بلدية الغبيري وملعب المدينة… صراع في زمن الأزمات: معتقلات أم مراكز إيواء؟

يعتبر ملعب المدينة الرياضية في بيروت رمزاً للأمل والتطلعات الرياضية، ولطالما حلمنا برؤيته في أبهى حلة. لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان، أصبح الملعب محروماً من استضافة المباريات والفعاليات الرياضية، ليصبح شبه مهجور، كما لو أنه صحراء قاحلة. وعلى الرغم من المحاولات العديدة لتحسينه، بقيت هذه الجهود بلا جدوى في ظل الظروف الراهنة، بحيث لم تتمكن وزارة الشباب والرياضة أو أي جهة أخرى من تقديم الدعم اللازم لإعادة تأهيل المنشأة.

وبينما كانت الجهود منصبة على تحسين الأرضية وتجهيز الملعب، جاء العدوان الاسرائيلي ليزيد من تعقيد الوضع، إذ أفرغ المساحات العامة من أي نشاط رياضي، وجعل من كل مكان فارغ مركزاً محتملاً لإيواء النازحين.

اليوم، تحول ملعب المدينة الرياضية إلى مركز إيواء كبير، يستعد لاستقبال ما بين 800 إلى 1000 نازح، تحت رعاية جمعية “بنين”، التي تولت الاشراف على تجهيز القسم الخاص في الملعب ليكون ملاذاً آمناً للمتضررين من الحرب.

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير”، أوضح محافظ بيروت القاضي مروان عبود، سبب اختيار جمعية “بنين” للإشراف على إنشاء هذا المركز، قائلاً: “أي جمعية بيروتية تتقدم بمشروع كهذا تُعتبر مؤهلة لذلك. والجمعية تواصلت مع جميع الجهات المعنية وتمكنت من تنظيم ورشة عمل لتحويل الملعب إلى مركز إيواء وفق مواصفات ملائمة”. وأكد أن أي جمعية بيروتية ترغب بالمشاركة في هذا المشروع مرحب بها، ما يعكس روح التعاون والتضامن في ظل الأوقات الصعبة.

ملعب المدينة الرياضية، الذي كان يوماً ما ساحة للأحلام الرياضية، يظل اليوم رمزاً للتحدي والارادة. وعلى الرغم من الظروف القاسية، فإن تحويله إلى مركز إيواء يعكس قدرة المجتمع اللبناني على التكيف والتضامن في مواجهة الأزمات.

بدأ فريق العمل في جمعية “بنين” بإقامة ورشة عمل لإنشاء مركز إيواء مخصص للنازحين، وها هو المشروع يوشك على الانتهاء استعداداً لاستقبالهم. ومع ذلك، لم تمر هذه الخطوات من دون مقاومة من بلدية الغبيري، التي أشارت الى أن العمل الجاري لم يُوافق عليه قانونياً، وأن منشأة كميل شمعون الرياضية تقع ضمن نطاقها البلدي.

ورأت البلدية في بيان أن الغرف المجهزة في المركز لا تفي بالمعايير الانسانية، ووصفتها بأنها “مظلمة متلاصقة” و”مفتقدة للتهوية والمرافق الصحية المناسبة”، معتبرة أن هذه الظروف تجعلها أشبه بمعتقلات أكثر من كونها مراكز إيواء.

وتوجه ممثلون عن البلدية إلى المنشأة، حيث قاموا بإيقاف الجمعية عن مواصلة العمل، ما أدى إلى احتكاك بين الطرفين. وطالبت البلدية الجمعية بتقديم أوراق قانونية تُثبت ترخيص عملها ضمن هذه المنشأة، ما أثار حالة من التوتر. وبينما كان عناصر البلدية يقومون بمحاولة حجز بعض الأغراض، نشب احتكاك بينهم وبين عناصر الجيش عند خروجهم.

وكانت جمعية “بنين” حصلت على موافقات وترخيص من عدة جهات رسمية، ما يتيح لها إقامة مركز إيواء واسع لمساعدة النازحين. ومع ذلك، أبدت بلدية الغبيري عدم رضاها عن الوضع الراهن، بحيث لم تقم بإجراء مراجعة رسمية للموافقة على الأنشطة التي تقوم بها الجمعية. وهذا التوتر يعكس الحاجة الملحة الى تنسيق أفضل بين الجهات المعنية لضمان تقديم الدعم اللازم للمتضررين بطريقة قانونية ومنظمة.

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير”، أشار المدير العام للمنشآت الرياضية والشبابية ناجي حمود، إلى أن “ملعب المدينة الرياضية ومحيطه يتبعان لإدارة المؤسسة العامة، ولا يحق لأي جهة خارجية التدخل في شؤونه”. وأكد أن لا وجود لأي سند قانوني يتيح للبلدية فرض صلاحياتها على هذه المنشأة، مشدداً على أن “الأراضي المحيطة بالملعب ليست ملكاً للبلدية، لذا ليست لها صلاحية للتدخل في إدارتها أو وقف أعمالها.”

وأوضح حمود أن “الجمعية ستستمر في عملها، وقد استأنفنا الأنشطة منذ البارحة. الأمور واضحة تماماً، والبلدية لا تملك الصلاحية للتدخل في شؤون المدينة الرياضية”.

وحول إمكان حدوث تدخلات جديدة من البلدية، لفت حمود الى أنه لا يتوقع ذلك، “فالموقف القانوني قوي، ويسمح لنا بمواصلة العمل من دون أي ضغوط”، معرباً عن التزامه بالحفاظ على المدينة الرياضية كمنشأة رياضية خالصة، بعيداً من أي تدخلات غير قانونية.

عمر عبد الباقي- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة