النازحون في العراء وتحت المطر: اكتملت «بهدلتهم» ومأساتهم

من كان يصدق أن يكون المبيت تحت سقف آمن لا في العراء وتحت المطر هو أقصى طموح بعض اللبنانيين اليوم؟ فأمطار أكتوبر أتت في موعدها لا على غفلة، والمطر في العادة مرادف للخير إلا في حرب لبنان الراهنة، حيث تبلل النازحون وتبللت فراشهم واكتملت «بهدلتهم» ومأساتهم.

فالبعض ممن افترش الكورنيش البحري لبيروت وساحة الشهداء في العاصمة، لا يزال ينتظر «فرج» نقله إلى مراكز إيواء مقترحة من لجنة الطوارئ الرسمية التي يقول رئيسها وزير البيئة ناصر ياسين إن «ثمة مراكز في شمال لبنان ولاسيما في أقضية الضنية يمكن أن تستقبل نازحين، لكن ثمة من لا يزال يتردد في الانتقال إليها في انتظار جاهزيتها».

وفي الانتظار، ثمة من قصد في ليلة الأمطار مسجد محمد الأمين الواقع في ساحة الشهداء، وتردد أن محاولات جرت من قبل النازحين للدخول إلى قلبه، علما أن مشهد اقتحام بعض الفنادق الفارغة والمساكن الخالية من أصحابها، مثل فندق «البريستول» في الحمرا، بدأ يتكرر وقد استدعى أكثر من مرة تدخل القوى الأمنية لإبعاد النازحين عن الأماكن التي يدخلونها عنوة.

وفي محاولة غير سهلة لاقتناص بضع كلمات من النازحين الذين «سكنوا» العراء، يقول رب عائلة: «لم نترك مدرسة إلا وقصدناها، لكنها «مفولة» (والمقصود ممتلئة).. نحن في أزمة كبيرة جدا وياليت كل لبناني يأتي إلى هنا ليشعر بنا ويشهد على حالتنا». وتقول حاجة مسنة: «لا يهمني المأكل والمشرب.. يهمني تأمين الدواء لي ولزوجي». وتقول أخرى: «لم يأت لنا أحد بعد بفرش وأغطية، ومازلنا ننتظر أخذنا إلى مدارس، لكننا نسمع أنها مزدحمة جدا».

وإذا كان تدخل الحكومة لمساعدة النازحين حتى اليوم يشوبه الضعف والارتباك نظرا إلى هول المأساة وحجم العدد، فإن رد المسؤولين في الدولة اللبنانية هو أن ما يقومون به هو نوع من التدخل الأولي. ولكن إن طالت الحرب، فإن هذا التدخل قد لا يعود مجديا، لأنه في هذه الحال يجب الانتقال إلى مرحلة تأمين الإيواء الطويل الأمد، وهي معضلة كبيرة جدا سيواجهونها.

وبحسب محافظ بيروت مروان عبود، فإن «الثغرة في خطة الطوارئ الحكومية هي أنها لم تلحظ تدفق هذا العدد الهائل من النازحين والذي فاق التوقعات بكثير، فضلا عن أن الخطة كانت تقوم على وعود من المنظمات الدولية بالمساعدة والتدخل حين تحل الساعة، ولما حلت الساعة، لم تكن هذه المنظمات مستعدة كما يجب الأمر الذي عاق خطة الحكومة».

«عليكم بالصبر» هو طلب الدولة اللبنانية من النازحين، والطلب الآخر هو الحفاظ على الملكيات الخاصة وعدم احتلالها. ولكن ماذا عن طلبات النازحين الدنيا على أبواب الشتاء ولسان الحال: بأي حال تعود يا شتاء؟

الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة