بيان مجلس التعاون الخليجي يعكس موقفاً متكاملاً وشاملاً تجاه لبنان

ليس عابرا الحيز المهم الذي اسنحوذ عليه الملف اللبناني في البيان الذي صدر الاثنين 9 الجاري عن مجلس التعاون الخليجي، والذي قرأ فيه مصدر وزاري تصعيدا ايجابيا في الاهتمام العربي لا سيما الخليجي بلبنان، مركزا على الأبعاد السياسية والإقليمية والدولية، وتأثيرها المحتمل على المشهد اللبناني.

قال المصدر لوكالة “اخبار اليوم” ان “من النقاط الاساسية الدعم السياسي والأمني للبنان، اذ تأتي تأكيدات مجلس التعاون الخليجي لدعم سيادة لبنان وأمنه واستقراره في إطار السياسة التقليدية لدول الخليج التي ترى في لبنان شريكاً استراتيجياً في المنطقة. ويشير دعم القوات المسلحة اللبنانية إلى إدراك دول الخليج لدورها الحاسم في الحفاظ على استقرار لبنان وحماية حدوده من التهديدات المتعددة، سواء كانت من جماعات إرهابية أو متطرفة. هذه الإشارة تدل أيضاً على رغبة دول الخليج في الحفاظ على توازن القوى في لبنان، خصوصاً في ظل الصراعات الإقليمية، حيث تلعب القوات المسلحة اللبنانية دوراً مركزياً في تجنب انهيار الدولة”.

اضاف المصدر ” تناول البيان للإصلاحات الهيكلية الشاملة يعني تشديدا على الحاجة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية، وهو ما يعكس رؤية دول الخليج للأزمة اللبنانية بأنها أزمة متجذرة في النظام السياسي والاقتصادي اللبناني. وتدرك دول مجلس التعاون أن لبنان، بتركيبته الطائفية المعقدة والنظام السياسي القائم على المحاصصة، يحتاج إلى إصلاحات عميقة تذهب إلى ما هو أبعد من الإصلاحات الاقتصادية لتشمل النظام السياسي برمته. تأتي هذه الدعوة في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة وانهيار اقتصادي، مما يضع ضغوطاً هائلة على الحكومة اللبنانية لتنفيذ إصلاحات حقيقية واستعادة الثقة الدولية”.

تابع المصدر “ان ما يجدر التوقف عنده ايضا الاشارة الواضحة الى التهديدات الأمنية والمخاطر الإقليمية. ويعكس البيان قلقاً خليجياً واضحاً من أن يصبح لبنان مركزاً للأنشطة الإجرامية والإرهابية، هذا التخوف نابع من الاعتبارات الأمنية لدول الخليج التي ترى في لبنان ساحة للصراع الإقليمي، يمكن أن يمتد تأثيرها إلى دول الخليج نفسها. يضع هذا القلق لبنان تحت المجهر، حيث تعتبر دول الخليج أن عدم قدرة لبنان على ضبط حدوده وأراضيه قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي”.

اكد المصدر على “اهمية تناول البيان الانتهاكات الإسرائيلية والدور الدولي، حيث ان إدانة مجلس التعاون الخليجي للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على لبنان تؤكد موقف خليجي ثابت يدعم لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، وهو موقف متسق مع دعم دول الخليج للقضية الفلسطينية. كما ان التركيز على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 يظهر التزام دول الخليج بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة كإطار لحل النزاعات. هذا الموقف يضع دول الخليج في موقع داعم للبنان في المحافل الدولية، مما يعزز موقف لبنان في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والدولية.

وفي ذات السياق يأتي التشديد على تجنب التصعيد وحماية المدنيين. فتأكيد البيان على ضرورة تجنب التصعيد العسكري يعكس القلق من احتمالية اندلاع حرب جديدة بين لبنان وإسرائيل، والتي قد تكون لها تداعيات كارثية على لبنان والمنطقة بأكملها. التركيز على حماية المدنيين وضبط النفس يشير إلى إدراك مجلس التعاون بأن أي تصعيد قد يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين والمشردين، وهو أمر قد يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في لبنان، الذي يعاني بالفعل من أزمات متعددة”.

اوضح المصدر ان “من النقاط المهمة في البيان تجديد دعم المجموعة الخماسية والانتخابات الرئاسية. لان دعم مجلس التعاون لجهود المجموعة الخماسية، التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، يعكس تنسيقاً دولياً وإقليمياً يسعى إلى حل الأزمة اللبنانية من خلال تسريع الانتخابات الرئاسية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. هذا الدعم الخليجي يعكس أيضاً رغبة في رؤية استقرار سياسي في لبنان، يكون مقدمة لاستعادة لبنان لدوره في المنطقة ولتعزيز علاقاته مع دول الخليج. التركيز على دور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ الأمن يعكس أهمية هذه المؤسسات في الحفاظ على الاستقرار الداخلي، خصوصاً في ظل الفراغ السياسي والصراعات الداخلية.

اشار المصدر الى “تطرق البيان الى الدور الخليجي في إعادة بناء الثقة. فان إشادة مجلس التعاون بجهود أصدقاء لبنان وشركائه، بما في ذلك دول الخليج، في تعزيز الثقة بين لبنان ودول المجلس، تعكس الرغبة الخليجية في إعادة لبنان إلى الحاضنة العربية والخليجية. هذه الجهود تأتي في سياق رغبة دول الخليج في استعادة لبنان لدوره كدولة مستقلة ومستقرة، بعيداً عن التأثيرات الإقليمية التي تهدد استقراره. ويأتي الدعم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في هذا السياق أيضاً، حيث ترى دول الخليج أن هذه المؤسسات هي الضمانة الأساسية لاستقرار لبنان وسيادته”.

اعتبر المصدر ان “بيان مجلس التعاون الخليجي يعكس موقفاً متكاملاً وشاملاً تجاه لبنان، يقوم على دعم سيادته واستقراره، والدعوة إلى إصلاحات جذرية، والتحذير من مخاطر الانجرار إلى صراعات إقليمية قد تكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة. هذا البيان يضع الكرة في ملعب القادة اللبنانيين لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتجنيب لبنان المزيد من الأزمات، فيما تؤكد دول الخليج استعدادها لدعم لبنان في هذه المسيرة، ولكن وفقاً لشروط تضمن تحقيق الاستقرار والإصلاح الفعلي”.

الفقرة المتعلقة بلبنان

وكان المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عقد دورته الحادية والستين بعد المئة، في الرياض يوم الاثنين الفائت، وتطرق الى ملفات المنطقة، وفيما يلي الفيرة المتعلقة بلبنان:

– أكد المجلس الوزاري مواقف مجلس التعاون الثابتة مع الشعب اللبناني الشقيق وعن دعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والإرهابية. مؤكداً على أهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

– أدان المجلس الوزاري الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، وأكد على ضرورة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي يؤكد على ضرورة احترام إسرائيل للحدود اللبنانية وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس لبنان سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.

– أكد المجلس الوزاري على ضرورة تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وحماية المدنيين وضبط النفس، وتجنب الانخراط في النزاعات الإقليمية والحيلولة دون اتساع دائرة النزاع في المنطقة.

– دعم المجلس الوزاري جهود المجموعة الخماسية بشأن لبنان، التي أكدت على أهمية التعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لوفاء الحكومة اللبنانية بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، مشيداً بجهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان.

داود رمال- اخبار اليوم

مقالات ذات صلة