بين جعجع وباسيل والوساطات لم تعد تنفع…فهل تجمعهما “مصيبة” فرنجيّة؟

بات رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يبحث في دفاتره السياسية القديمة عن تفاهم سابق، لم يدم طويلاً لانه بُنيّ على أساسات ضعيفة، غابت عنها الثقة المتبادلة، وهذا التفاهم الذي وُقّع في العام 2016 بين “التيار” و”القوات اللبنانية” ممثلاً حينها بالعماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات”الدكتور سمير جعجع، على وقع فتح قناني الشمبانيا التي تذوقها باسيل حينها، رافعاً كأس الانتصار الى جانب الحاضرين من الطرفين، ومن ثم عاد لينفي ضلوعه في هذا التفاهم قائلاً:” لم اكن انا مَن وقع تلك الاتفاقية بل العماد عون”.

هذا الخلاف فتح ابواب جهنم بين الحزبين، ونبش الماضي الاليم والمحزن الذي سعى المسيحيون الى نسيانه وتخطيه، لكن الاقطاب ما زالوا يتبارون في التناحرات والانقسامات المسيحية، التي ساهمت من جديد في إحباطهم، بعد محاولاتهم نسيان كل تلك السنوات من الصراع، خصوصاً في نهاية الثمانينات التي وضعت المسيحيين تحت سابع ارض، بفضل حروب عبثية اوصلتهم الى الهلاك.

اليوم وبعد كل تلك السنوات التي لم تغير شيئاً من ناحية التلاقي والتوافق، ولو على إستحقاقات هامة، يبرز ذلك الخلاف الذي وعلى ما يبدو لن يجد طريقاً الى الزوال، وفتح الأسوار المغلقة بين معراب والرابية، وضمنها البيّاضة المتمثلة برئيس” التيار” الذي عاد وإنفتح الشهر الماضي على رئيس “القوات” وتحديداً من امام مدخل الصرح البطريركي، حين طالب بالحوار المسيحي بغية الاتفاق رئاسياً، مع الافرقاء المسيحيين وفي طليعتهم جعجع ، فيما كان باسيل في السابق من اول الرافضين لأي حوار، لانه لن يؤدي الى شيء كما كان يقول، لكن اليوم تغيرت المقاييس وبات الوضع صعباً، لانّ العزلة السياسية لا تطاق، بالتزامن مع ” زعل” الحليف الوحيد المتبقي له، فلا التحالف المسيحي ولا الشيعي ولا السنيّ نجح مع رئيس ” التيار”، لانّ الكل “غضبان وزعلان” منه، والافرقاء المعنيون أعلنوها بالصوت العالي :” لا للعلاقات السياسية مع رئيس” التيار”، واول الرافضين كان رئيس حزب “القوات” الذي أعلن موقفه بصراحة تامة:” الحوار بدو أهل حوار”، وسبق ذلك بفترة وجيزة رفض مماثل لإستقبال وفد من “التيار” في معراب، لشرح مبادرته الرئاسية، ليرّد باسيل لاحقاً :”جعجع رافض لكل شيء، لا بدّو يجي على بكركي ولا بدّو يعمل حوار”.

هذا وتشير مصادر مطلعة على الخلاف الموجود بينهما، الى ان اسباباً اخرى سبقت ذلك، وكانت بمثابة ” القلوب المليانة”، ومنها التباين السياسي الكبير الذي برز في الحكومة حين كانت ” القوات” ممثلة فيها، على خلفية ملف بواخر الكهرباء، مروراً بالتعيينات التي وصفها القواتيون بتعييّنات المحاصصة، حيث خرجت منها بأيد خالية، والهجوم السياسي المتبادل والامثلة الخلافية كثيرة.

الى ذلك يؤكد المطلعون على العلاقة بين الحزبين، بأنه بات من الصعب جداً إستعادة مشهد التقارب بينهما، لان العلاقة محتاجة ليس فقط الى إعادة ترميم كبيرة ، بل إعادة هيكلة تلك العلاقة من جديد، ورسم خارطة طريق لها، بعد مرورها بمطبّات عدة لم يسلم منها احد. وما زاد في الطين بلّة الهجومات المتواصلة والهجومية بين مناصري الفريقين، على مواقع التواصل الاجتماعي والتي لم ولن تهمد.

وفي السياق يشير المطلعون الى وجود قطيعة يبدو انها طويلة الامد، بين رئيس “التيار” ورئيس “القوات”، وبأن الوساطات لم تعد تؤثر او تنفع، لافتين الى انّ الوضع اليوم غير سليم، وهذا لا يمكن نكرانه لكن كل شيء قابل للتسوية، ربما في وقت لاحق لكن ليس في المرحلة الحالية، وهنالك خلافات كبيرة في الاستحقاقات الهامة والقضايا المصيرية، لكن السياسة في لبنان تتقلّب بشكل لا يفهمه احد، وقد تجمعهما “مصيبة” ترشيح رئيس تيار” المردة “سليمان فرنجية الى الرئاسة، فيتفقان على إسقاطه وعدم السماح بوصوله الى بعبدا.

صونيا رزق- الديار

مقالات ذات صلة