هل يصوّت الحزب ضدّ ترامب “برئيس في بعبدا”… وهل من خرق رئاسي يُنزل الجميع عن الشجرة؟

بعد الردّ الصاروخي للحزب على إسرائيل توالت الاتصالات الدبلوماسية لاستيعاب المشهد الأمنيّ. وهكذا حصل. سارعت إسرائيل إلى “القبول” بعدم الردّ على الردّ، وتحدّثت الكواليس الدبلوماسية عن رغبة الحزب بإنهاء هذه الحرب. فجاءت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤكّدة لرغبة لبنان بالذهاب إلى تطبيق القرار الدولي 1701 وإنهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان. سرعان ما التقطت عواصم الدول المعنيّة مباشرة بلبنان هذه اللحظة واعتبرتها مناسبة لإحداث خرق رئاسي يُنزل الجميع عن الشجرة. فباشرت بتحرّك متجدّد عبر تصريحات عدد من سفراء الخماسية وعبر الإعلان عن عودة الخماسية في منتصف أيلول للانعقاد.

الأهمّ اجتماع الرياض هذا الأسبوع وإمكانية زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بيروت في حال الوصول إلى إيجابيات مشتركة في الرئاسة. فعلى ماذا تراهن الخماسية لنجاح مسعاها هذه المرّة؟ وما الذي تغيّر في حسابات الثنائي للذهاب إلى تسوية؟

رهان الخماسيّة: من عُمان إلى بيروت

في عُمان تتحدّث مصادر دبلوماسية عن جدّية في التفاوض الأميركي الإيراني بناء على أكثر من اعتبار :

– أوّلاً: إنّ الطرفين من مصلحتهما معالجة أكثر من ملفّ قبل انتهاء عهد الرئيس جو بايدن. الحزب الديمقراطي له مصلحة في صرف ذلك انتخابياً، وطهران لها مصلحة بعدم وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة.

– ثانياً: كلام ترامب لنتنياهو بضرورة إنهاء الحرب قبل وصوله إلى البيت الأبيض.

– ثالثاً: مشارفة الحرب على الانتهاء في غزة.

– رابعاً: اقتناع الإيرانيين والحزب بأنّ استمرار الحرب على لبنان ستضعف الحزب أكثر وستعرّضه لمزيد من الخسائر النوعية، وتالياً اقتراب التسوية الكبرى من طهران إلى بيروت.

تنطلق من هذه النقاط الأربع مصادر الخماسية في بيروت للقول إنّ شهر أيلول قد يكون مناسباً لإحداث خرق رئاسي. ولذا تتحدّث معلومات “أساس” أنّ اجتماع منتصف أيلول للّجنة سيحدّد آليّة التواصل مع القوى اللبنانية على أن يبدأ النقاش هذه المرّة في المقبول من الأسماء وغير المقبول.

تعوّل هذه المصادر على وصول الحزب إلى قناعة بعد كلّ ما أصابه في هذه الحرب بضرورة الذهاب إلى تسوية تحفظ له إعادة إعمار الجنوب. عبر انتخاب رئيس يفاوض على ترسيم برّي مقبل ويشرف على مرحلة جديدة من الحوار الجدّي. اللافت في هذه السردية إشارتها إلى كلام الأمين العامّ للحزب حسن نصرالله عن أنّ الصواريخ الثقيلة تمّ نقلها من الجنوب، وتحدّثها عن إشارات بدأت تمهّد للملمة الساحة الداخلية التي تعاني شرخاً طائفياً حادّاً جدّاً.

الثنائيّ: ما الذي تغيّر لانتخاب رئيس؟

في المقابل، تبدو الأجواء المحيطة بالثنائي أقلّ تفاؤلاً من الخماسية. قالت مصادر مقرّبة من الثنائي لـ”أساس” إنّها سترحّب بكلّ المبادرات وستتعامل معها بإيجابية. ولكنّها تضيف أنّها لا ترى شيئاً قد تغيّر في المعادلات أو في الحرب على غزة لتمرير الرئاسة. وإن قال بري إنّ الرئاسة منفصلة عن حرب غزة فكلّ القوى الداخلية والخارجية باتت مدركة لمدى ارتباط الميدان بالرئاسة. ولذا ربط غزة بالجنوب يعني ربطهما معاً بالرئاسة. في مفهوم الثنائي لا يزال مرشّحهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ولا تراجع عنه ما لم يحدث تغيّر في التوازنات الحالية وتنتهِ الحرب. أمّا الكلام عن استغلال اللحظة قبل الانتخابات الأميركية، فيستعيد الثنائي مناخات المرحلة التي كانت قبيل انتخاب ميشال عون رئيساً. ويقول إنّ هذه اللحظة يمكن أن تتكرّر عبر انتخاب سليمان فرنجية رئيساً. وأمّا الذهاب إلى الخيار الثالث فهو أمر يمكن وضعه على الطاولة في حال وصول ترامب إلى الرئاسة.

أيّ أمل للخرق؟

في المقابل، تتحدّث مصادر سياسية عن مرونة بدت في ورقة الحكومة الأخيرة المنسّقة بكاملها مع الحزب قائلة إنّ أيّ هدنة في غزة يمكن أن تؤدّي إلى انتخاب رئيس في لبنان. والثمن المعروض على الطاولة للحزب كبير لكن محصور في الجنوب، من خلال إعادة إعمار جنوب لبنان وتحرير الأراضي المحتلّة وتثبيت الحدود وإعطاء الحزب انتصار التحرير والتثبيت واستعادة التنقيب وإعادة الإعمار.

هل تشهد الأيام المقبلة خرقاً إيجابياً يقرّر من خلاله الحزب اختيار مسار الخروج من الأزمة تدريجياً عبر انتخاب رئيس حتى ولو كان الرئيس المقبل ليس مرشّحه الأساسيّ؟

تقول مصادر سياسية إنّ المساعي الحالية تعمل على إنضاج هذا المخرج بانتظار حسم الملفّ قريباً، سلباً أو إيجاباً. لا سيما أنّ التصعيد والتهديد الإسرائيليَّين تجاه لبنان لم ينتهيا بعد.

في الأيام القليلة الماضية، أعلنت جارة الولايات المتحدة الأميركية، كندا، أنّها مستعدّة للمساعدة في إعادة إعمار الجنوب.

تزامناً مع ذلك، تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ الحزب يعلم أنّه لن يستطيع أن يحكم بمرشّحه فرنجية لأنّ ظروفه ستكون صعبة جداً. ويعلم أيضاً أنّ عدم وصول فرنجية أمر مفروغ منه في العهد الديمقراطي أو الجمهوري. ولذا تترقّب اللجنة الخماسية منه موقفاً مرناً لبدء مسار يحتاجه الحزب أوّلاً تماماً كما يحتاجه البلد.

جوزفين ديب-اساس

مقالات ذات صلة