حزب الله يستهدف الفيلق الشمالي الإسرائيلي بصواريخ الكاتيوشا… واستقالات كبيرة في الجيش!

ما زالت الجبهة الجنوبية بين حزب الله وجيش الاحتلال الاسرائيلي مشتعلة واشتدت خلال اليومين الاخيرين لتترك الجميع أمام السؤال الأهم، هل تتدحرج المواجهات العنيفة وتتوسع إلى حرب شاملة يحذر خبراء ودول وفي مقدمها الولايات المتحدة من خطورتها والتي قد تؤدي إلى انزلاقها الى حرب إقليمية أو أكثر من إقليمية إذا ما خرجت عن السيطرة ودخلت إيران طرفاً مباشراً فيها الى جانب الحزب حليفها القوي؟

وفي آخر التطورات الميدانية أعلن حزب الله اللبناني السبت استهداف المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي الإسرائيلي في عميعاد بعشرات صواريخ الكاتيوشا للمرة الأولى منذ بدء الحرب. وكشف الحزب، في بيان ثانٍ، عن استهداف دبابة ميركافا على طريق رويسات العلم – زبدين بصاروخ موجه وأصابوها بشكل مباشر ما أدى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها. ونعى حزب الله ليل الجمعة أحد عناصره ليرتفع عدد الذين سقطوا على طريق القدس إلى 469 قتيلاً.

الوضع الميداني

ورصد جيش الاحتلال إطلاق 55 صاروخاً من حزب الله على مناطق الجليل (صفد وطبريا) خلال ساعة واحدة وأكد أن هناك 6 فرق إطفاء تحاول اخماد الحرائق قرب صفد وشمال طبريا. وأكد صحيفة «معاريف» الإسرائيلية اطلاق عشرات الصواريخ على الجليل وصفد.

وأردفت الصحيفة: «في الأيام القليلة الماضية، عمل حزب الله على زيادة نطاق صواريخه وتركيزه في منطقة مدينة صفد وروش بينا وحتسور هجليليت وقرب مفرق عميعاد» بالجليل الأعلى. وتبعد مدينة صفد عن الحدود الإسرائيلية اللبنانية نحو 41 كلم.

من جانبها، تحدثت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن «اندلاع حرائق في مناطق مفتوحة قرب صفد بالجليل الأعلى جراء سقوط صواريخ بما في ذلك في مناطق لم يتم إخلاؤها». وأعلن «حزب الله» لاحقاً السبت، قصف موقع عسكري إسرائيلي شمال غربي بحيرة طبريا ‏بعشرات صواريخ الكاتيوشا.

وقال الحزب، في بيان، إن مقاتليه قصفوا «قاعدة ومقر اللواء المدفعي والصواريخ ‏الدقيقة 282 ومخازن التسليح والطوارئ التابعة لها في يفتاح إليفليط شمال غربي بحيرة طبريا ‏بعشرات صواريخ الكاتيوشا».

ليبرمان: الحكومة عاجزة

تزامناً قال رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، السبت، إنه حان الوقت لتغيير حكومة بنيامين نتنياهو «العاجزة» عن إعادة الأمن لسكان الشمال في ظل استمرار إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان.

وقال ليبرمان في منشور على إكس: «سبتٌ آخر لا يُحتمل في الشمال، عشراتُ الصواريخ أطلقت منذ الصباح، وماذا تفعل قيادتنا؟ صامتة وعاجزة».

وتشهد الجبهة الجنوبية للبنان في الآونة الأخيرة تصعيداً واسعاً في القصف المتبادل على طرفي الحدود، تزامناً مع تهديدات إسرائيل بشن حرب برية على لبنان رغم التحذيرات الإقليمية والدولية من تفجر المنطقة وخروجها عن السيطرة. وآخرها تصريحات جون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي محذراً من توسع الحرب وخروجها عن السيطرة مؤكداً عدم قدرة إسرائيل على القضاء على حزب الله وأن «الحل يجب أن يكون دبلوماسياً… فالحرب ليست لعبة».

هجمات إسرائيل

ولليوم الـ343 تواصلت هجمات الجيش الإسرائيلي على بلدات في جنوب لبنان، وادعى، في بيان، أنه قصف بالطيران المسير منصة إطلاق صواريخ بجنوب لبنان استهدفت منطقة الجليل صباح السبت. وأضاف الجيش أنه قصف أيضاً مبنى عسكرياً في كفر رمان وهاجم بنيران المدفعية عدة مناطق في جنوب لبنان أدى الى جرح 13 مدنياً. واستهدفت النبطية 3 مرات خلال أسبوع واحد.

وما أجج المواجهات مسيرة إسرائيلية، قتلت مساء الجمعة، شخصاً وأصابت 7 آخرين بينهم 4 أطفال إثر غارة شنتها على منزل في بلدة الأحمدية.

وكان «حزب الله» أعلن الجمعة، شن 9 هجمات على أهداف عسكرية شمال فلسطين المحتلة. وقد ألهب الجبهة استشهاد 3 بينهم أب وابنه في كفر جوز قرب مدينة النبطية.

المحلل العسكري والاستراتيجي الياس حنا تساءل في اتصال مع «الجزيرة» لماذا حزب الله يضرب صفد وهي مركز القيادة الشمالية؟ مؤكداً تواصل مبدأ التناسب في الرد بين الطرفين. وأكد «أن إسرائيل تعمل على التصعيد اليومي هذه الأيام بهدف تأمين عودة النازحين بالقوة ولن تنجح فإبعاد الحزب فشل دبلوماسيا وعسكريا والجيش الاسرائيلي منهك وغير قادر على تحمل ضربات حزب الله لتبقى ضربات الجيش بهدف الضغط على الحزب وليس الانزلاق الى حرب». وختم حنا بأن «الجيش الاسرائيلي قادر على تصعيد الحرب ضد الحزب ولكنه غير قادر على انهائها».

استقالات كبيرة في الجيش

وفي السياق تساءل إبراهيم الموسوي عضو كتلة الوفاء للمقاومة تساءل: لماذا الآن يستقيل قائد قاعدة 8200 الاستخبارية والدعاية الاسترايجية والحرب الإعلامية غليليوت وعين شيمر قرب حيفا الآن بعد الضربات الموجعة التي تلقتها القاعدة على يد حزب الله إثر الهجوم المركب بالمسيرات والصواريخ والذي أدى حسب خبراء ومعلومات أمنية للحزب الى مقتل أكثر من 22 وجرح العشرات في 25 آب/اغسطس الماضي.

وجاءت ذلك بعد موجة استقالات واسعة في الأركان وحوالي 1000 من الضباط في الجيش وفي مقدمهم رئيس الأركان هيرسي هاليفي الذي سيستقيل ويترك منصبه في كانون الأول/ديسمبر وسبق ذلك استقالة قائد القوات البرية. وما يحرج إسرائيل نزوح 150 ألفاً والذين يضغطون على حكومتهم لحل مشاكلهم المعقدة.

انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية

ولرصد الموقف نحتاج لتحليل جزئية مهمة في المشهد والتساؤل عن السبب وراء ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) من أن حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت» غادرت الشرق الأوسط إلى منطقة عمليات المحيطين الهندي والهادئ، بينما استبقت مجموعة «يو إس إس أبراهام لينكولن» في المنطقة.

وقال متحدث البنتاغون، بات رايدر، في بيان الخميس، إن مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» تتجه إلى منطقة عمليات المحيطين الهندي والهادئ بعد إكمال مهمتها في القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم».

وتأتي مغادرة حاملة الطائرات في وقت يوجه فيه مسؤولون إسرائيليون تهديدات بشن حرب برية على لبنان، وهو ما ترفضه واشنطن وتضغط لمنع حدوث ذلك حسب ادعائها لا سيما مع «اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ تخشى من أن تؤدي الحرب إلى إشعال فتيل الشرق الأوسط بأكمله وزعزعة استقرار سوق النفط، بحسب مراقبين.

ومسألة مجيء المدمرات الأمريكية وحاملات الطائرات وانسحابها تكرر في مشهد يبدو متناغماً مع إسرائيل لتخفيف حدة المواجهات والردع في وجه حزب الله وصواريخه ومسيراته التي شكلت خطراً كبيراً على الكيان الاسرائيلي ويبدو أن ذلك سيتكرر في الشهرين المقبلين لتقطيع الوقت الذي ينتهجه نتنياهو الى أن يأتي موعد الانتخابات الامريكية في 5 تشرين الثاني المقبل موعد رهان نتنياهو في فوز دونالد ترامب رئيساً وبالتالي الحصول على الكرت الابيض منه والتحرر من القيود التي يعتبرها لاجمة لشن الحرب على لبنان معتقداً أنه يستطيع القضاء أو إضعاف حزب الله بينما يؤكد الناطق الأمريكي كيربي عكس ذلك.

هوكشتاين في المنطقة

وبعد انسحاب حاملة الطائرات، يعود تكرار السيناريو بإعادة واشنطن إرسال مبعوثها عاموس هوكشتاين الى تل أبيب وبيروت بهدف التهدئة. والذي سيزور المنطقة الاثنين سعياً لتخفيض حدة المواجهات بين الطرفين.

وباختصار يبدو أن استراتيجية الحزب حالياً أنه يرد على استهداف اسرائيل المدنيين في لبنان بتوسيع بيكار الضربات على مستعمرات جديدة وتهجير المزيد من المستوطنين في الشمال والجليل تحديداً مستهدفاً الآن تهجير 50 ألفاً في مدينة صفد. وكانت الضربات وإشعال المناطق قرب صفد دليلاً على تصميمه على الرد بقسوة على أي اعتداء اسرائيلي ليكون رادعاً لقوات الاحتلال.

ولا ننسى ان الحزب يدفع ثمناً كبيراً ومؤلماً بخسارة كبار قادته العسكريين، ولكن الحزب يؤكد أنه يخسر قامات عسكرية كبيرة، ولكن «المعركة كبيرة وفلسطين وغزة تستحقان كل غالٍ ونفيس».

وتبقى إسرائيل أمام حقائق صعبة أبرزها:
فشلها في إعادة 150 ألف نازح من الشمال وسط خطر معلومات مسيرات حزب الله الاستخبارية هدهد 1 وهدهد 2 وهدهد 3 وأنفاق «عماد 4» في الجنوب بالإضافة طبعاً لاستنزاف جيش الاحتلال في الحرب على غزة واشتعال جبهة الضفة الغربية التي تعد الأخطر في قلب الكيان والاستقالات المتواصلة بين أركان وضباط جيشه.

وفي المحصلة ورغم أن إسرائيل تتفوق بقوة السلاح الجوي والقدرة التدميرية إلا أنها غير قادرة على التعامل مع المعضلات التي عددناها سابقاً. ويبقى نتنياهو أسير «انتصارات وهمية» في غزة ولبنان وهارباً من استحقاقات اليوم التالي لوقف الحرب وهذا ما يؤرقه ويجعله يواصل دوامة القتل والتدمير مراهناً على تقطيع الوقت ووصول ترامب الذي ربما حسب اعتقاده سيقلب المعادلة لصالحه.

القدس العربي

مقالات ذات صلة