كيف تحمي جيوش الدول العظمى مراسلاتها السرية… وتمنع التجسس؟
التشفير من البداية إلى النهاية لرسائل الدردشة والمحادثات الصوتية
من أجل ضمان أعلى مستوى ممكن من الاتصالات الآمنة للجنود في مهامهم العسكرية ومنع التجسس عليهم، وربما حتى الفوز بالحرب، بات ضرورياً على جيوش العالم استخدام عدد كبير من تكنولوجيات المعلومات والاتصالات العسكرية التي لا ينبغي لها أن تحمي وتوفر الاتصالات للأنشطة العملياتية وحسب، بل أيضاً تمكين تبادل المعلومات “الداخلية” و”السرية” بين الجنود والضباط.
حالياً، تستخدم الجيوش العظمى طرقاً مختلفة آمنة لتبادل الرسائل. ويتجه بعضها إلى الحلول التجارية المتاحة بالفعل، بينما يطور البعض الآخر برامج المراسلة الخاصة بهم بمساعدة مجتمع المصادر المفتوحة، وهي عبارة عن تعليماتٍ برمجية مصممة لتكون متاحة للعامة، حيث يمكن لأي شخص رؤية التعليمات البرمجية وتعديلها وتوزيعها على النحو الذي يراه مناسباً.
الولايات المتحدة
اقترحت القيادة العسكرية الأميركية في السنوات الأخيرة استخدام برنامجيّ المراسلة المشفرة “سيغنال” و “ويكر” في مناطق القتال، وتم إنشاء كلاهما من قبل مجتمع المصادر المفتوحة وهما متاحان للتنزيل المجاني.
أنشأت شركة “أوبن ويسبر سيستمز” الأميركية للبرمجيات برنامج “سيغنال” الذي يستخدم بروتوكول تشفير يُسمى “سيغنال سيستم” تستخدمه برامج المراسلة الأخرى. فيما أنشأت شركة “ويكر” الأميركية نسخة خاصة بالجيش. ومن خلال هذين البرنامجين يتم توفير التشفير من البداية إلى النهاية لرسائل الدردشة والمحادثات الصوتية والفيديو ومشاركة الشاشة الآمنة ونقل الملفات وتخزينها بشكلٍ كبير.
من ناحية أخرى، ينتهك استخدام البرنامجين قانون حرية المعلومات الأميركي، الذي ينص على أن رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية التي يتم تلقيها في أنشطة حكومية رسمية عامة يجب إتاحتها عند الطلب. وفي الوقت نفسه، يوفر كلا البرنامجين القدرة على حذف الرسائل، والتي لا يتم حفظها على أجهزة المرسلين أو المستلمين أو خوادم الشركة.
إضافةً إلى ذلك يستخدم الجيش الأميركي حالياً نظام “SINCGARS” بشكلٍ أساسي، وهو عبارة عن أجهزة لاسلكية وأنظمة راديو عالية التردد تعمل على تردد واحد أو تردد متغير، بحيث تتغير الترددات 111 مرة في الثانية، وهي توصف بأنها العمود الفقري لاتصالات المشاة في الجيش الأميركي.
بريطانيا
تعتمد بريطانيا على نظام “فالكون” وتصفه بأنه “نظام الاتصالات الرئيسي التكتيكي المشترك للبيئة البرية”، ويستخدم هذا النظام تقنية بروتوكول الإنترنت لتوفير نظام اتصالات عالي السعة وتكتيكي وآمن على مستوى التشكيل للفرق والألوية.
فيما توفر منظومة “BOWMAN” من أجهزة الراديو التكتيكية للجيش البريطاني اتصالات صوتية وبيانات بترددات من مقر التشكيل إلى الوحدات القتالية. وتستفيد هذه المنظومة من أحدث التطورات في تكنولوجيا الراديو والكمبيوتر وتم تصميمها لتوفير شبكة اتصالات رقمية متكاملة تتفاعل مع أنظمة وشبكاتٍ أعلى مستوى، وتزود القادة العسكريين على جميع المستويات باتصالاتٍ صوتية وبيانات آمنة إضافة إلى نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المتكامل.
