوريا الحرّة. هذه الصفحة الجديدة جاءت عبر مذكرة سلمها جنبلاط الى الشرع الذي شدد على أن “سوريا كانت مصدر قلق وإزعاج وكان تدخلها في الشأن اللبناني سلبياً، والنظام السوري قتل كمال جنيلاط وبشير الجميّل ورفيق الحريري”، مؤكداً أن “سوريا القادمة في العهد الجديد تقف على مسافة واحدة من الجميع في لبنان ولن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الاطلاق”.

“لبنان الكبير” رافق البيك في زيارته الى قصر الشعب، وخصص جنبلاط للموقع كلمة، قال فيها: “صبرنا مع سعد الحريري كثيراً وأتى يوم العدالة”. ولوحظ أن كلام الشرع كان كافياً ووافياً بالاضافة الى الطمأنة السياسية التي لمسها الحاضرون، خصوصاً وأن الاستقبال كان كبيراً للوفد، والإحترام والود اللذين أظهرهما الشرع خلال اللقاء.

ووفق معطيات “لبنان الكبير” فان “الانطباع الذي خرج به جنبلاط جيد جداً عن طريقة تفكير الشرع وطرحه، سواءً في ما يتعلق بالعلاقة بين البلدين أو حتى بكيفية بناء دولة سورية حديثة تطوي صفحة حزب الحكم الواحد وكل ما جرّه ذلك من ويلات على الشعبين السوري واللبناني. كما كان لافتاً إشارة الشرع الى أن كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري قتلهم النظام السوري، وهذا كان له وقع ايجابي جداً عند جنبلاط، والانطباع العام من هذا اللقاء الأول كان مريحاً للغاية”.

وبحسب المعطيات، كان جنبلاط واضحاً من حيث أن “المشوار طويل لديهم ولدينا في لبنان، اذ إن كل الأوضاع ستترتب لاحقاً الى حين ترتيب أمورهم الداخلية من جهة، وإنتخاب رئيس للجمهورية لدينا وتشكيل الحكومة”.

أما في ما يتعلق بالمذكرة التي قدمها جنبلاط الى الشرع، فكشف “لبنان الكبير” وفق معطياته من “الاشتراكي” أنها تتضمن نقاطاً تضع أسس بناء علاقة سوية بين لبنان وسوريا من وجهة نظر جنبلاط والتي هي في الاطار العام لا تخرج عن طبيعة العلاقات بين أي دولتين جارتين، منها ضبط المعابر غير الشرعية، تنظيم العبور بين البلدين وفقاً للقوانين والأنظمة الدولية التي ترعى عمليات الانتقال بينهما، بالاضافة الى سعيه جاهداً للبت في مسألة ترسيم الحدود بين البلدين.

وعن امكان حصول زيارات أخرى من “التقدمي” الى سوريا، أكدت مصادر الحزب أن “ذلك سيستتبع بزيارات لاحقة للتأكد من مسألة الدروز في السويداء، الذين أشاد بدورهم الشرع في اللقاء بكيفية المساعدة على إسقاط النظام منذ بداية الثورة 2011، اذ، كانوا العامل الأساسي في إسقاط النظام، وبالتالي سيزور وفد حزبي أو من كتلة اللقاء الديموقراطي السويداء لمعرفة كيفية تكريس هذه العلاقة مع النظام الجديد”.

وبالعودة الى تفاصيل اللقاء مع رئيس الادارة السورية الجديدة، ألقى جنبلاط كلمة قال فيها: “من جبل لبنان من جبل كمال جنبلاط نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر. التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية – السورية من خلال السفارات وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ”.

وأضاف: “الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك وهي جرائم ضد الانسانية، ومن المفيد أن نتوجه الى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل وسأتقدم بمذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية وعاشت سوريا حرّة أبية”.

وكان لافتاً، تأكيد جنبلاط أن “مزارع شبعا سورية”، مشيراً إلى أهمية تفعيل الحوار بين لبنان وسوريا لتجاوز التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلدين. وأوضح أن “مزارع شبعا تتبع للقرار 242 واذا حصل ترسيم بين الدولتين اللبنانية والسورية على أساس أن شبعا لبنانية نقبل بذلك لكن مزارع شبعا سورية”.

أما شيخ العقل فقال: “شعب سوريا يستحق هذا السلم ويستحق الازدهار لأن سوريا قلب العروبة النابض”. ولفت الى أن “الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة وكرامتهم من كرامة الوطن لذلك نحن واثقون بأنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم”.

وشدد الشرع على أن “المجتمع الدولي عجز عن حل المشكلة السورية خلال 14 عاماً ونحن أخذنا طريقاً مختلفاً ليقيننا بأن الشعوب لا تستطيع أن تأخذ حقّها الا بيدها”، معتبراً أن “لبنان بحاجة إلى اقتصاد قويّ وإلى استقرار سياسيّ وسوريا ستكون سنداً له”. وأمل “أنّ تُمحى الذاكرة السوريّة السابقة من أذهان اللبنانيين”، مؤكداً أن “المكون الشيعي جزء من البيئة اللبنانية وهناك صفحة جديدة مع كل مكونات لبنان بغض النظر عن المواقف السابقة”.

وفي سياق منفصل، توقع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي “أن يشهد المستقبل ظهور مجموعة شريفة وقوية في سوريا أيضاً”، مخاطباً الفصائل الثورية المسلحة في سوريا بالقول: “لم تكن هناك قوة إسرائيلية ضدكم في سوريا، التقدم بضعة كيلومترات ليس انتصاراً، لم يكن هناك عائق أمامكم وهذا ليس انتصاراً. وبطبيعة الحال، فإن شباب سوريا الشجعان سيخرجونكم من هنا بالتأكيد”.

داخلياً، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وكيل الأمم المتحدة للشؤون الانسانية توم فلتشر، وتوجه بالشكر الى الأمم المتحدة على اهتمامها الدائم بلبنان والعناية التي توليها للجانب الانساني ودعم المحتاجين بسبب العدوان الاسرائيلي، منوهاً باهتمام فلتشر المستمر بلبنان منذ تولى مهام السفير في بيروت قبل سنوات.

وأطلع فلتشر ميقاتي على المساعدات الانسانية المقدمة الى لبنان، وبحث معه في التعاون بين الدولة اللبنانية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية والمشاريع المستقبلية لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية في لبنان .

وقبل دخول البلاد في عطلة الأعياد، أكد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد “أننا نتطلّع مع اللبنانيّين إلى يوم التاسع من شهر كانون الثاني المقبل، حيث يلبّي السادة النوّاب دعوة رئيس المجلس إلى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، بعد سنتين وشهرين من الفراغ المخزي والذي لا مبرّر له في الدستور. إنّنا نصلّي لكي يختار نوّاب الأمّة رئيس البلاد الأنسب بمواصفاته لهذه الحقبة التاريخيّة المميّزة”، معتبراً أن “البلاد تحتاج إلى رئيس ينعم بالثقة الداخليّة والخارجيّة، رئيس يؤمن بالمؤسّسات ويفعّلها، رئيس قادر على النهوض الاقتصادي وإعادة إعمار المنازل المهدّمة في مختلف المناطق اللبنانيّة، ولا سيما في الجنوب اللبنانيّ والضاحية والبقاع ومنطقة بعلبكّ وسواها، رئيس يحرّك إصلاح البنى والهيكليّات، رئيس يصنع الوحدة الداخليّة بين المواطنين. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، على هذه النيّة، ويلهم الله الكتل النيابيّة على حسن اختيار الرئيس”.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة