الانذارات المسبوقة: ما السبب خلف الغارات التي تأتي بعد تحذيرات؟
لافت ما يقوم به الجيش الاسرائيلي خلال الحرب الحالية، فيتوجه إلى سكان بعض الأبنية والمناطق، ويأمرهم بالإخلاء، لأنه ينوي قصف المنطقة بسبب وجود “مصالح” لـ”حزب الله” فيها، وبعد وقت قصير يقصف المباني التي هددها، الا أنه لا يحدد ما هي “مصالح” الحزب التي يقصفها، فلا يظهر أنها مخازن سلاح مثلاً، علماً أنه استطاع استهداف بعض المخازن سابقاً وظهر دخان الذخيرة وهي تنفجر، ولكن ليس في هذه الهجمات التي يحذر سكانها سابقاً، فهل يعقل أنه يستهدف مبنى تحته نفق؟ أم أن المبنى يسكنه أحد عناصر الحزب؟ على الأرجح لا، فالأنفاق التي يمكن أن تهدد اسرائيل هي في جنوب لبنان، أما إن كان يريد استهداف عنصر في الحزب فلن يعطيه مجالاً للهرب، وهذا واضح في عمليات الاغتيال التي نفذها، والتي تحصل من دون تحذيرات كما حصل في منطقتي الكولا والجناح في اليومين الماضيين، فما السبب خلف هذه الغارات التي تأتي بعد تحذيرات؟
اسرائيل تحاول ضرب البنية التحتية الأساسية للمقاومة، الناس، هذا ما يقوله مصدر قريب من “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن هذه “الغارات محاولة مفضوحة لكسر إرادة المقاومة، الناتجة عن هذه البئية الحاضنة، التي يحاول الاسرائيلي دفعها إلى الاستسلام والتوقف عن القتال، وبالتالي تنتهي المقاومة”.
بينما يشير مصدر مواكب إلى أن اسرائيل تفكر في “مرحلة ما بعد الحرب، فاليوم عناصر حزب الله، يسكنون بين الناس، إن كانوا مقاتلين (غير معروفين) أو عاملين في القطاعات المدنية للحزب، وكذلك مؤسسات الحزب الاجتماعية والسياسية موجودة علناً بين مواطني البيئة الحاضنة، واسرائيل تحاول أن تدفع هذه البيئة إلى نبذ عناصر الحزب ومؤسساته وطردهم من أملاكها وأرزاقها، خوفاً على أرواحها، وعلى تدمير ممتلكاتها، فهذه هي الطريقة الوحيدة لتفكيك تنظيم كحزب الله، وليس اغتيال قيادات وعناصر”.
ويلفت المصدر المقرب من الحزب إلى أن اسرائيل تنتهج “العقاب الجماعي، وتقول للبيئة الحاضنة: أنتم اخترتم الحزب، استعدوا للعقاب، والأسوأ هو ما تقوم به من ضربات خارج البيئة الحاضنة، لا سيما حيث يوجد نازحون، كأنها تحاول زرع الفتنة والشقاق بين اللبنانيين، لتقسيمهم، ومحاولة دفعهم إلى جعل مناطقهم كانتونات، فالطريقة الوحيدة لهزيمة لبنان أمام اسرائيل هي انقسامه على نفسه، ولنتذكر أنها استطاعت احتلال بلدنا خلال فترة الحرب الأهلية”.
ليس جديداً على اسرائيل اتباع أسلوب “العقاب الجماعي”، فهو نهجها منذ تأسيسها، حيث لا دولة في العالم تهدم منزل أهل “مجرم” كما يصف الكيان العبري المقاومين، ولا دولة في العالم تفتعل مجزرة بأحياء بأكملها من أجل أن تطال شخصاً واحداً، هذا عادة موجود في مناطق متخلفة تحكمها ميليشيات كبعض المناطق في إفريقيا، وطبعاً لا دولة في العالم تنشئ حائط فصل عنصرياً، وما حصل منذ 7 تشرين الأول 2023 إلى اليوم، أدلة كافية على محاولات اسرائيل تأليب الناس ضد المقاومين الفلسطينيين، وذلك من أجل كسر عزيمتهم، وها هي تحاول تكرار النهج نفسه في لبنان، موجات من الغارات، مجازر، وحرب سيكولوجية، ويبقى السؤال هل تنجح أم أن لبنان سيبقى عقدة اسرائيل الدائمة؟
محمد شمس الدين- لبنان الكبير