السيد لم يعد بين الأحياء: زلزال الضاحية… أي مستقبل لـ “الحزب”؟

هو زلزال بكل معنى الكلمة، اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، هزّ الضاحية وكل مناطق البيئة الحاضنة، لدرجة أن البعض لم يصدق أن السيد لم يعد بين الأحياء، وأصبح عقله يرسم تخيلات عن خطة من الحزب لمفاجأة العدو، وإحداث دمار هائل فيه، بل ولاحتلال الجليل كما وعد “السيد” الشهيد.

الغضب والحزن يسيطران على المشهد، اسرائيل قتلت “السيد”، وفي اللحظة الأولى يمكن ملاحظة توجيه الاتهامات إلى داعمة الحزب وراعيته إيران، بأنها غدرت به وقايضت ورقته على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية، والبعض تحدث عن طي إيران مرحلة الحزب “الأممي” الذي أنهى أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” وقاتل قي البوسنة، وهزم “الارهاب” في سوريا، وأصبح قوياً لدرجة أن دول التحالف الدولي لمحاربة “داعش” أصبحت تتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الحزب، الذي أصبح أمينه العام رمزاً ملهماً لفصائل “محور المقاومة” من اليمن إلى العراق إلى سوريا، لقد كبر نصر الله وحزبه كثيراً، وأصبحت هناك حاجة الى طي صفحته الأولى والبدء من جديد بوجوه جديدة تكون أقل نجومية.

أما القراءة الأخرى فهي أن إيران و”حزب الله” متأخران تكنولوجياً بأشواط عن اسرائيل، التي تتبادل التقنيات مع أميركا وأوروبا والعديد من الدول المتقدمة حول العالم، وما يجري اليوم هو نتيجة هذا التفوق الاسرائيلي – الغربي، ولذلك تحاول طهران الحد من خسائرها ولملمة شتاتها مع فصائلها، وتتجه الى التقوقع والعمل على الصمود لسد الهوة التكنولوجية بينها وبين اسرائيل. ويقول مقربون من الحزب إن سبب الفاجعة هو أن اسرائيل راقبت اعادة اعمار المناطق بعد حرب تموز 2006، واستطاعت تحليل بيانات الاعمار، وكشفت التحصينات والملاجئ والمقرات، بالاضافة إلى الخرق التكنولوجي في الاتصالات واستعمال أدوات الذكاء الاصطناعي، والآن على الحزب وايران إيجاد توازن مع التقنيات المتطورة لكي يستعيدا الردع مجدداً.

على أية حال مهما كان السبب في الكارثة التي حلت بـ”محور المقاومة”، فالشرق الأوسط أمام منعطف كبير، وهو إما حرب شاملة تغيّر وجه المنطقة كلها، أو تسويات كبرى ستغيّر وجهها أيضاً. أما لبنان، فهو أمام تحول كبير، وقد يتعرض لاشتباكات داخلية، وسيكون على رئيس مجلس النواب نبيه بري خوض معركة سياسية وجودية لتثبيت أكبر قدر من المكتسبات لصالح لبنان، أقلها يبدأ من القرار 1701، وقد بدأت فعلاً بوادر مبادرات من مصر وقطر تتحرك باتجاه بيروت.

وفي البيئة الحاضنة بدأت كوادر الحزب تعمل على امتصاص الصدمة، وتبث التطمينات بأن المقاومة مستمرة، مهما كانت التضحيات عظيمة، وتنفي فكرة مقايضة ايران للحزب، وأن المقاومة في حالة ضعضعة وستأخذ الأمور بضعة أيام ليستقر الوضع وتبدأ عمليات الانتقام.

المشكلة ليست في اغتيال الأمين العام، بل في أن القيادات حوله أيضاً اغتيلت، ولكن يتوقع أن يقوم الحزب بإعادة الهيكلية، ويقدر مراقبون أنه سيعود الى عصر الثمانينيات، أي “الأشباح” السرية، وقد يعود الى العمليات الخارجية كون مسؤول العمليات الخارجية في المجلس الجهادي للحزب طلال حمية لا يزال على قيد الحياة. ولطالما تحدث العديد من كوادر الحزب عن اشتياقهم الى “ثلة الثمانينيات” عندما كان العمل سرياً جداً والفعل كبيراً.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة