دولتان مستقلتان أم دولة واحدة؟!
كتب القاضي الدكتور حاتم ماضي في موقع اللواء
إن حل الدولتين هو فكرة تعود في جذورها البعيدة الى قرار التقسيم الشهير الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1947 والذي تضمن الموافقة على خطة لتقسيم فلسطين الى دولتين واحدة عربية والثانية يهودية مع وضع القدس تحت مظلة حكم دولي.
لقد رفض العرب في حينه هذا الحل فيما قبلت به اسرائيل وراحت تطرد الفلسطينيين من ارضهم وقضم اجزاء جديدة من الأرض الفلسطينية ما نتج عنه ما يعرف بالصراع المسلح في الشرق الأوسط تخللته حروب كثيرة.
وبسبب الصراع المسلح المستمر بين الفلسطينيين واسرائيل بدأ الكلام عن مقترحات لإيجاد حل لهذا الصراع فكان هناك حلان: حل الدولتين وحل الدولة الواحدة.
يرتكز حل الدولتين على قاعدة ان يتراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين وعن حل الدولة الفلسطينية الواحدة وهو ينطوي على اساس قيام دولتين على ارض فلسطين التاريخية هما: دولة فلسطين ودولة اسرائيل.
ترتكز فكرة حل الدولتين على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي صدر بعد الحرب التي قامت بها اسرائيل وادت الى سيطرتها على ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية الذي لا يختلف كثيرا عن قرار التقسيم لعام 1947.
بيد ان العرب عادوا وتبنوا حل الدولتين على الرغم من معارضة البعض منهم لهذا الحل. وفي العام 1974 وهو العام الذي وضع فيه البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني صار الإعتراف بحل الدولتين وبالمبادىء التي قام عليها هذا الحل بحيث شكل هذا البرنامج اساس مفاوضات اوسلو في العام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل, لذا يعتبر اتفاق اوسلو انه اول توافق بين الفلسطينيين واسرائيل على حق الفلسطينيين بأن يكون لديهم دولة خاصة بهم الى جانب دولة اسرائيل.
وتتالت المواقف باتجاه حل الدولتين، ففي العام 1982 تحدث الرئيس الفلسطيني ياسرعرفات ولأول مرة صراحة عن دولتين لشعبين ما اعتبر في حينه انه اول اعتراف بدولة اسرائيل، وكان هذا مطلب اسرائيل للموافقة على حل الدولتين.
واكثر من ذلك ففي العام 2002 قدّم العرب مجتمعين حلا عربيا من خلال ما سمي “المبادرة العربية للسلام” التي قامت على مبدأ الأرض مقابل السلام، اي دولة فلسطينية مقابل علاقات طبيعية بين الدول العربية واسرائيل.
لكن هذا الحل المقبول عربيا ودوليا يواجه اليوم معارضة من قبل اغلب الإسرائيليين ومن فريق فلسطيني هو حركة حماس مع الإختلاف بالأسباب، وفي خطابه الأخير في الأمم المتحدة اعلن نتنياهو ان فكرة حل الدولتين اصبحت من الماضي، وأن المستقبل هو لتطبيع علاقات اسرائيل مع الدول العربية. وتوازياً مع ما تقدم اظهرت استطلاعات الرأي في وقت سابق من هذه السنة تراجعا من الجانب الفلسطيني وكذلك من الجانب الإسرائيلي لفكرة الدولتين لأنه في كل مرة تسير فيها الحلول باتجاه حل الدولتين تحصل جولات جديدة من العنف.
اما الراعي الأميركي لدولة اسرائيل فقد عبر عن رأيه المؤيد عندما قال وزير خارجيته “ان الدولتين لشعبين هو الطريق الوحيد لضمان الأمن الدائم لإسرائيل والوسيلة الوحيدة لضمان تحقيق تطلعات الفلسطينيين المشروعة لدولة خاصة بهم.
ان حل الدولة الواحدة ليس بأفضل حل من حل الدولتين ذلك لأنه يقوم على فكرة انشاء دولة واحدة ديمقراطية حيث لكل مواطن صوت. وإن ثنائية القومية تعزز الشخصية السياسية لكل من الشعبين وتؤدي إلى حماية الأقليات.
لكن حل الدولة الواحدة كما ظهر من التجارب المشابهة لاسيما التجربة اللبنانية اثبتت فشلها الذريع سيما وأن الوضع الفلسطيني نظرا للجرائم البشعة التي ارتكبتها اسرائيل مؤخرا في غزة ورفح والضفة الغربية تُجهض فكرة حل الدولة الواحدة وهذا يعيق العيش المشترك بين الشعبين.
* مدعي عام التمييز سابقاً