فرنسا
تسعى الحكومات الأوروبية إلى تحقيق السيادة الرقمية من خلال تطوير برامج مراسلة مثل “مايتريكس” باستخدام بروتوكولات مراسلة لامركزية. ويتيح تبني مثل هذا البروتوكول تخزين البيانات في البنية التحتية لمطور التطبيق. كما يحتوي برنامج المراسلة هذا على كود مفتوح المصدر وتشفير قوي من البداية إلى النهاية وهو لامركزي.
تطور القوات المسلحة الفرنسية باستمرار النظام القائم على “مايتريكس”، وفي عام 2019، طور الجيش الفرنسي برنامج المراسلة “تي تشاب Tchap” ليحل محل “تيليغرام”، والذي كانت تستخدمه سابقاً إدارات الحكومة المحلية للاتصالات.
ألمانيا
تستخدم القوات المسلحة الألمانية برنامج “بي دبليو تشات ميسينجر BwChat messenger” القائم على “مايتريكس” للاتصالات العسكرية. ويوفر برنامج المراسلة هذا الذي تم تطويره بمساعدة مركز الابتكار السيبراني للقوات المسلحة في البلاد مسار اتصال آمن ليس داخل البلاد وحسب، ولكن أيضاً عند نشره في الخارج. ونظراً للتشفير الشامل وإدارة التطبيقات المحمولة، يمكن الوصول إليه من الأجهزة المهنية والشخصية في بيئة اتصال آمنة تتوافق مع أمان البيانات واللائحة العامة لحماية البيانات، ويمزج بين ميزات الدردشة التقليدية والتخزين السحابي.
يسمح البرنامج بمشاركة المستندات بشكلٍ آمن، وعدد لا نهائي من المشاركين في المحادثة ومراقبة وتنظيم الحركات، ويتم تشفير بيانات المستخدم ومعالجتها بما يتماشى مع تشريعات حماية البيانات الألمانية في مركز خادم مركزه هانوفر.
سويسرا
يستخدم الجيش السويسري حالياً تطبيق المراسلة “ثريما Threema”، وقد حظر جميع تطبيقات الدردشة في عام 2022 بما في ذلك “سيغنال” أو “تيليغرام” أو “واتساب”.
ويفضل الجيش السويسري هذا التطبيق نظراً لأنه لا يتطلب من المستخدمين إدخال رقم هاتف أو عنوان بريد إلكتروني عند التسجيل. وفي الوقت نفسه، يسمح تطبيق المراسلة هذا بتحديد هوية الأشخاص في قائمة جهات الاتصال الخاصة بك من خلال رموز QR الخاصة بهم.
الصين
لا توجد معلومات مفتوحة المصدر متاحة حول استخدام الجيش الصيني للمراسلات الفورية. علاوة على ذلك، فإن معظم برامج المراسلة الفورية والشبكات الاجتماعية الرئيسية، بما في ذلك “فايسبوك” و”إنستغرام” و”إكس” و”واتساب” و”تيليغرام” و”فايبر” مقيدة في البلاد. ومن المرجح أن تستخدم القوات العسكرية الصينية تطبيق “وي تشات”، وهو برنامج المراسلة الأكثر شعبية وخاضع لسيطرة الحكومة في البلاد.
إسرائيل
في عام 2020، طور الجيش الإسرائيلي تطبيق مراسلة معادل وظيفياً لتطبيق “واتساب” ويعمل تماماً مثله، ولكنه يحتوي على حماية خصوصية إضافية مدمجة لإرسال بيانات تشغيلية شديدة الحساسية.
الهند
قدم الجيش الهندي تطبيق الرسائل النصية “SAI” في عام 2021، وهو مماثل للمنافسين التجاريين “واتساب” و”تيليغرام” و”سيغنال” من حيث إتاحته التشفير من البداية إلى النهاية للصوت والرسائل النصية ومحادثات الفيديو، ويوفر حماية أمنية معززة حيث يتم التعامل مع جميع البيانات على خوادم محلية.
المدن