الحزب في حالة من الفوضى: 4 سيناريوهات لما بعد نصر الله!

كيف تنظر إسرائيل إلى اليوم التالي بعد اغتيال السيّد حسن نصر الله؟ هل تشكّل عملية الاغتيال انتصاراً إسرائيلياً حاسماً أم محطة لحرب واسعة؟ أسئلة حاول الباحثون الإسرائيليون الإجابة عنها.

كبير المراسلين والمحلّلين في الشرق الأوسط في صحيفة “جيروزاليم بوست” سيث جيه فرانتزمان كتب تحت عنوان: “الجيش الإسرائيلي يقتل حسن نصر الله: خمس طرق تؤدّي بها الضربة إلى تغيير مسار الحرب. إنّ اغتيال نصرالله يشكّل نقطة تحوّل كبرى بعد أكثر من 11 شهراً من الحرب، ويؤدّي إلى إرباك خطط إيران وإضعاف الحزب. وسعت إيران إلى خلق حرب متعدّدة الجبهات ضدّ إسرائيل في أعقاب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، وهو ساعد في قيادة تلك الحرب. وأصبح الزعيم الأعلى للعديد من وكلاء إيران”.

وفقاً لفرانتزمان ستؤثّر الضربة على الحرب والمنطقة على الشكل الآتي:

1- الحزب في فوضى

– الحزب اليوم في حالة من الفوضى. فهو تكبّد خسائر عديدة في صفوف قيادته العليا. وجاءت خسارة نصرالله لتقطع رأس المنظّمة بأكملها. ومن غير الواضح ما إذا كان الحزب لديه استعدادات لهذا السيناريو. لا يزال يمتلك كمّية هائلة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات بدون طيار والصواريخ المضادّة للدبابات والذخائر الموجّهة بدقّة. لكن في غياب سلسلة واضحة من القيادة، أو القيادة نفسها، سيكون في حالة من الفوضى والاضطراب. وقد بات يعرف الحزب الآن أنّ إسرائيل جادّة في تحقيق أهدافها في الشمال.

– هو الذي كان يعتقد أنّ إسرائيل ستستمرّ في الدفاع واعتاد توجيه الضربات إلى إسرائيل، بات الآن يدرك مدى جدّية إسرائيل. لكنّه لا يستطيع النزول عن الشجرة. فقد زعم أنّه سيستمرّ في دعم حماس. ولا يستطيع أن يوقف هذا الدعم دون أن يشعر بالخجل. وفي الوقت نفسه، لا يملك الآن قيادة قوية قادرة على اتّخاذ قرارات جريئة.

– كان يتوقّع أن يملي الشروط على إسرائيل وأن تتعرّض إسرائيل للضغوط لإجبارها على وقف إطلاق النار ثمّ تتوقّف عن القتال في الشمال. وكان يتوقّع أن يحتفظ بترسانته سليمة إلى حدّ كبير. ولم يكن مستعدّاً لاتّخاذ موقف دفاعي. كان يتوقّع دائماً أنّه سيختار الوقت والمكان المناسبين للحرب، وأن تكون له المبادرة الأوّلية.

– الآن، وبعدما دمّرت خططه، وخسر العديد من القادة الرئيسيين، سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يستعيد عافيته وينظّم أموره. وبعدما كان يتوقّع أن تكون الحرب منخفضة الشدّة، وأن تنتهي بانتصاره، يبدو أنّ الغطرسة جعلته على حافة الدمار.

2- حماس في عزلة

– أدركت حماس ووكلاء إيران الآخرون الآن شدّة إسرائيل وعزمها. توقّعت حماس أن تنجو من هذه الحرب وأن تستمرّ في السيطرة على غزة. لقد رأت كيف كانت إسرائيل تخوض حرباً حذرة في غزة، وتوقّعت أن يتمّ فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل في نهاية المطاف.

– كانت حماس سعيدة برؤية الحزب يضغط على إسرائيل من الشمال. لمدّة 11 شهراً، اعتادت حماس وجود الحزب حليفاً قويّاً قادراً على تهديد إسرائيل بمئة وخمسين ألف صاروخ. الآن ترى حماس أنّ الحزب غير قادر على التعامل مع ضربات إسرائيل وأنّ تهديده الصاروخي ربّما تضاءل. ويتعيّن على حماس الآن أن تتساءل عمّا إذا كانت ستعاني قريباً من ضربات مماثلة لما تلقّاه الحزب.

– افترضت حماس أنّها تستطيع التشبّث بالسلطة بمجرّد الاستمرار في الوجود. والآن بعدما بان عزم إسرائيل ورأت حماس حليفها الرئيسي في لبنان يضعف، يتعيّن عليها أن تتساءل عمّا إذا كان قرارها بمهاجمة إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) قد تحوّل إلى كارثة بالنسبة لها ولمجموعة وكلاء إيران في المنطقة. فبدلاً من التهديد اللامتناهي لإسرائيل، رأت حماس والحزب الآن إسرائيل تأخذ زمام المبادرة.

