خاص: هل توقف مركز BSC للتنحيف في الجناح عن العمل.. وماذا عن موضوع “إنتقال” جراح السمنة د. هيثم الفوال إلى طرابلس؟
د. فوّال لموقعنا: الطبيب إنسان مسؤول يكون حيث يحتاج إليه “موجوع”
جراحات السُمنة ليست ترفاً بل ضرورة حتى في زمن الحرب
لا يمكن لوم الأطباء المغادرين.. أما الصامدون فهم مناضلون
مركز BSC مستمر.. وانتقالنا إلى طرابلس تلبية لحاجة المراجعين
كل الأمل أن تكون النهاية ولا يتكرر السقوط لأننا لم نعد نتحمّل
****************
في زمن أصبح الإنسان الذي ينجو من الحرب كـ”مَنْ ولدته أمه من جديد”، فكيف بالأطباء وخصوصاً “اللبنانيين”، الذين يستحقون نيشان “مناضل مع مرتبة الشرف”، نتيجة لتضحياتهم التي يبذلونها من أزمة إلى أخرى سواء في زمن كورونا او الحروب المتكرّرة والتفجيرات والانهيارات.
يعتبر الطبيب اللبناني المرابط في أرضه ووطنه “مناضلاً إلى أبعد الحدود”، رغم الكثير من العروضات والمغريات التي تُقدّم له، انطلاقاً من براعته وخبرته التي يحتاج إليها العالم، لكنه يُصر على أن يتحمّل ضعف ما يعانيه المواطن العادي، بين مسؤولياته وواجباته الضميرية والإنسانية، وبين رغبته بحياة أفضل وأكثر أمناً واستقراراً له ولأسرته.
وفي هذا الإطار، وفي ظل الأزمات المعنوية والمادية التي يعانيها الطبيب والذي يختار أحياناً النأي بأسرته بعيداً عن الموت، والعودة إلى الميدان لمواصلة عمله، كان لموقعنا لقاء مع اختصاصي جراحة السُمنة الدكتور محمد هيثم الفوال… بعد خبر انتقاله من بيروت الى طرابلس.
*******
*ما الفرق بين الطبيب والمواطن العادي في زمن الحرب؟
– الطبيب مواطن كأي مواطن لبناني آخر، يعيش المعاناة اللبنانية من أزمات متكررة يفتعلها الآخرون، ولا يرتاح من تداعياتها إلا لفترات محدودة جداً، وسرعان ما تعود.
لكن ما يميّز المواطن الآخر عن الطبيب أنّ الأوّل قادر إذا سنحت له الفرصة أن يغادر البلد إلى حيث الأمان، بينما الطبيب لا يتخلى عن التزاماته الإنسانية، وعليه التواجد على أرض الواقع، كلٌّ ضمن إطار اختصاصه طبعاً، فالطبيب إنسان مسؤول وعليه أن يكون حيث تحتاجه ظروف العمل وأوضاع الناس في بلده، وكم من طبيب نقل أسرته إلى أماكن أكثر أمناً نسبياً وعاد للعمل ولو تحت القصف.
وللأسف في هذه الحرب ارتفع عدد الشهداء من القطاع الطبي، كمُسعفين وممرضين وحتى أطباء، ما يُرخي بثقله على العاملين في هذا القطاع ويحمّلهم ضغوطات أكبر من الإنسان العادي، خاصة أطباء العظام والترميم والجراحات العامة وحتى أطباء الأطفال لمد يد المساعدة إلى النازحين.
ومن خلال جولة على عدد كبير من مراكز الإيواء، كان هناك العديد من الأطباء الذي قدّموا جهودهم وخبراتهم من منطلق التكاتف الإنساني بغض النظر عن الدين أو الانتماء، وهو ما يميز بلدنا بشكل كبير جداً، لكن للأسف النزاعات السياسية وحدها التي تفرّق الناس وتؤجّج الصراعات في ما بينهم.
*ما هي أكبر الصعوبات التي يعانيها الطبيب على الصعيد الشخصي؟
– أكبر وأصعب ما يواجه الطبيب من معاناة هو سعيه لتوفير الأمن لأسرته والاطمئنان على أحبابه، وبين عدم التقصير بواجباته الإنسانية، والتواجد على الأرض حيث يجب أن يكون لتأمين المدد لكل محتاج.
