“التيار” و”القوات” وجهاً لوجه مجدداً

مرّت أشهر ولم تُنجز وثيقة بكركي “الوطنية”، وعلى الرغم من الاعتراض على تسمية سلاح “حزب الله” غير الشرعي من عدمه، كان لافتاً حديث رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل في الساعات الماضية، عن هذه الوثيقة، وأن “التيار” قدم ضمن إجتماعات وثيقة بكركي، ورقة عمل خطية تحت عنوان “الصمود والشراكة”، اقترح فيها خطة مواجهة باجراءات عملية، وخطوات إعلامية وسياسية وبرلمانية وقضائية وشعبية واقتصادية على الصعيدين العام والخاص، وعلى مستوى الكنيسة والعلمانيين. ورأى وجب العودة الى الدستور والقوانين مع عدم انتخاب الرئيس.

وهذا يطرح عدّة تساؤلات حول هذا الخطاب والى من يوجهه باسيل، الى “القوات” الرافضة عدم تسمية سلاح “حزب الله”، أم الى البطريركية التي تحاول من دون جدوى حلّ هذه الأزمة وإصدار وثيقتها “الوطنية”؟ وماذا عن الاجتماع الأخير الذي كانت دعت اليه بكركي قبل ما يقارب الشهر؟

وفق المعطيات التي حصل عليها “لبنان الكبير” من مصادر مطلعة على الوثيقة المُعدّة، فإن “بكركي قبل شهر تقريباً دعت الى إجتماع لكنه لم يعقد نتيجة إعتذار ممثلي التيار عن الحضور في اللحظة الأخيرة، على عكس ممثلي القوات اللبنانية”.

وبعد كلام باسيل الأخير، قالت أوساط معينة بهذه الوثيقة لـ”لبنان الكبير”: “القضية التي تُهدد الوجود هي بقاء السلاح غير الشرعي، فهل باسيل مستعد لمعالجة هذه المسألة بجدية أم سيبقى خاضعاً له؟ وكل ما تقدم به بلا قيمة، وهذه النقاط كلها لتغطية حاله، والأهم هل هو مع بقاء الدويلة والسلاح غير الشرعي أو مع تسليمه؟ فليُجبنا عن هذه النقطة، وهذه رسالة همومها على طريقته، فلنتحدث بكل شيء باستثناء سلاح الحزب”.

واعتبرت الأوساط أن ورقة “الصمود والشراكة”، يقصد بها باسيل “تضييع البوصلة والأساس، فهو غير مستعد لبحث موضوع مواجهته للدويلة ونزع السلاح، وجرى طرح العديد من الأفكار والتي وقفت عند النقطة التي تهربوا منها، ويريدون ربطها بشروط أخرى، منها أنه عندما يصبح الجيش قادراً على محاربة إسرائيل الحزب يُسلم سلاحه، وعندما لا يعود هناك أي سلاح غير شرعي، الحزب يُسلم سلاحه”، موضحةً أن “الوثيقة موجودة لدى غبطة البطريرك بشارة الراعي”.

وتعقيباً على إتهامهم بأنهم من رفضوا حضور الاجتماع الأخير في بكركي، ورفضوا تسمية سلاح “حزب الله”، علق عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطا الله على ذلك في حديث الى “لبنان الكبير” بالقول: “من لديه نية داخلية للقيام بإنتصار على فريق لبناني، فليقم به وحده. نحن لا نريد القيام بإنتصار على فريق لبناني، ومن ينتظر أن يستعين بالخارج لينتصر على فريق لبناني، فلينتظر وحده. نحن لا نريد أن ننتظر عند ضفة النهر، لنرى لبنانيين آخرين يقعون فيه، ونحن نريد مدّ الجسور ليمر الجميع ونذهب نحو الأمان، والأفكار التي أوصلتنا الى العام 1975 لا نريد العودة اليها، لأننا تعلمنا منها، ونقول ليس بهذه الطريقة يتعاطى الآخر في أي ملف بل التعاطي يكون بالقانون والدستور والحوار والتلاقي وليس بالرفض والتعنت والاستعانة بالخارج للقضاء على فريق معين، والمؤكد أننا لن نكون في أي لحظة مشاركين باثارة أي فتنة داخلية”.

أضاف عطا الله: “في هذه الظروف وبهذه الطلبات يكونون يقدمون pass لاسرائيل من أجل القيام بحرب، وماذا نقول للفريق الآخر، جعلنا الاسرائيلي يقوم لنراك تذبح أمامنا؟ واليوم يجب أن يكون للمسؤول وعي، نحن كتيار لا نريد أن نعزل أحداً ولا نؤذي أو نضر أحداً من اللبنانيين، هذا فريق لبناني يمكننا الوصول معه بالحوار الى أمور أكثر من ذلك، ونحن نقول هذا الكلام بيننا وبينهم واليوم نحن في حرب، وهناك شهداء يسقطون، وليس الظرف مناسباً لفتح هذا الملف والتحدث عنه بهذا الشكل الاستفزازي”.

ورأى عطا الله أن “المطلوب من الراعي أن يجد صيغة تجمع أكثر، وتكون لديه مبادرة جامعة، وكلام واضح في ما يخص إنتخاب الرئيس، وهذه الوثيقة لبكركي لكي نتمكن من الوصول الى نتيجة في موضوع انتخاب الرئيس. الوضع في البلد يزيد إنهياراً وفي غياب الرئيس لم يتحسن، والأمور غير ماشية، واليوم نعيش انهياراً كبيراً جداً، وخطر الحرب على الأبواب وبالتالي يتوجب على أحد أن يدق ناقوس الخطر، ونحن الفريق الأكثر مبادرات في كل لبنان، ومددنا جسوراً بين الفرقاء لاقناع أكبر عدد ممكن بأن البلد عاجز عن الاكمال بهذا الشكل، واليوم بعد الوصول الى حائط مسدود، النائب باسيل يحذر من أنه لا يمكننا البقاء هكذا”.

يبدو أن هذه الوثيقة، ستبقى موضع أخذ وردّ طالما أن كل طرف متشدد في آرائه، فـ “القوات” لا تريد سوى تسمية السلاح غير الشرعي، و”التيار” لن يقبل بتسميته، اذ لطالما كان حليف “حزب الله” وصديقه اللدود، فماذا عن كل هذه الطلبات التعجيزية، وهل ستتمكن بكركي من حل هذا الخلاف والوصول الى نقطة تنهيه وتصدر الوثيقة “الوطنية” التي تمثل آراء المسيحيين ليلاقيهم الطرف الآخر؟

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة