نحن في الممر الاخير: من ينزع صاعق الإنفجار…هل تكون الساعات المقبلة حاسمة؟
من المؤكّد أن ما بعد زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى اسرائيل غير ما قبلها، لأنها قد تكون المحاولة الديبلوماسيّة الأخيرة قبل أن يتّخذ النزاع بين اسرائيل و”حزب الله” مستوى آخر من المواجهات العسكرية أكثر خطورة.
ليس صدفة ما ضخّه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عبر وسائل إعلام عبرية منذ أيام قليلة سبقت زيارة هوكشتاين، بأنه تقرّر الذهاب نحو توسيع المعركة مع لبنان، وأنه أعطى أوامره بتركيز العمل العسكري الحالي عند الجبهة الشمالية، فإنعقد اجتماع الـ”كابينت” الاسرائيلي أمس لدراسة الخطط المستقبلية للتعامل مع لبنان، أي بالتزامن مع زيارة هوكشتاين إلى تل أبيب.
لا شك في أن لبنان يعيش ساعات مصيريّة حاسمة، والأنظار تتجه إلى أي مدى سينجح هوكشتاين في نزع صاعق الإنفجار الذي يُهدد به نتنياهو معززاً قراره بأنه يسعى لإعادة المستوطنين إلى منازلهم، وهذا لن يحصل إلا في حال توسيع المعركة لضمان أمن المستوطنات، وفق تصوّره.
ما يثير القلق أن الجهود الديبلوماسية السابقة التي قادها هوكشتاين كانت ترجئ توسيع الحرب ربطاً بوعود أميركية تؤكّد أنها قادرة على تحقيق خرق في إقناع إيران و”الحزب” بالانسحاب 10 كيلومترات، أي المناطق التي تريد إسرائيل أن تكون خالية من وجود “الحزب”. ويبدو أن هذه الجهود الأميركية فشلت حتى الآن.
تتركّز جهود هوكشتاين هذه المرة كمحاولة أخيرة، وفق الباحث في شؤون الأمن والدفاع رياض قهوجي، لتجنّب توسيع الحرب مع “الحزب” على حلّ ديبلوماسي، بدأ العمل عليه سابقاً، وربما الرئيس نبيه بري، تولى المفاوضة بإسم “الحزب” حوله. ويلفت قهوجي إلى أن “هوكشتاين يطرح مسألة ترسيم الحدود بحسب وضع النقاط الخلافية، وإمكان الاتفاق عليها مع اسرائيل، ما يعطي الحزب مبرراً منطقياً للإنسحاب 10 كيلومترات وإنهاء وجوده العسكري وسحب أسلحته الثقيلة من المنطقة وإنتشار الجيش اللبناني واليونيفيل”.
لكن منسوب التفاؤل بالحل الديبلوماسي يتراجع، ويكاد يضمحل لمصلحة الحسم العسكري، على الرغم من أن هوكشتاين يبذل كل طاقته من أجل إبعاد هذه الكأس المرة عن المنطقة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، إلا أن نتنياهو وبعض وزراء حكومته يصرون على إنهاء التهديد الأمني في الشمال. ويؤكّد قهوجي أن “ملامح تصاعد الحرب ستظهر ما إن تنتهي زيارة هوكشتاين إذا فشلت مساعيه، يعني خلال هذا الأسبوع، لكن علينا أن نراقب الخلاف الواضح بين نتنياهو من جهة، والقيادة العسكرية ووزير الدفاع يوآف غالانت من جهة أخرى، ويعوّل غالانت على المفاوضات حول غزة والإفراج عن الرهائن، ما ينهي الموضوع في الشمال بعد مفاوضات غير مباشرة مع الحزب من دون حرب. في المقابل، يصرّ نتنياهو على إطالة الحرب وتوسيعها من دون الربط بين غزة وجنوب لبنان لأهداف خاصة به”.
ليس واضحاً ماذا تعني اسرائيل بقرار توسيع المعركة في لبنان من الناحية العسكرية، إلا أن قهوجي يوضح أن “توسيع الحرب له معنيان: الأول استهداف العمق اللبناني على نحو كبير وعميق وعنيف، والثاني عملية عسكرية اسرائيلية بريّة لتقليص قدرات الحزب وتدمير الأنفاق، ودفعه بعيداً عن الحدود وإنشاء حزام أمني”.
في المقابل، يتكلّم “الحزب” عن نسق حربي جديد له تجاوز الاطار المرسوم أو المعتمد منذ 8 تشرين الأول، بمعنى آخر، فرضت اسرائيل على “الحزب” تغيير نسقه والذهاب أبعد من حرب الإسناد، وهذا يعني أنها لم تكن ناجحة، ولا بد من أن يعترف “الحزب” بأنه أخطأ حين قام بفتح الجبهة، وها هو اليوم فقد القدرة على إقفالها، ولم يعد يتحكم بقرار الحرب والسلم الذي سلبه من الدولة اللبنانية.
أما الكلام عن توافد ما لا يقل عن 3000 عنصر حوثي إلى لبنان لدعم “الحزب” في حربه ضد اسرائيل، فلا يبدو واقعياً، وهذا ما يؤكده قهوجي ساخراً: “أنا لا أرى أي مصداقية في هذه المعلومات، لأن 3000 عنصر حوثي لا يمكن أن تخفيهم في لبنان، وبالتالي كيف خرجوا من اليمن؟ فالمسألة ليست بهذه السهولة”، مشيراً إلى أن “إيران تُرسل مقاتلين من هبّ ودبّ من أفغانستان وباكستان واليمن إلى سوريا، وهي ساحة مفتوحة، وربما يكون لهم دور هناك، ولا نعرف إذا كان هؤلاء المقاتلون سيدخلون الأراضي اللبنانية عند أي مواجهة بين اسرائيل والحزب، على الرغم من أن الأخير لا يحتاج إليهم في هذه الفترة”.
التهديدات الاسرائيلية جديّة، والأميركيون يعرفون ذلك، أما هوكشتاين فيُدرك أنه أصبح في الممر الأخير، والمناورات الديبلوماسيّة استنفدت، فهل تكون الساعات المقبلة حاسمة؟
جورج حايك