نداء إلى دولة “النبيه”: أنقذ ما بقي من عيون شبابنا. فلا شيء غير لبنان يستحق أن تكون له عيونهم
دولة الرئيس نبيه برّي، وحدك دون غيرك من اللبنانيين تملك مفتاح كسر عجزنا السياسي ومراوحتنا الوطنية وتكاسل المسؤولية في أعمالنا.
وحدك دولة الرئيس، تملك فرصة الأمل الوحيدة. أخرج المفتاح من جيبك. نحن لا نهوى القبّعات ولا الأحاجي. نريد الموقف التاريخي، الذي اعتدناه منك. أمسك المفتاح وضعه في قفل الوطن الصدئ. افتح لنا باب الحوار، تجاوز شروطنا وهواجسنا المحقّ منها وغير المحقّ. الظرف صعب وبائس ويائس. يكاد يضيع منّا الوطن أو ما بقي من هذا الوطن. أحوال كهذه تحتاج إلى موقف رجال الدولة الكبار.
وحدك دولة الرئيس، بيدك إنقاذنا وإنقاذ الوطن، إنقاذ الجنوب وأهله، قراه ومدنه. أنقذ ميس الجبل وشبعا وكفرشوبا وعيتا الشعب، وحولا ويارين والنبطية، وصور. أنقذ ما بقي من منازل وقصور وأكواخ متواضعة الحجر، كريمة الأنفس بالإباء. أنقذ ما بقي من نبتة التبغ وزيتون السيّد المسيح، وليمون وموز الساحل الجميل. أنقذ شاطئ صور من الضياع وآثار تاريخها من الاندثار. لقد بتنا نخشى غرق الشاطئ وحرق المستقبل. افتح الباب، اُدعُ الجميع إلى الحوار. فليأتوا معاً أو فرادى، كتلاً وأحزاباً وتيّارات. حاورهم، اسمع منهم، ناقشهم، أقم الحجّة عليهم. خذ منهم ما يسمح بإحداث ثغرة في هذا الجدار السميك.
حوار لإنقاذ البلد
حاورهم تحت شعار إنقاذ البلد. حاورهم كي ينزل الجميع عن الشجرة، ليعودوا إلى رحاب المصلحة الوطنية إلى حيث تكمن مصلحة الوطن.
استمع للقوات وهواجسها، وللتيار وطموح رئيسه، وللنواب السنّة وقلقهم، وللمستقلّين وشعاراتهم. استمع للجميع، فأنت ماهر بالاستماع والإنصات والحوار مع الجميع. استمع لهم دون شروط ودون عوائق. الهدف ليس الحوار من أجل الحوار، بل الحوار من أجل الإنقاذ وإعادة انتظام الحياة السياسية عبر انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات مسؤولة، وإنتاج قانون انتخاب جديد يعيد للوطن مفهومه وكينونته بعيداً عن الأهواء.
دولة الرئيس، أبا مصطفى، أنقذ ما بقي من عيون شبابنا. فلا شيء غير لبنان يستحق أن تكون له عيونهم. كن اليد البديلة للأيدي التي بُترت. تبّت يد العدوّ الإسرائيلي المجرم الغدّار. لم نعد قادرين على رؤية تلك المشاهد المؤلمة القاسية التي تدمي القلوب. وحدك يا سيّد عين التينة ونجم ساحة النجمة، القادر على التحدّث مع الجميع. لا يمكن لهذا الوطن الذي تحبّ، أن يرتهن لفريق أو مجموعة أو حزب أو محور. لا يمكن لأحد أن يذهب بنا للانتحار الجماعي والدمار العبثي والموت المجّاني وإنتاج الأيتام والأرامل والثكالى والمشردين والمساكين والفقراء، دون أن يكون لنا الحقّ بقول ما نريد.
إضرب بمطرقتك
قف بوجه الجميع، لست وحدك يا دولة الرئيس. فأنت المؤتمن على مسلّمة الإمام الصدر بنهائية لبنان وطناً لجميع أبنائه. وها قد دعاك المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني بالأمس قائلاً: “أدعو المؤمنين إلى القيام بما يسهم في تخفيف معاناة اللبنانيين وبذل كلّ جهد ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمرّ، وحماية الشعب اللبناني من أضراره المدمّرة”. نادراً ما يخرج السيد السيستاني عن صمته يا دولة الرئيس، فالحدث جلل والمخاطر كبيرة.
دولة الرئيس، إضرب بمطرقتك على أيّ طاولة أو منبر وسينصت لك الجميع. قل لهم: كفى مراهنة على الغرب والخارج. كفانا أجندات لا علاقة لنا ولوطننا بها. أُطلب من الجميع أن يعودوا للنظام. حاور الجميع. دع لهم أن يختاروا شكل هذا الحوار، فليس الوقت للخلاف حول جنس الملائكة وأشكال الطاولات المستدير منها والمستطيل. أطلق مبادرة إنقاذ البلاد لتكن صرخة وطن أو مبادرة وطن من عين التينة، ومن يمكنه هنا أن يقف بوجه صرخة كهذه أو مبادرة من ثلاثة بنود:
1- قرار مشترك صادر عن الحكومة ومجلس النواب يؤكّد الالتزام الفوري بالقرار 1701، حماية للبنان .
2- نشر الجيش وفقاً لخارطة الانتشار في القرار الدولي، الذي أجمع لبنان على تأييده قبل 18 عاماً.
3- الذهاب لانتخاب رئيس للجمهورية توافقاً أو عبر الانتخاب. ولينتصر من يحصد العدد الأكبر من الأصوات. ألم ننتخب سليمان فرنجية بفارق صوت واحد تحت صوت القذائف والرصاص والحصار اللئيم؟
لقد كانت إطلالتك يا دولة الرئيس عبر صحيفة “الشرق الأوسط” الإثنين الفائت بما تعنيه الصحيفة من موقع ومرجعية، رسالةً بالغة الحكمة والتقدير عندما قلت: “نحن من جانبنا لن ننجرّ، ولن نقع في الفخّ الإسرائيلي، لا بل سنقاوم مخطّطه، ونتمسّك بقواعد الاشتباك، ونطالب بتطبيق القرار 1701، وما على المجتمع الدولي إلا الضغط لتطبيقه على جانبَي الحدود بإلزام إسرائيل بوقف خرقها الأجواء اللبنانية، ونطالب الولايات المتحدة الأميركية بأن تمارس الضغط الكافي على نتنياهو لوقف عدوانه على لبنان، بدلاً من أن تتركه يبتزّها، ويشلّ قدرتها على التحرّك لوقف العدوان، ويتفلّت من الضغوط لوقف العدوان، وهو يستغلّ اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي يدفع واشنطن إلى التردّد في حسم موقفها للقيام بالضغط المطلوب، وضمان وقف النار، والشروع بوضع تطبيق القرار 1701 على نار حامية”.
دولة الرئيس، فليكن ما قلته مقدّمة لمبادرتك التي ستفتح طريق العودة لكلّ المغامرين من مغامراتهم، وتحفظ ماء وجههم ووجهنا. والأهمّ أنّها تحفظ الوطن في هذا الظرف الخطير. أنزلنا جميعاً عن الشجرة، غطِّ مغامراتنا غير المحسوبة وغير المدروسة. غطِّ فشلنا في الموالاة والمعارضة، في التورّط بالحرب العبثية حيث لا إسناد ولا مساندة، وفي التورّط بشتم الحرب، لا لشيء إلا للمساجلة السياسية التي لا جدوى منها عندما تكون القضية مصير وطن. أنقذ هذا الوطن يا دولة الرئيس.
اساس ميديا