لن تكون الحرب الأخيرة: اسرائيل لن تلتزم والمواجهة ستستمر!
تستمر جهود وقف إطلاق النار بين لبنان واسرائيل، وقد اجتمع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على وقع اشتداد المواجهات البرية في جنوب لبنان وتواصل الغارات الجوية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
وتشكل بنود المسودة التي نشرت خريطة طريق لتنفيذ القرار 1701، كما اتفق رئيس مجلس النواب نبيه بري مع هوكشتاين، وهو ما قبل به “حزب الله” علماً أن في طيات هذه البنود ضمان عدم إعادة تسليح الحزب وقطع طريق الإمداد عليه عبر سوريا، وستشكل كل من الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين ستنضمان إلى “اللجنة الثلاثية” التي تجتمع في الناقورة، ضمانة لمراقبة تنفيذ الحزب هذه البنود، والعمل على المعالجة عبر الجيش اللبناني و”اليونيفيل” في حالة الخرق.
واستبق مسؤولون اسرائيليون، من ضمنهم وزير الخارجية يسرائيل كاتس، زيارة هوكشتاين بالمطالبة بحرية الحركة الاسرائيلية في حال حصل خرق للاتفاق، وجرى الحديث في الاعلام عن تكرار السيناريو الاسرائيلي – السوري، بحيث تقوم اسرائيل باستهدافات داخل سوريا عندما ترى ذلك مناسباً، إلا أن هذا الأمر يرفضه لبنان كلياً.
وبعيداً من نجاح المفاوضات أو فشلها، فإن البنود المطروحة تشدد على عدم إعادة بناء “حزب الله” ترسانته العسكرية والصاروخية، فهل فعلاً سيتحقق هذا الأمر؟
اسرائيل تقدم ذرائع كافية لبقاء سلاح الحزب
أوساط سياسية أشارت لموقع “لبنان الكبير” إلى أن المشكلة الأساس هي في اسرائيل لا لبنان، وقالت: “فلنفترض أن حزب الله يستخدم اسرائيل كذريعة لبقاء سلاحه، فإن اسرائيل تعطيه الذرائع الكافية، فهي لم تلتزم يوماً بالقرارات الدولية، من الـ 425 وحتى الـ 1701، وهذا يعطي ذريعة للطرف الآخر بأن لا يلتزم بها”.
وشددت المصادر على أن أي دولة في العالم لا تقبل بـ”استباحة الطيران الحربي لأجوائها، وهذا ما تفعله اسرائيل في لبنان، فمنذ حرب تموز 2006، وإقرار الـ 1701، سجلت آلاف الخروق الاسرائيلية للقرار، ولم يتم ردعها لا من الولايات المتحدة ولا من المجتمع الدولي، وهذا يعطي حزب الله الذرائع الكافية لعدم الالتزام بالقرار”.
آفاق تطبيق الاتفاق الجديد
أما عن الاتفاق الذي تعمل الولايات المتحدة للتوصل إليه اليوم، فتشكك الأوساط في تطبيقه فعلياً، لافتة إلى أن “اسرائيل ستستمر في خروقها، وأقصى ما يمكن أن يفعله لبنان هو تقديم شكوى الى مجلس الأمن، والتي سيضعها في الملف، ويتحدث عنها الأمين العام في المراجعات الدورية لتنفيذ القرار 1701”. وتذكر بأن “الخرق الاسرائيلي لم يقتصر على الجو، فقبل اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول 2023، كان الوضع على الحدود الجنوبية متوتراً بسبب الخروق الاسرائيلية في قرية الغجر، وهذا سيعطي حزب الله مجدداً ذريعة للاستمرار في جناحه العسكري، وسيعمل على إعادة التسلح، حتى لو كانت هناك مراقبة للحدود السورية اللبنانية، سيبتدع طرقاً جديدة لتهريب السلاح”، معتبرة أن “الطريقة الوحيدة لمنع الحزب من الاقدام على هذا الأمر، هو لجم اسرائيل كلياً، فالحزب ليس كياناً غريباً أدخل بالقوة الى لبنان، بل هو يمتلك تفويضاً من بيئته الحاضنة، وهذه البيئة ستؤيد عودة سلاحه وتعزيز قوته من أجل مواجهة اسرائيل، لأنه بغض النظر عن تكافؤ القوة العسكرية، لولا تصدي الحزب لكانت اسرائيل وصلت الى صيدا في غضون أيام، وهذا ما يراه أبناء البيئة الحاضنة، بالاضافة إلى الحضانة الكبيرة التي تشكلها أميركا لاسرائيل، وهي التي ترعى الاتفاقات، ما يسبب نزعة عدم ثقة في الأوساط الجنوبية”.
الضمانات الدولية لا معنى لها
وتؤكد الأوساط أن المشكلة الأساسية هي باسرائيل، بعيداً من كل ما لدى معارضي “حزب الله” في لبنان من نقاط ضده، فهم يعترفون ضمناً أن “اسرائيل هي المسؤول الأول عن بقاء سلاح الحزب، ويعلمون تماماً أن فشل المجتمع الدولي في الزام اسرائيل بتطبيق القرارات الدولية أعطى الشعبية للحزب لمواجهتها، فلن تنشر قوات الطوارئ الدولية دفاعات جوية لإجبار الطيران الحربي الاسرائيلي على التراجع، ولن تتصدى للخروق الاسرائيلية على الحدود، وجلّ ما تقوم به تسجيل الخروق وكتابة التقارير عنها، بل حتى هي لن تقف في وجه أي غزو اسرائيلي، واجتياح الـ 1982 هو أكبر شاهد، هذا ما تتحدث به قيادات في الثنائي الشيعي خلال لقاءاتها مع الموفدين الدوليين وقيادات القوى اللبنانية”.
وترى الأوساط أن الحرب قد تتوقف بناء على الاتفاق، لكنها لن تكون الحرب الأخيرة إلا إذا “لم تقدم اسرائيل على الاعتداء على لبنان وسيادته في السنوات المقبلة، فحينها لن يؤيد أحد، لا حزب الله، ولا غيره أن يستفزها عبر التسلح أو شن هجمات عليها”.
وتتخوف من أن تعود الحرب بعد الاتفاق بفترة قصيرة، لا 18 عاماً كما حصل بعد حرب تموز، لا سيما أن الادارة الاسرائيلية الحالية تحظى بتأييد كبير من المستوطنين الاسرائيليين، وقد يقدم نتنياهو على استهداف أو أكثر بعد الاتفاق بزعم أنه يشكل خرقاً، ما قد يستدعي رداً من الحزب، ويعود لبنان إلى الدوامة نفسها.
حرب فاتفاق، وفترة هدوء، فحرب مجدداً واتفاق جديد… واقع يعيشه لبنان منذ الستينيات مع اسرائيل، ويبدو أن الجغرافيا وضعته تحت رحمة هذه المعادلة المستمرة منذ عقود، وقد تعتبر حرب الـ 2024 الأكثر شدة في وعي اللبنانيين كونها توثق في عصر الهاتف الذكي، وعلى الرغم من تمنيهم أن تكون آخر حرب يشهدونها، إلا أن التجارب مع اسرائيل تجعلهم متوجسين من حروب مستقبلية، إن كان سيخوضها “حزب الله” أو تنظيم آخر، المشكلة هي باسرائيل نفسها.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير