لهذه الأسباب فُصلت الردود…بين قوى المحور!
رغم ان الحرب في الجنوب مستمرة منذ 11 شهراً، إلا أن ما عايشه الجنوبيون فجر الأحد الماضي لم يعايشوه من قبل، فمع دقائق الفجر الأولى ظنّ الجميع أن الحرب قد قامت، حتى ان بعض الجهات الرسمية في الجنوب تواصلت مع مسؤوليها لتبلغهم بأن العدو الإسرائيلي قرر الدخول بعملية برية، يحضّر لها من خلال كثافة الغارات التي حصلت، ليتبيّن لاحقاً أن ما كان يجري هو تنفيذ المقاومة لردها الموعود على عملية اغتيال السيد محسن.
منذ اغتيال القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، في الغارة الجوية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية، كان الجميع، في لبنان والمنطقة، في حالة ترقب للرد الذي كان الحزب قد أكد أنه سيقدم عليه، نظراً إلى التداعيات التي كان من الممكن أن تترتب على ذلك، على اعتبار أن ما أقدمت عليه “اسرائيل” كان من خارج قواعد الاشتباك المعمول بها، لذلك انشغل العالم بمحاولة الحصول على تفاصيل الرد وشكله بالإضافة الى إطلاق التحذيرات والتهديدات من أن يؤدي الرد الى حرب أوسع.
من حيث المبدأ، الرد الذي أقدم عليه “حزب الله”، فجر الأحد الماضي، كان مدروساً بدقة، بشكل لا يجر هذه الجبهة إلى المواجهة المفتوحة بين الجانبين، وهو ما أكدت عليه المواقف التي تلت الإعلان عنه، سواء تلك التي صدرت عن الحزب أو عن قيادات سياسية وعسكرية في تل أبيب، وكان أبرزها دعوة أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله النازحين للعودة الى لمنازلهم والهدوء، وهنا المقصود بالنازحين من غير مناطق الجنوب التي تشهد نزوحاً منذ تشرين الأول الماضي، وتحديداً في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ما تقدم، يقود بحسب مصادر متابعة إلى معادلة أن المواجهات على هذه الجبهة ستعود إلى المرحلة التي كانت عليها قبل إغتيال شكر، من دون أن يعني ذلك أنها لن تشهد، بين الحين والآخر، بعض التصعيد، لكن، وفق المعطيات الحالية، ضمن السقف نفسه الذي لا يقود إلى المواجهة المفتوحة، بانتظار الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، نظراً إلى أن العمليات العسكرية في الجنوب، قبل ذلك، لن تتوقف مهما كان الثمن.
وترى المصادر أن رد الحزب تُدرك أهميته “اسرائيل” نفسها، فمجرد وصول المسيرات الى هدفها على حدود تل أبيب، بظل استنفار اسرائيلي وغربي كامل وشامل، هو الرسالة والرد، بالإضافة الى الشجاعة في تنفيذ العملية رغم كل التهديدات التي كانت قائمة، ورغم كل الحشد الأميركي العسكري في المنطقة، مشيرة الى ان الحزب، وبعد إفساح المجال بعض الشيء للتفاوض، أراد من خلال تنفيذ الرد في هذه المرحلة أن يُريح بيئته بخاصة في الضاحية الجنوبية، لأن البيئة كانت تتحضر للرد وما يليه من رد اسرائيلي.
بعد اغتيال السيد محسن كان هناك خشية من أن تتحول الجبهة اللبنانية من جبهة مساندة الى جبهة حرب قائمة بذاتها، وبعد العملية أعاد السيد نصر الله بخطابه الواقعي والهادىء، بعيداً عن العواطف، الجبهة الى الأصل الذي انطلقت منه كجبهة إسناد لغزة، وتكشف المصادر أن الهدوء في خطاب السيد نصر الله لا يعني إطلاقاً أن الحرب انتهت، ولا حتى أن الجبهة اللبنانية ستتوقف عن العمل، بل يدرك الحزب أن الجبهة ستشهد تصعيداً في بعض الفترات، علماً أنه بعد فشل مفاوضات الدوحة والقاهرة، سيلجأ المحور الى التصعيد لفرض المزيد من الضغوط على الاسرئيلي، وهنا أصل فصل الردود بين قوى المحور.
كان هناك فكرة أساسية بشأن الرد بأن يكون رداً موحداً من جهات ثلاث، ولكن كان لهذا الرد سلبيات أبرزها احتمال نقل الصراع من مرحلة الى أخرى وتصعيد الحرب في المنطقة ككل وتحقيق هدف نتانياهو الاستراتيجي بجر المحور لحرب مع أميركا، لذلك تقرر فصل الردود، وبحسب المصادر فإن هذا الفصل له إيجابيات أبرزها إبقاء “اسرائيل” في حالة ترقب واستنفار وانتظار، وهذا يسبب لها خسائر كبيرة ويشكل ضغطاً عليها، كذلك إبقاء مسألة الردود، خاصة من إيران، بخانة الضغط الدولي الذي كان سبباً بالأصل بإعادة إطلاق المفاوضات.
قد لا يلبّي رد المقاومة طموح الجمهور، أو بعض الجمهور، ولكنه في هذه المرحلة يلبي بكل تأكيد المصلحة الاستراتيجية للمحور، أما انتهاء الحرب وعودة الهدوء فهذا لا يزال غير واضح الأفق.
محمد علوش- الديار