بري واستخراج الأرانب من قبعته: خرق رئاسي أم دوران في حلقة مفرغة؟
لا يتوقّف الرئيس نبيه بري عن استخراج الأرانب من قبعته كل فترة من دون تغيير في المضمون، إذ تتركّز كلها على نقطتين: الأولى حوار الزامي يسبق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية والثانية جلسة مفتوحة بدورات متتالية، لكن المدهش لدى بري قدرته على إقناع السفراء الأجانب، رغم عدم تنازله عن شروطه، وهذا ما تعترف به مصادر المعارضة.
لا شك في أن بري ذكي جداً، ويبرع في ممارسة البهلوانيات السياسية، وربما حركته الأخيرة وما حُكي عن مبادرة لم تتضمن أي جديد، إلا انها تقاطعت مع عودة الحركة إلى اللجنة الخماسية التي كانت في عطلة طوال فصل الصيف وأرادت أن تعود إلى الساحة، رغم أنهم مدركة بأن لا انتخابات قبل انتهاء حرب غزة. وتؤكد بعض المعطيات التي توافرت لنا أن اللجنة الخماسية تعوّل على الهدنة الموعودة في غزة، لتمرير الانتخابات الرئاسية في لبنان.
يستطلع سفراء اللجنة الخماسية الاقتراحات لدى القوى السياسيّة، لكن كثر من النواب يستغربون طريقة عمل هذه اللجنة التي من المفترض أنها تمثّل المجتمع الدولي، وعليها أن تقوم بواجبها بالضغط على الثنائي الشيعي، فيما هي عاجزة عن مواجهته والزامه بتطبيق الدستور، بل أحياناً تتبنى وجهة نظر بري.
والمفارقة أن بري يتلاعب في الكلام، ولا يتنازل عن أي شيء، وعندما يشترط الحوار يعني أنه يقترح تعديل الدستور. أما الأمر الوحيد الجديد في طرح بري فهو الشق الثاني من مبادرته أي وعده بأنه سيدعو إلى جلسة انتخابات مفتوحة بدورات متتالية، وخدعة بري، وفق نواب المعارضة، تكمن بأنه كان يقول عن موافقته على الجلسة المفتوحة التي تتضمن ثلاث دورات متتالية ثم يشترط قفل المحضر ويعود إلى جلسة مفتوحة أخرى بثلاث دورات متتالية، ويزعم ان هدفه الحرص على التشريع، ويبدو أن تخلّى أخيراً عن هذا الأمر ووافق على جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس.
لكن المعارضة لا تعتبر تنازل بري الوهمي الذي تروّج له اللجنة الخماسية، هديّة، فهذا أمر يكفله الدستور وبري “يربّح جميلة” للمعارضة من كيسها! وهي ترفض رفضاً باتاً الزامية الحوار وإحضار القوى السياسية المعارضة صاغرة إلى طاولة حوار تتناقض مع المفاهيم الديموقراطية والدستور.
كل ما يفعله بري محاولة للإيحاء للمجتمع الدولي بأنه يبادر فيما المعارضة تعرقل، وتشير المعطيات إلى أن الثنائي الشيعي لا يزال مكانه ولم يقدّم شيئاً، على الأقل، عبر تمسّكه بشروطه الثلاثة: أولاً الزامية الحوار، ثانياً تمسّكه بمرشحه سليمان فرنجية، ثالثاً رفضه للمرشّح الثالث.
لا يزال ملف الانتخابات الرئاسية عالقاً في عنق الزجاجة، وتؤكّد المعارضة أنه لو كان بري والأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله ايجابيان كانا بعثا مع ممثلي “الخماسية” رسالة إلى المعارضة تتضمن خمسة أسماء لمرشّحين، ثم فتح باب التشاور بين النواب خلال الدورات المتتالية، إلا أن الثنائي الشيعي متمسّك بوجهة نظره، وملف الانتخابات يدور في حلقة مفرغة، ويبدو أن هذا الفريق يريد فرض مرشّحه فقط أو الانتظار حتى انتهاء الحرب ليبيع ورقة الرئاسة خلال مفاوضات التسوية.
أما الأمر المريب في كل هذا الموضوع، فيتمثّل ببعض الكتل النيابية والنواب الذين لم يحددوا موقفهم من الانتخابات والمرشحين، و”الخماسية” تكتفي يلعب دور “البروكر” وتنقصها الفعاليّة.
كل ما قيل عن وصول كلمة السرّ من الخارج لإنتخاب رئيس كان وهماً، وإذا لم يتراجع الرئيس بري عن ترشيح سليمان فرنجية أو فتح المجال لمرشّحين آخرين للتنافس الديموقراطي، وإذا لم يتراجع عن بدعة “الحوار”، كل حركة اللجنة الخماسيّة ستكون عقيمة ولن تؤدي إلى انتخاب رئيس ولا من يحزنون.
جورج حايك- لبنان الكبير