لكن بين البحث عن الأمان والمسؤولية، أكاد أجزم بأنّ معظم أطباء لبنان، إنْ لم يكن جميعهم سألوا أنفسهم مليون مرّة عمّا يُبقيهم في هذا البلد؟، وهل ما زال الطبيب قادراً على الاستمرار ما بين أوضاع اقتصادية مزرية وحروب متنقلة من فترة إلى أخرى، أم يتخذ قرار المغادرة من بلد لا استقرار فيه.
حتماً لا نستطيع لوم أي طبيب اختار الرحيل، لأنه إنسان وله كل الحق بالبحث عن الأمان لأسرته، والبحث عن المكان الذي يستطيع تطوير حياته ومستقبل أسرته إلى الأحسن بعيداً عن الحروب والأزمات.
وعلى المقلب الآخر، لا يمكننا إلا أن نصف الأطباء الذين آثروا البقاء رغم كل المغريات التي توفرت لهم بالمناضلين الحقيقيين، انطلاقاً من إيمانهم بقيامة بلدهم ولو بعد حين، وعلى طريق هذه القيامة يسعى الأطباء المناضلون لتوفير الطبابة والعلاج لأهل بلدهم.
*هل توقف مركز BSC في الجناح عن العمل.. وماذا عن موضوع “إنتقالكم” إلى طرابلس؟
– مركزBSC مستمر في عمله ببيروت يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع، وما زال يستقبل المراجعين من كل الاختصاصات “علاج السُمنة، تغذية، أطفال، طب أسنان، علاجات تجميلية وسواها”، ولكن خلال الفترة الأولى لانطلاق العدوان أغلق المركز أبوابه حفاظاً على حياة الأطباء والموظفين والمراجعين في آنٍ معاً.
أما توزيع العمل بين بيروت وطرابلس، فأثار نوعاً من الالتباس على المراجعين، الذين ظنّوا أنّ المركز قد أغلق أبوابه وانتقل إلى طرابلس نهائياً، لكن الواقع أن العمل مستمر في المدينتين تلبية لرغبات المراجعين في بيروت والشمال عموماً.
وقد وقع الاختيار على منطقة الشمال لأنّني ببساطة “ابن الشمال” وأسرتي الكبيرة من منطقة الشمال اللبناني العريق، وبسبب الحرب نقلتُ أسرتي الصغيرة إلى طرابلس للإقامة بمكان أكثر أمناً، وسنحت الفرصة لي للعمل في مستشفى “دار الشفاء” حيث أجري فيها حالياً جراحات السُمنة.
*هل يمكن اعتبار جراحات السُمنة في زمن الحرب ترفاً؟
– رغم الحرب هناك عشرات جراحات البدانة التي تتم في لبنان، خاصة أنّ “الأيام السعيدة التي نعيشها” (مازحاً) تزيد من معدل تناول الطعام، لكن إذا اعتبرنا أن جراحات البدانة هي شكلاً فقط، عندها تكون طبعاً نوعاً من الترف في زمن الحرب.
لكن الواقع أن البدانة وصلت إلى مرحلة المرض، وأصبحت كالسكري وامراض القلب وسواها، إذن طبعاً ليس نوعاً من الترف أن يخضع البدين للجراحة ويتخلص من الوزن الزائد ليستعيد صحّته، خاصة أن المراجعين يؤكدون بعد جراحات السُمنة أنهم “وُلدوا من جديد”، لذلك أجزم ان عمليات السُمنة ليست ترفاً أبداَ.
*كلمة أخيرة: أي رسالة امل يوجهها د. فوال “كطبيب مناضل” في هذا البلد؟
– آمل أن تنتهي هذه الأيام القاسية التي شكّلت هزّة إنسانية ومخاضاَ صعباً يعيشهما اللبناني، وأن يلي كل هذه المآسي فجر جديد لأمل جديد لشعب عانى بالفعل، وأن يقوم من كبواته سالما..، لكن الأمل هذه المرة أنْ تكون النهاية ولا يتكرر السقوط لأن اللبناني لم يعد قادراً على التحمّل أكثر.
خاص Checklebanon
رئيسة التحرير: إيمان ابو نكد
مدير التحرير: مصطفى شريف