هل يترشّح جعجع أو يكون الممر الأساسي للرئاسة: ماذا يحصل داخل أروقة معراب؟
لا شك في أن “القوات اللبنانية” تعتبر ما بعد وقف إطلاق النار بين اسرائبل و”حزب الله” هي مرحلة جديدة تأسيسية للبنان لا تشبه المرحلة السابقة التي كان يتفرّد فيها “الحزب” بالقرار الرسمي اللبناني بعدما تعرّض لخسائر كبيرة في هذه الحرب، معلناً عبر كلمة لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم التزامه بإتفاق الطائف واستعداده للتعاون مع القوى السياسية لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وبناء عليه ومواكبة للمرحلة الجديدة، حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم 9 كانون الثاني موعداً لإنتخاب الرئيس العتيد، وتتعامل “القوات” مع هذا الاستحقاق بجديّة، وهو سيكون أول اختبار حقيقي لـ”الحزب” بعد وقف إطلاق النار، ومدى اقتناعه بالتراجع عن بعض خياراته السياسية بحيث يكون أكثر تواضعاً لجهة القبول برئيس يتوافق عليه اللبنانيون.
ليس سراً أن المرشّح النموذجي لـ”القوات” هو رئيسها سمير جعجع، لكن الواقعية السياسيّة التي طبعت المرحلة السابقة دفعته إلى استبعاد نفسه من قائمة المرشّحين، لأن الظروف لم تكن تسمح بذلك، وقد أعلن جعجع مراراً وتكراراً أنه ليس لاهثاً خلف الرئاسة وهي ليست هدفاً شخصياً بحد ذاتها بالنسبة إليه، وإذا وُجِدَت كتل نيابية طلبت منه الترشّح، فهو حتماً لن يرفض.
وقد سبق أن ترشّح جعجع للرئاسة عام 2014، ولم يحظ بالأصوات الكافية لإنتخابه رئيساً في ظل تأثيرات محور الممانعة الذي لا يؤيّده حتماً. أما اليوم فلا يغيب إسم جعجع “الرئيس” داخل أروقة معراب، لكن مصادر “القوات” تشير إلى أن موضوع ترشّحه يعود إليه والى الهيئة التنفيذية وتكتل “الجمهورية القوية”، وبالتالي هي لا تؤكّد ولا تنفي هذا الموضوع في الوقت الحاضر.
واللافت أن طبيعة المرحلة السياسية في لبنان يحكمها سقف دولي، وفق مصادر “القوات”، وبالتالي أي مرشّح رئاسي يجب أن يلتزم علناً بنص اتفاق الهدنة والقرار 1701 كاملاً مع بنود الآلية التطبيقيّة، إضافة إلى تطبيق الدستور وكل البنود ذات الصلة لجهة حل جميع الميليشيات، والاعتماد على السلاح الشرعي فقط، وتطبيق القرارات الدولية التي تندرج في القرار 1701 مثل القرارين 1559 و1680.
لا يُمكن أن تقبل “القوات” بمواصفات رئيس أقل مما ذُكِرِ آنفاً، وتلفت مصادرها إلى أنها لن “تقبل بأنصاف الحلول وخصوصاً في مرحلة سيُعاد فيها تكوين السلطة على نحو جذريّ، لذلك لا يحتمل الوضع مرشّحين لا لون ولا طعم لهم، بل مرشّحون يلتزمون بما هو مطلوب لبنانياً ودولياً، إذ لم يصل لبنان إلى هذا الوضع المزري إلا نتيجة عدم تطبيق الدستور”.
على خط مواز، بدأت “القوات” مشاوراتها مع الكتل النيابية على قدم وساق، وأهمها كتلة “اللقاء الديموقراطي” وكتلة “التنمية والتحرير” وغيرهما، وترى أن المرحلة لا تحتمل “خزعبلات” تؤخّر الاستحقاق وخصوصاً أنه مدفوع بزخم دولي كبير، وعلينا الخروج من مرحلة إدارة الأزمات لإنتخاب رئيس كفء نتوافق عليه مع الآخرين لننتقل إلى تكليف رئيس حكومة من الطراز نفسه وحكومة منتجة على المستوى نفسه.
أما إحتمال لقاء “القوات” مع كتلة “حزب الله” النيابية فلا تجدها المصادر ضرورية “لأن الرئيس بري مطلّع على أجواء الحزب ويُمكن أن يضعنا بأجوائها، وينطبق الأمر نفسه على التيار الوطني الحر الذي يمكن معرفة خياراته من كتل نيابية تلتقي به، علماً أن لدينا قنوات مباشرة معه عبر لقاءات تحصل بين نائبنا الدكتور فادي كرم والنائب جورج عطا الله”.
من الواضح أن الأسماء المتداولة باتت معروفة وهي: قائد الجيش العماد جوزيف عون، النائب نعمت افرام، السفير السابق جورج خوري، اللواء الياس البيسري، وربما أسماء قد تكون خارج “العلبة”، لكن “القوات” لا تعطي أولوية للأسماء بمقدار المواصفات التي يجب أن يتم اختيار رئيس على أساسها وأهمها رئيس ينقل لبنان من ساحة 1990 و2024 إلى دولة حقيقيّة.
جورج حايك- لبنان الكبير