هدنة 60 يوماً بـ”1701 +”… نصر أم هزيمة؟
نصر أم هزيمة؟ سؤال قد لا تكون له إجابة واضحة. الواضح أن الخسارة من جهتنا هائلة بالدم والعمران، وستعيدنا الى الوراء سنين طويلة، كأنما مكتوب على هذا البلد أن تأخذه “دويلة” دائماً الى خياراتها سلماً أو حرباً، إن ربحت جيّرت مكاسبها لـ”الولي” وإن خسرت رمت كل خسائرها على “الدولة” و”الشعب العنيد”.
الأربعاء 27 تشرين الثاني يوم آخر، اليوم التالي على نكبة “حرب الإسناد”، الذي سيشهد بدء وقف إطلاق النار وفقاً لـ1701 البالغ من العمر 18 عاماً، لكن مع إضافات وضمانات لمصلحة إسرائيل، ما يجعله 1701+ أو 1701 هجيناً، يرى فيه كثيرون “فشخة” كبيرة باتجاه إعادة تأهيل الوضع السياسي الداخلي لتحرير الدولة من الدويلة.
الغريب أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تعمّد أن تكون الساعات القليلة التي سبقت إعلان إتفاق وقف النار، وسبقت سريانه، مشحونة بالرعب، مطلقاً طائراته لتغير وتقتل وتدمر على امتداد لبنان من جنوبه الى شماله وشرقه، مع التركيز هذه المرة على العاصمة بيروت، مفرّغاً حقده الدائم عليها، هي التي حضنت كل النازحين من كل المناطق والانتماءات.
نتنياهو يعلن الموافقة على وقف النار
اذاً، بعد اجتماع المجلس الوزاري المصغر حول وقف اطلاق النار في لبنان، ألقى نتنياهو كلمة برّر فيها أسباب الاتفاق، التي تنوعت بين التركيز على ايران وعزل “حماس” عن وحدة الساحات، بالاضافة الى الحاجة لتحديث القوات وتجديد المخزون العسكري، موضحاً أن “هناك تأخيراً في توريد الأسلحة والذخائر لكنه سيتم حله قريباً”.
وأعلن نتنياهو أنه على الرغم من الاتفاق، سيظل لدى إسرائيل “حرية الرد بقوة على أي خرق من حزب الله”، مضيفاً: “إذا انتهك حزب الله الاتفاق، فسوف نرد بقوة، سواء أطلق صاروخاً أو حفر نفقاً”.
وفي ختام تصريحه، قال نتنياهو: “خلال العام الماضي، قلبنا الوعاء رأساً على عقب. تعرضنا للهجوم على سبع جبهات، وقاومنا. نحن نغير وجه الشرق الأوسط”.
ضمانات أميركية لاسرائيل بحرية الحركة
وبعد خطاب نتنياهو، نشرت القناة 13 الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، تفاصيل ما يُعرف بـ “وثيقة الضمانات الأميركية”، التي أُبرمت كملحق لاتفاق وقف إطلاق النار مع “حزب الله” في لبنان.
وتتضمن الوثيقة التزام الولايات المتحدة وإسرائيل بتبادل معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بالانتهاكات المحتملة، بما في ذلك أي اختراقات يقوم بها “حزب الله” في صفوف الجيش اللبناني. كما يُسمح للولايات المتحدة بمشاركة المعلومات التي تقدمها إسرائيل مع الأطراف الثالثة المتفق عليها، مثل الحكومة اللبنانية، بهدف تمكينها من التعامل مع أي انتهاكات.
وتؤكد الوثيقة أيضاً تعاون الولايات المتحدة مع إسرائيل لكبح الأنشطة الايرانية المزعزعة للاستقرار في لبنان، ومنع نقل الأسلحة والمساعدات من الأراضي الايرانية. كما تعترف الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الرد على التهديدات القادمة من لبنان وفقاً للقانون الدولي.
في المنطقة الجنوبية من لبنان، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك ضد أي انتهاكات، بينما خارج هذه المنطقة، يمكن لإسرائيل التحرك ضد أي تهديدات إذا كانت الحكومة اللبنانية غير قادرة على إحباطها، بما في ذلك إدخال أسلحة غير قانونية.
كما تنص الوثيقة على أن إسرائيل ستقوم بإبلاغ الولايات المتحدة بأي خطوات تتخذها في هذا الشأن، وستنفذ الطلعات الجوية فوق لبنان لأغراض استخباراتية ومراقبة، مع محاولة جعلها غير مرئية للعين المجردة.
بايدن يعلن التوصل الى اتفاق
ولاحقاً، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن إسرائيل ولبنان قد وافقا على اتفاق لوقف إطلاق النار، مقدماً شكره في هذا السياق الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفي مؤتمر صحافي، أكد بايدن أن الاتفاق يهدف إلى تحقيق وقف دائم للأعمال القتالية، مشيراً إلى أنه لن تكون هناك قوات أميركية في جنوب لبنان.
وأوضح أن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت لبنان وإسرائيل. وقال: “إذا خرق حزب الله الاتفاق فإن إسرائيل تملك حق الدفاع عن نفسها”.
بيروت تحت النار
وفي الوقت الضائع قبل توقف الحرب، تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الاسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على “حزب الله”.
وكانت “القناة 12″ أفادت بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، وقد بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.
وتوالت التحذيرات الاسرائيلية لمناطق العاصمة، بحيث أعلن أدرعي أنها تستهدف فروعاً لـ”القرض الحسن”. وقال في منشور له على منصة “إكس”: “يواصل الجيش الاسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى حزب الله. على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة القرض الحسن؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لحزب الله التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب”، مضيفاً: “هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لحزب الله الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية”.
وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً أنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.
وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإارائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.
وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء العاصمة وشوارعها، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، الى الخروج سيراً على الأقدام.
غارات على الجنوب والبقاع والضاحية
بالاضافة إلى بيروت، تعرضت بلدات الجنوب والبقاع لأحزمة نارية مدمرة، وينتظر انقشاع الغبار لمعرفة كمية الأضرار وعدد الضحايا.
وشن الطيران الاسرائيلي غارات متزامنة واستهدف برج البراجنة والرمل العالي -تحويطة الغدير.
وأصدر الجيش الاسرائيلي بعد الظهر انذارات باخلاء 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، قبل أن يستهدفها بصورة متزامنة في مشهد مرعب.
وقبل ذلك شنّ الطيران الحربي للمرة الأولى سلسلة غارات مستهدفاً ساحة مخيم الرشيدية التي تعج بالأهالي، وعملت سيارات الاسعاف وشباب المخيم على نقل الضحايا والجرحى، فيما عملت فرق الدفاع المدني على نقل الاصابات من داخله.
كما أغار الطيران على الناقورة، وكفرملكي باتوليه وحاريص وكونين وبنت جبيل وارزي والعدوسية والمنطقة الواقعة بين بلدتي شوكين وميفدون ومحلة بئر السلاسل في بلدة خربة سلم وبلدة كفرشوبا وأطراف بلدة راشيا الفخار.
وفي البقاع، سجلت غارات على سحمر اليمونة وبيت صليبي المجاورة لبلدة شمسطار والحفير التحتا وعلى مدينة بعلبك، وبعلبك- بوداي- جرد طاريا – جرد النبي شيت.
وقصف الجيش الاسرائيلي منازل في حورتعلا، ومنزلاً مأهولاً في مصنع الزهرة غرب بعلبك.
موقع “لبنان الكبير”