نتنياهو بين «الحفرة» و«الحظيرة»… أين المفر!
بدت الساعات القليلة التي سبقت تنفيذ حزب الله المرحلة الأولى من الرد، على اغتيال الشهيد فؤاد شكر في استهداف مباشر لشقته في الضاحية الجنوبية لبيروت، قبل أقل من شهر، وكأن الردّ سيحدث في الوقت الذي حدث، وهي مناسبة عزيزة على حزب الله وجمهوره، ذكرى أربعين الامام الحسين، ووسط انشغال دبلوماسي في القاهرة لانتشال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، ووقف النار في غزة من «الحفرة العميقة» التي أوقعها فيها بنيامين نتنياهو، والذي أمضى ليلة ردّ الحزب في حفرة (الكارياه) مع وزير دفاعه، الذي يرتبط بخصومة موصوفة معه، على خلفية حرب غزة.
كانت قيادة الحرب الاسرائيلية، التي تواصلت اجتماعاتها، بمشاركة نتنياهو وغالانت ورئيس الاركان هيرسي وكبار الضباط في رئاسة أركان القوات الجوية والمنطقة الشمالية، لديها ما يشبه اليقين بأن ردّ المقاومة الاسلامية مسألة وقت ليس إلَّا.
وحسب ما نقل موقع «اكسيوس» عن مسؤولين أميركيين فإنهم كانوا على مدار الـ48 ساعة الماضية في أجواء معلومات استخباراتية تظهر أن حزب الله يستعد لشن هجوم وشيك.
عند الفجر، صبت صواريخ الحزب (320 صاروخاً) في رد، وصفته المقاومة الاسلامية «بالأولي» رداً على العدوان الغاشم على الضاحية الجنوبية، والذي أدى الى استشهاد شكر.
وأشار البيان الى ما وصفه «بالهجوم الجوي» بعدد كبير من المسيَّرات نحو العمق الصهيوني واتجاه هدف عسكري نوعي، محذرة من المس بالمدنيين في أي ردّ اسرائيلي..
وذكرت وسائل الاعلام العبرية عن اطلاق اكثر من 200 صاروخ وعدد من الطائرات من دون طيار. وسمعت انفجارات ضخمة في منطقة صفد..
وفي الجنوب الأمامي، لم توفر طائرات الإحتلال ولا مدافعه القرى الحدودية من القطاع الغربي إلى الأوسط والشرقي، واتخذت دولة الاحتلال إجراءات بمنع التجمعات السكنية بدءاً من تل أبيب الكبرى الى شمال اسرائيل، وطالب الجيش الاسرائيلي السكان بالاستجابة للتعليمات الأمنية في ظل تهديد حزب الله، فيما توقفت حركة المطارات في المنطقة، وأقفل مطار بن غوريون بوجه الركاب والرحلات.
وفي محاولة لرفع معنويات جنوده وجيشه، زعم الجيش الاسرائيلي انه نفذ «ضربة استباقية»، وهو ما وصفه السيد حسن نصر الله في خطابه مساء امس، في تنفيذ دقيق لسير العمليات.
في المنطقة يتحرك الأميركي لإنقاذ المفاوضات، واعلان توقف الحرب في غزة، وهو أرسل الى المنطقة على عجل قائد المنطقة الوسطى، في مهمة متعددة، في الوقت الذي طلبت فيه السفارات الأميركية من كل رعاياها في البلدان المحيطة باسرائيل، وفي اسرائيل نفسها بالاختباء أو المغادرة على عجل.. مع التمسك باستمرار المفاوضات في القاهرة، حيث تعقد اجتماعات بمباركة مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر ومدير المخابرات المصري، ووفد أمني- عسكري اسرائيلي، يضم مدير الموساد ورئيس الشاباك، وضابط عن الجيش الاسرائيلي.
يتحدث الجيش الاسرائيلي عن وقف الرد على ضربات حزب الله، معتبرا ان كرة التهدئة في ملعب الحزب، في وقت انتقل الثقل في ادارة الحرب من غزة الى جنوب لبنان، او الحرب مع لبنان، حيث اصبح الوضع برمته على برميل بارود.
وحسب صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية فإن حزب الله، كان يستهدف من بين ما يستهدف القاعدة العسكرية في غليلوت حيث يتواجد مقر الموساد ومقر الوحدة 8200.
وبصرف النظر عن حجم ما حصل، سواءٌ على مستوى النتائج التي أسفرت عنها الضربات التي نفذها حزب الله، أو وردت بإطار الاستهدافات الاسرائيلية للقرى والبلدات الجنوبية، فإن المشهد الساخن، ولو تراوح بين الإشغال والنار تحت الرماد، يشكل أداة ضغط، تستخدمها الاطراف، بما فيها الموساد والشاباك والجيش الاسرائيلي كذلك لإنزال نتنياهو عن شجرة الحرب التي لا تنتهي في غزة، والقبول بصفقة لا تتوِّجه بطلاً، بل خائباً من حرب دمر فيها شعباً وقطاعاً ومؤسسات من دون أن يظفر بأيٍّ من الاهداف التي رسمها..
ولعلَّ الإدارة الأميركية التي تكرر بمناسبة، وبلا مناسبة التزامها بأمن اسرائيل، تشعر بسخونة النار في المنطقة كعامل من شأنه ان يضعف صلف نتنياهو، وقد يعيده الى «الحظيرة» بدل البقاء في «الحفرة».
من حظيرة الإذعان لأوامر واشنطن الى «حفرة» الحرب التي جعلت من نتنياهو «جنرالاً ميتاً»، ولو ارتدى ثياب الميدان، يمضي الترقب قدماً: من معرفة ردّ إيران، حدوده ومداه وتوقيته، وردّ «جماعة الحوثي» في اليمن، وانتظار مسار التفاوض في حلقته الراهنة، الى ما يمكن ان ينجم عن الموقف بعد «الرد الأولي» للحزب، ومزاعم الضربات الإستباقية للكيان.
اللواء