“بيروت مقابل تل أبيب”: هل استعاد حزب الله معادلة الردع؟
كل المؤشرات تدل على ان الامور ليست ذاهبة نحو تسوية او وقف للعمليات العدائية، رغم الاجواء الايجابية الحذرة التي يصر المعنيون بالمفاوضات في بيروت، على إشاعتها، والتي تعاكس مناخاتها وقائع الميدان كلها، أو أقله تؤشر الى ان المفاوضات من اجل تحقيق هذا الهدف، الذي يصعب التكهن في مدته الزمنية.
احتدامُ الوضع العسكري واكبه تعقيدٌ كبير في الوضع السياسي، عبرت عنه عظة الاحد للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي العالية السقف حول “شرعية” الجهة التي تتولى التفاوض، وكلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي قال “بدقيقة”، الكثير في ما خص رئاسة الجمهورية. موقفان سيكونان بالتاكيد عنوان الحركة السياسية للاسبوع الطالع، ليبقى النصف الثاني من الحركة السياسية ملك ثلاثة، بنيامين نتانياهو نفسه، الذي “يدوزن” ايقاع لعبة الحرب والتسوية على عقارب ساعته، دونالد ترامب، المؤيد للحرب واسبابها وخلفياتها، اموس هوكشتاين، “الفالل وبايدن راعيه”.
وعلى طريق الخرق السياسي الموعود، تبقى الكلمة للميدان، من غارة البسطة، الى ما يحصل على الحدود الجنوبية، حيث يعمل جيش العدو الاسرائيلي على تعزيز وضعَه في القطاعين الشرقي والغربي، في مقابل معارك ملحمية من قبل حزب الله في الميدان.
في هذا السياق، ترى مصادر متابعة، ان استهداف حزب الله لتل أبيب يعكس تطبيقا مباشرا للمعادلة التي كان سبق ان أعلن عنها السيد حسن نصرالله واعاد التاكيد عليها، الامين العام الجديد للحزب الشيخ نعيم قاسم، والقائمة على “بيروت مقابل تل أبيب”، وهي هجمات تحمل دلالات استراتيجية تشير إلى قدرة الحزب على تحقيق توازن الردع مع إسرائيل واستمرار حضوره في المشهد الميداني، ردا على النظرية التي يرددها بعض الداخل عن سقوط نظرية الردع.
وتتوقف المصادر عند مجموعة من المؤشرات، التي تعكسها تلك الاستهدافات الصاروخية، وابرزها:
ـ جاهزية القدرات الصاروخية لحزب الله، وفي ذلك رد غير مباشر على المزاعم الإسرائيلية المتكررة بتدمير البنية القتالية للحزب أو إضعافها إلى حد كبير، بلغت بالبعض لتحديد نسبة ٨٠٪.
ـ عمل القوة الصاروخية وفقا لسلسلة القيادة، ما اثبت استمرار التواصل وقدرة منظومة القيادة والسيطرة، على استخدام المقدرات الصاروخية عند اتخاذ القرار بذلك، توقيتا وكما ونوعا، ما يدل على ترميم الجسم القيادي بعد سلسلة الخسائر والاضرار التي اصابته.
ـ الخلل في القدرة الإسرائيلية على منع الهجمات أو اعتراضها بفاعلية، وهو ما يعني امتلاك الحزب القدرة التكتية والاستراتيجية، على ضرب أهداف دقيقة بغض النظر عن الاستعدادات الإسرائيلية. وهنا يطرح السؤال حول دور منظومة “ثاد” الاميركية، المخصصة لاستهداف الصواريخ البالستية، ومنها “فاتح ١١٠”.
مع الاشارة هنا الى ان حزب الله استخدم خلال الايام القليلة الماضية مسيرات وصواريخ نوعية، لاول مرة، منها المجنحة التي تحلق على علو منخفض لتلافي الرادارات.
ـ تاكيد حتمية الرد على أي استهداف إسرائيلي، مما يجعل تحقيق تل ابيب لأهدافها العسكرية البعيدة المدى أمرا صعبا، ما قد يضغط في اتجاه التفكير في تسوية سياسية بدلا من تصعيد المواجهة.
ميشال نصر- الديار