3– الوكلاء الآخرون لإيران

– بعد اغتيال نصرالله الذي كان جزءاً رئيسياً من استراتيجية إيران في المنطقة ونسّق مع الجهاد الإسلامي الفلسطيني وحماس وجماعات أخرى، ستحتاج إيران إلى الاعتماد على الميليشيات العراقية والحوثيين بشكل متزايد في الأشهر والسنوات المقبلة. فالخسائر التي لحقت بالحزب الآن كبيرة وقد تنهار الجبهة في لبنان. كما وقد ضعفت الجبهة في غزة بشكل كبير لدرجة أنّ إيران ستضطرّ إلى التعامل مع التهديدات المتزايدة لإسرائيل من جبهات أخرى.

– تضمّ الميليشيات المدعومة من إيران في العراق عدداً كبيراً من المجموعات المختلفة. لكنّها ليست متطوّرة للغاية. كما أنّ معظم مجموعاتها غير مرتبط بالوحدات العالية الجودة القريبة من الحرس الثوري الإيراني. وبالتالي فإنّ الوحدات الأكثر خطورة هي بضع ميليشيات تضمّ آلاف الرجال لكلّ منها. وقد ترسل قوات إلى لبنان أو نحو الجولان.

– بينما على النقيض من ذلك، يمتلك الحوثيون أنظمة أسلحة أكثر خطورة ويبدو أنّهم أكثر انضباطاً من الميليشيات العراقية. وهم أبعد عن إسرائيل، بحوالي 1,500 ميل، وليس لديهم ممرّ برّي للوصول إلى حدود إسرائيل. ومع ذلك، فقد أظهروا استعداداً متزايداً لاستهداف تل أبيب والمناطق في وسط إسرائيل باستخدام صواريخ بالستية بعيدة المدى. ولديهم أيضاً صواريخ كروز بعيدة المدى وطائرات بدون طيّار، كما زادوا من استهدافهم للسفن في البحر الأحمر.

4 سيناريوهات مُحتمَلة

من جهته، أمير بوهبوت، وهو محلّل عسكري ودفاعي في موقع “والا” الإسرائيلي، وصف اغتيال إسرائيل للأمين العام للحزب بـ”الحدث الزلزالي في الشرق الأوسط”. واعتبر أنّه يشير إلى “تغيير في قواعد الاشتباك” في القتال ضدّ ما “يسمّى محور الشرّ”. ويبعث رسالة واضحة عن العزم والجرأة الإسرائيلية اتجاه المنطقة بأسرها، وخاصة إيران. كما يزيد خطر نشوب صراع أوسع. فهو يفتح فرصاً كبيرة في المعركة ضدّ الحزب في الشمال، وضدّ حماس في الجنوب. وهو ما يزيد من احتمالية حدوث تصعيد أوسع لكن مع خلق فرص التوصّل إلى اتفاقيات إقليمية وتسوية شاملة.

كلّ هذا في رأي بوهبوت، يعتمد على ردّ الحزب. وهو عرض 4 سيناريوهات في هذا السياق يتعيّن على الجيش الإسرائيلي الآن أن يستعدّ لها، سواء من حيث الدفاع عن إسرائيل أو من حيث مواصلة عملياته الهجومية:

1- يتضمّن السيناريو الأكثر تطرّفاً قيام إيران بإطلاق العنان للحزب والحوثيين. وهو ما يسمح لهم بشنّ هجوم صاروخي وبطائرات من دون طيار على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

2- في سيناريو أكثر خطورة، قد تنضمّ إيران نفسها إلى الصراع مباشرة بضربات من أراضيها، على الرغم من أنّ هذا الاحتمال يعتبر منخفضاً.

3- السيناريو الأكثر ترجيحاً يتضمّن الانتقام المتعدّد الجبهات، من قبل أطراف “المحور” والجماعات الإرهابية الأخرى. ما قد يؤدي إلى هجمات من جبهات متعددة، فضلاً عن حوادث عفوية متفرّقة في الضفة الغربية.

4- اجتياح برّي في لبنان. وهو رهن بردّ الحزب وما إذا كانت قيادته ستتمسّك بموقفها المتشدّد ضدّ إسرائيل وتستمرّ في ربط مصير المنظمة بالصراع الدائر في غزة، أو ستعيد النظر في استراتيجيّتها. واستعداداً لذلك، رفع الجيش الإسرائيلي مستوى تأهّبه إلى أعلى مستوى في الدفاعات البرّية والبحرية والجوّية وعزّز القيادة الشمالية بلواءي مشاة. وهو مستعدّ للهجمات في حال تدهور الوضع، وإذا لزم الأمر لاجتياح برّي في لبنان.

اساس

مقالات ذات صلة