نتنياهو يهرب من أزماته: هل ينزلق الوضع العسكري على جبهة الجنوب إلى مسارات حربية غير مسبوقة؟
هل يريد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الهروب مجددا من الضغط الداخلي المتعاظم، جراء عدم إبرام صفقة تبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية عبر تصعيد المواجهة مع لبنان؟
هذا السؤال تطرحه أوساط ديبلوماسية في بيروت، متخوفة من انزلاق الوضع العسكري على جبهة جنوب لبنان إلى مسارات حربية غير مسبوقة.
وقالت الأوساط لـ «الأنباء»: «قرار نتنياهو بإعطاء الأوامر للجيش وأجهزة الأمن للاستعداد لتغيير الواقع على الجبهة الشمالية مع لبنان يعكس تصعيدا خطيرا في سياسة إسرائيل تجاه لبنان، خصوصا ان هذا القرار يتزامن مع تصريحات لمسؤول أمني إسرائيلي كبير تشير إلى ان حملة عسكرية ضد لبنان أصبحت وشيكة، على رغم عدم تحديد توقيتها بعد. كما تزامنت هذه التصريحات مع تهديدات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش بتوجيه ما سماه ضربة قاتلة للبنان، ما يزيد من حدة التوترات في المنطقة».
وأوضحت الأوساط ان خلفيات القرار يمكن ربطها بعوامل عدة أبرزها:
٭ أولا: الوضع الأمني الداخلي في إسرائيل، اذ تعاني إسرائيل في الأشهر الأخيرة من تصاعد التوترات الداخلية، سواء بسبب الاحتجاجات ضد الحكومة أو التهديدات الأمنية المتزايدة من عدة جبهات. وبالتالي تأتي قرارات نتنياهو في سياق محاولاته تعزيز موقفه السياسي وتوجيه الأنظار نحو التهديدات الخارجية لتوحيد الصف الداخلي.
٭ ثانيا: تصاعد التهديدات من قبل حزب الله، كون الحزب عزز من وجوده العسكري على طول الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وأظهر تباعا قدراته المتزايدة على تهديد العمق الإسرائيلي من خلال ترسانته الصاروخية المتطورة. هذه التحركات تستغلها إسرائيل لجعل خيارات التصعيد العسكري أمرا واقعا بذريعة ردع حزب الله.
٭ ثالثا: الضغوط الأميركية والدولية، على رغم التوترات المتزايدة، هناك ضغوط أميركية ودولية على إسرائيل لضبط النفس في مواجهة حزب الله، خصوصا في ظل التركيز الدولي على الحرب في غزة. ومع ذلك، تشير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين إلى أن تل أبيب قد تكون مستعدة لتجاوز هذه الضغوط في حال تعرضت لتهديد وجودي من الجبهة الشمالية.
٭ رابعا: إعادة المستوطنين إلى الشمال. ويشير قرار إعادة المستوطنين إلى شمال إسرائيل إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستعد لاحتمال اندلاع صراع واسع النطاق، وهذا القرار يحمل رسالة واضحة لحزب الله مفادها أن إسرائيل لن تتردد في استخدام القوة العسكرية الكبيرة إذا اقتضى الأمر.
وتناولت الأوساط التهديدات الإسرائيلية وعلاقتها بتصعيد محتمل، وقالت ان «تهديد سموتريتش بتوجيه «ضربة قاتلة» للبنان يأتي كجزء من سياسة التصعيد المتبعة من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تسعى إلى إبقاء الخصوم في حالة من القلق والتردد، وهذه التصريحات يمكن وضعها في خانة تعزيز الردع ولكنها في الوقت ذاته قد تدفع بالأوضاع نحو صدام لا يمكن التنبؤ بتداعياته».
اما عن الاحتمالات المستقبلية، فقد أشارت الاوساط إلى احتمال من ثلاثة:
1 ـ عملية عسكرية محدودة، قد تلجأ إلى تنفيذها إسرائيل وتهدف إلى تدمير قدرات «حزب الله» المتنامية دون التورط في حرب شاملة.
2 ـ تصعيد شامل: في حال استمرار التصعيد من قبل «حزب الله»، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى القيام بحملة عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى تغيير الواقع الأمني على الحدود الشمالية بشكل جذري.
3 ـ التوتر الدائم: قد تستمر حالة التوتر على الحدود الشمالية لفترة طويلة، دون اندلاع حرب فعلية، مع استمرار التهديدات المتبادلة والعمليات المحدودة.
واعتبرت الأوساط ان «قرار نتنياهو والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة تجاه لبنان، يعكسان رغبة إسرائيل في الرد على التهديدات الأمنية المتزايدة من حزب الله. إلا أن هذا التصعيد قد يقود إلى صدام لا يمكن معرفة عواقبه. وستكون التحركات العسكرية والديبلوماسية المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت المنطقة ستشهد تصعيدا كبيرا أو ستتمكن القوى الدولية من احتواء الوضع».
داود رمال – الانباء الكويتية